31/07/2014 - 10:20

الحرب الأهلية ما زالت حاضرة في السينما اللبنانية بعد 24 عاما على انتهائها

تبقى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) بعد مرور 24 عاما على انتهائها، مادة دسمة للسينما اللبنانية الحديثة، في ظاهرة يرى فيها صانعو الأفلام والخبراء محاولة لتطهير الذاكرة الجماعية، أو لتجنب تكرار التجربة السوداء في بلد يشكل مسرحًا دائما للأزمات السياسية والأمنية.

الحرب الأهلية ما زالت حاضرة في السينما اللبنانية بعد 24 عاما على انتهائها

تبقى الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) بعد مرور 24 عاما على انتهائها، مادة دسمة للسينما اللبنانية الحديثة، في ظاهرة يرى فيها صانعو الأفلام والخبراء محاولة لتطهير الذاكرة الجماعية، أو لتجنب تكرار التجربة السوداء في بلد يشكل مسرحًا دائما للأزمات السياسية والأمنية.

ويقول المخرج وأستاذ مادة السينما هادي زكاك، إن السينما اللبنانية الجديدة التي ولدت في العام 1975" اتخذت منحى مختلفا وارتبطت كثيرا بالحرب في المرحلة الاولى."

ويضيف زكاك، صاحب الفيلم الوثائقي "سينما الحرب في لبنان"، إن "استمرار الحرب كموضوع سينمائي يعود إلى أن اسبابها، سواء كانت طائفية أو اجتماعية أو اقتصادية، لم تتغير، ولأن الحرب تتكرر كل يوم على أرض الواقع ولو بأسماء اخرى".

إلا أنه يشير إلى أن "المجتمع اللبناني مل من معالجة الحرب بطريقة معينة، فصورة الحرب ليست فقط في بناية مثقوبة أو مدمرة، ولكن في المجتمع وتركيبته. الحرب تكمن في عدم معرفة الآخر وفي الخوف منه. ما عشناه منذ 2005 هو بمثابة حرب أهلية غير معلنة".

ويشهد لبنان منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في العام 2005، انقساما حادا بين قوى معارضة للنظام السوري وأخرى مؤيدة له، زادت حدته مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا المجاورة عام 2011، وترافق أحيانا مع اضطرابات أمنية متنقلة.

ويتخذ التوتر السياسي الراهن بعدا مذهبيا سنيا شيعيا، فيما يتوزع موقف القوى المسيحية الكبرى بين المعسكرين، أما الحرب الأهلية فكانت ذات بعد طائفي إسلامي مسيحي.

ويرى أن "أفلام الحرب ليست مجرد عودة إلى الماضي للهروب من الحاضر، بل هي عودة إلى الماضي لفهم الحاضر".

ومع أن الحرب اللبنانية انتهت قبل 24 عاما تقريبا، لا تزال غالبية الأفلام اللبنانية من وثائقية وروائية تعالج هذا الموضوع من زوايا مختلفة.

في العام 2011 تناولت نادين لبكي في فيلم "هلأ لوين" موضوع الحرب من خلال قصة صديقات مسيحيات ومسلمات من قرية لبنانية واحدة، يتجاور فيها المسجد مع الكنيسة، يحاولن بكل الوسائل منع تجدد الحرب في قريتهن. وتسعى الصديقات بطرق مبتكرة الى إبعاد الانقسامات الدينية عن القرية، لكي يدفن أهلها خلافاتهم الطائفية ولا يحملوا السلاح مجددا بعضهم ضد بعض. وقد حاز الفيلم جائزة الجمهور في مهرجان تورنتو للفيلم وهي المكافأة الرئيسية فيه فضلا عن جوائز عالمية وعربية أخرى عدة.

ومن الأفلام حول الحرب أيضا "رصاصة طايشه" للمخرج جورج هاشم، الذي يتناول أجواء الخوف في بدايات الحرب من خلال قصة عائلية. وقد نال جائزة المهر للأفلام العربية في مهرجان دبي عام 2010.

ويرى المخرج فيليب عرقتنجي الذي عرض له مؤخرًا في الصالات فيلم "ميراث"، في تصريح لوكالة فرانس برس أن ثمة محاولة لدى اللبنانيين "لنكران الماضي ونكران الحرب".

ويضيف إن "فيلم "ميراث" يتطرق إلى هذا النكران، وإلى ضرورة أن نروي لأولادنا عن ماضينا حتى لا يتكرر".

ويرى عرقتنجي أن "تناول الحرب في الأعمال السينمائية نوع من تطهير الذات". ويضيف "من الضروري أن نسترجع الماضي ونذكر به حتى لا يتكرر، فما دام لدينا نكران ستظل لدينا أفلام عن الحرب، عندما ننتهي من هذا العلاج الجماعي سنتمكن من أن نخرج من الحرب ونصور مواضيع اخرى".

ويعكس "ميراث" الذي يمتزج فيه الوثائقي بالروائي، من خلال السيرة الذاتية للمخرج تجربته مع الحرب الأهلية اللبنانية ومع الهجرة ثم العودة إلى الوطن، وهي قصة كل عائلة لبنانية.

ويرى شبان لبنانيون من الذين لم يعيشوا الحرب الأهلية، أن أسباب الحرب لا تزال قائمة، مثل فيليب (23 عاما) الذي يقول "كلنا مللنا الأفلام عن الحرب، ولكننا لن نتخطى هذا الموضوع إذا توقفنا عن تصوير مثل هذه الأفلام، لأن الحرب موجودة في رأس كل لبناني".

والأفلام عن الحرب وسيلة لتعريف جيل الشباب هذا على ماض قريب، كما تقول كريستيان ( 22 عاما)، "لم اعش الحرب اللبنانية، لذلك أتعرف على بلدي أكثر من خلال هذه الأفلام".

ويتناول فيلم "شتي يا ديني" لبهيج حجيج الصادر في العام 2011 إحدى تداعيات الحرب المستمرة حتى الآن وهي قضية المخطوفين والمفقودين خلالها، ويعالجها من زاوية العودة الصعبة للمخطوف إلى عائلته ومجتمعه.

ويقول عرقتنجي، المسيحي الذي عاش خلال الحرب في منطقة كانت خاضعة للأحزاب ذات الغالبية المسيحية، "كبرت من دون أن أعرف من هو الآخر"، من هنا فيلمه "من عيون الأمهات" الذي يتناول معاناة الأمهات اللبنانيات خلال الحرب.

ويقول عن الفيلم الوثائقي الذي عرض العام 1992 "أردت الانطلاق في التعرف إلى هذا الآخر من خلال التعرف إلى أمه، إذ من خلال ألمها كان يمكنني أن أكتشف المشترك بيني وبينها".

ويقول مدير قسم الفنون السمعية والبصرية في جامعة القديس يوسف إيلي يزبك "ثمة شباب وحتى طلاب لديهم هموم معينة متعلقة بموضوع الحرب، يريدون أن يفهموا من خلال السينما ماذا حصل في أيام الحرب".

إلا أنه يشير في المقابل إلى أن "أبناء الجيل الجديد يريدون أن يضعوا الحرب خلفهم، وثمة اليوم فئة كبيرة تريد أفلاما مختلفة، تتناول مواضيع اجتماعية وكوميدية وعائلية وبوليسية".

 

التعليقات