23/07/2014 - 18:10

البيع في الشارع مهنة دونها صعوبات في الخرطوم

يدخل شاب سوداني أحد يديه المحملتين بساعات حائط عبر نافذة سيارة أجرة ومن ثم رأسه، طالبا من الركاب أن يعرضوا سعرًا لشرائها، ويقول مخاطبًا أحد الركاب "سعر جيد لك"، ويسأل "كم من الدولارات؟" آملًا بعرض جيد، على الجانب الآخر من السيارة يتفاوض سائق سيارة الأجرة مع بائع آخر لشراء مصابيح رخيصة.

البيع في الشارع مهنة دونها صعوبات في الخرطوم

يدخل شاب سوداني أحد يديه المحملتين بساعات حائط عبر نافذة سيارة أجرة ومن ثم رأسه، طالبا من الركاب أن يعرضوا سعرًا لشرائها، ويقول مخاطبًا أحد الركاب "سعر جيد لك"، ويسأل "كم من الدولارات؟" آملًا بعرض جيد، على الجانب الآخر من السيارة يتفاوض سائق سيارة الأجرة مع بائع آخر لشراء مصابيح رخيصة.

ويشكل الباعة في شارع المك نمر في وسط الخرطوم، أكثر شوارع العاصمة ازدحامًا، متجرًا كبيرًا جوالًا يخدم سائقي السيارات وركابها العالقين في زحمة السير، فأصحاب السيارات يمكنهم من دون أن يغادروا سياراتهم، شراء الصحف والنظارات التي تساعدهم على القراءة والمناديل لتنظيف اليدين من حبر الجرائد بعد الانتهاء من قراءتها.

ومجموعة السلع التي يحملها الباعة تتغير وفقًا للمواسم وهي تشمل بين جملة ما تشمل، آلات حلاقة كهربائية، عدة لصيد الأسماك يؤكد مروجها أن بالإمكان استخدامها في نهر النيل عند آخر الشارع.

ويعرض الباعة أيضًا مجموعة كاملة من أدوات المطبخ ، أكواب وصحون وألواح لتقطيع الخضار واللحوم، ويطلقون طائرات في الهواء على أمل ان تلفت انتباه اطفال الذين يمرون مع ذويهم.

وينتشر الباعة المتجولون في كل أرجاء القارة الإفريقية، ويعكسون في السودان الوضع الاقتصادي في البلاد التي بلغت نسبة بطالة الشباب فيها 34 % في العام 2011 ، وفقا لتقديرات حكومية أوردها تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي صدر في آذار (مارس) الماضي.

وجاء في التقرير أن نصف سكان السودان يعيشون في حالة فقر، مضيفًا أنه مع انفصال جنوب السودان الذي يضم غالبية إنتاج النفط قبل ثلاث سنوات، زادت حدة الفقر في السودان.

ويؤكد الباعة المتجولون في الخرطوم وبعضهم مراهقون، إن التسلل بين السيارات وتجنب عناصر الشرطة والعمل في ظل شمس حارقة مع حرارة تفوق الأربعين درجة مئوية، ليست الحياة التي حلموا بها.

ويقول مجدي محمد (23 عاما): "ليس لدي خيار اخر، فالعلامات التي حصلت في نهاية المدرسة الثانوية لم تؤهلني دخول الجامعة ولم أجد عملًا آخر".

وولد محمد في عائلة مزارعين في ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم التي أدى نقص الاستثمارات فيها إلى تداعي البنية التحتية الزراعية فيها على ما يؤكد محللون. والآن يجوب مجدي شارع المك نمر ذهابًا وإيابًا محاولًا بيع آلات بلاستيكية لقطع الخضار.

في الأيام السيئة لا يجني أي قرش، أما في أفضل الأيام قد يحصل مئة جنيه سوداني (تساوي 10,75 دولارات)، ويؤكد أن البيع تحسن منذ بداية شهر رمضان.

ويقول: "أعتقد أن ذلك عائد إلى أن الناس لا يستطيعون الذهاب للسوق وهم صائمون"، مضيفًا "أسعارنا أقل من السوق"، ما قد يشكل حافزا للمشترين الذين يعانون من التضخم الذي بلغ وفق لتقارير حكومية، 45,2 % في حزيران (يونيو).

قد تكون أسعارهم أفضل إلا أن الباعة المتجولون يحاولون استغلال المارة ايضا، فالبائع تمكن من بيع مصابيح بعشرة جنيهات لسائق سيارة اجرة بينما كان يطلب في البداية 25 جنيهًا.

ويؤكد حسن مبارك العالق في زحمة السير أن الأسعار هنا أرخص موضحًا إنه سبق له أن اشترى من الباعة الشباب، ويوضح "أحيانا أشتري أشياء صغيرة لا تحتاج للذهاب لمحل لشرائها"، لكن حسن وغيره يشتكون من نوعية السلع الرديئة..

ويوضح مجدي أن الباعة المتجولين يحصلون على البضائع من تجار في وسط الخرطوم ومن سوق أم درمان المدينة التوأم للخرطوم، من دون أن يدفعوا ثمنها، ويسددون القيمة بعد بيعها مع الاحتفاظ بربح لهم.

ويواجه الباعة المتجولون خطر خسارة المال في حال صادرت الشرطة البضاعة في إطار تضييق الخناق على البائعين الجوالين.

ويقول عمر حسين (19 عاما) من شمال كردفان والذي يعمل في الشارع منذ سنة ونصف السنة: "علينا أن نركض بسرعة لأننا لا نملك السلع"، ويضيف عمر الذي يبيع الليمون الأخضر "العمل صعب جدًا تحت أشعة الشمس الحارة، كما أن التنقل بين السيارات خطر وبعض زملائنا أصيبوا في حوادث مرورية".

ويدرك القادم الجديد عصام علي (15 عاما) هذه المخاطر بعدما أتى قبل ثلاثة اشهر من الجزيرة إثر وفاة والده، ويقول عصام: "البيع في رمضان أفضل من فترات السنة الأخرى ويراوح الدخل بين 50 إلى 75 جنيها ولكن بعد أن نسدد قيمة الطعام والسكن لا يبقى لنا إلا القليل".

ويضيف: "قبل رمضان كنت أبيع مياه الشرب، والآن أبيع المناديل، وأبلغت من القدامى بأنه علي أن أعرض ملابس الاطفال في نهاية رمضان وزينة للمنازل التي يشتريها الناس للاحتفال بعيد الفطر".

اما إسلام حسن (17 عاما) فيبيع مفارش الصلاة، وقد هجر مقاعد الدراسة لمساعدة إخوته الصغار في حين يعاني والده المرض، ويقول إسلام: "أنا لست راضيًا عن هذا العمل، حلمي العودة مرة أخرى للمدرسة ولكن يبدو ذلك مستحيلًا".

وتقول سوسن بشير الواقفة في سيارتها في الشارع "انها مأساة" مضيفة "ما يجعلني حزينة أن هؤلاء الصغار يجب ان يكونوا في المدرسة، إنهم موارد مهدورة".

 

التعليقات