25/11/2014 - 20:07

الغرافيتي وسيلة الشباب للتعبير عن آرائهم في غزة

يرسم فنانون شباب في غزة، لوحة تشكيلية على جدار من بقايا مسجد مدمر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ويقولون إن هذا الفن يمنحهم شعورا بالحرية والانتصار على الحصار وظروف القطاع القاسية.

 الغرافيتي وسيلة الشباب للتعبير عن آرائهم في غزة

يرسم فنانون شباب في غزة، لوحة تشكيلية على جدار من بقايا مسجد مدمر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ويقولون إن هذا الفن يمنحهم شعورا بالحرية والانتصار على الحصار وظروف القطاع القاسية.

وتختصر هذه اللوحة التي تختلط فيها الألوان الصارخة مع الهادئة معاناة شبان غزيين يبحثون عن المستقبل بعد الحرب، ولا يستطيعون السفر في ظل الإغلاق شبه الدائم لمعبر رفح الحدودي مع مصر وصعوبة التنقل بسبب الحصار الإسرائيلي.

الفنان الشاب نعيم صمصوم، الذي يهوى الرسم والكتابة على الجدران، يقول: "أشعر بالحرية وأجد نفسي وأنا أرسم على الجدران"، مضيفا: "نريد أن نوصل رسالتنا التي تحكي نبض الناس بأننا نحب الحياة، كفى موتًا ودمارًا".

وتمتلئ اللوحة الجدارية بمعاني الفرح من خلال رسم عدد من الأطفال يلهون ويلعبون بالبالونات، وطائرة ورقية بعيدا عن نيران تشتعل بجانب صاروخ أطلقته طائرة حربية إسرائيلية وكتب أعلى اللوحة "نعشق الحياة".

ويشير صمصوم إلى أن هذا الأسلوب القديم الجديد مستوحى من فنانين غربيين يعبرون عن آرائهم بحرية على واجهات محطات القطارات في أوروبا.

وعلى جدار جامعة "الأزهر" المطل على شاطئ البحر غرب مدينة غزة، رسم ناشطون لوحة للرئيس الراحل ياسر عرفات بجانب مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وأعلى الصورة كتبت عبارة "نعم للوحدة الوطنية".

وانتشر فن الكتابة والرسومات على الجدران كأسلوب نضالي للإعلان عن الإضرابات والاحتجاجات ضد إسرائيل في الانتفاضة الأولى عام 1987.

 ويقول فايز السرساوي، رئيس جمعية الفنانين التشكيليين في غزة، "هذا الفن رائع وقليل التكلفة وسهل الوصول للناس" مبينا في الانتفاضة الأولى كان الشعار "أكتب وأهرب"، أما الآن فالإبداع حاضر في رسومات وكتابات الفنانين خصوصا بعد الحرب بتحويل واجهات البنايات إلى لوحات فنية جميلة تسر الناظرين".

ويشرح صمصوم: "أحب الكتابة والرسم على الجدران في الليل لأنني أشعر أنني حر وأنني أملك الدنيا، رغم أنني أحيانا أواجه مشاكلًا عندما يراني عناصر الأمن ومعي بخاخ البوية (طلاء الألوان) يستجوبونني ولا يقتنعوا".

ويخرج صمصوم مع صاحبه مهند لممارسة هوايتهما في تحويل ما يجول بخاطرهما إلى رسومات وكتابات على جدران الحي في المخيم.

وعلى واجهة مقر للشرطة أصيب بأضرار في الحرب على طريق صلاح الدين الرئيسي في غزة، يبدو رسم ملون لطفل كأنه يطير من الفرح وهو يلوح بيديه بجانب عبارة "نعم للحرية".

ويقول الفنان الغرافيتي مصعب أبو دف: "تعلمت الكتابة والرسم على الجدران لأنها شكل من أشكال الحرية، لأنها تسمح لك بالتعبير عن نفسك والحديث عن المكان الذي تعيش فيه".

ويضيف: "غزة مخنوقة يتم فيها تدمير كل شيء، ونحن بأمس الحاجة للتعبير عن مشاعرنا وآرائنا".

وفي غاليري "شبابيك" بحي الرمال غرب غزة، تتوزع لوحات رسمها فنانون شباب على الجدران، حيث يزور المكان طلبة جامعيون وفنانون.

باسل المقوسي، الفنان التشكيلي ومدير شبابيك، يقول: "الكتابة على الجدار كان أبسط وسيلة للوصول إلى الناس دون أن تضع نفسك في الكثير من الخطر، عندما كان توزيع منشورات يتطلب كثير من الوقت والجهد والخوف ما قد يكلفك حياتك".

ويؤكد: "الغرافيتي على الجدران أسلوب إبداعي نضالي فيه حرية التعبير، ويمكن قراءتها من قبل الناس باستمرار وتخليد سير الشهداء". لافتا بعد ذلك: "أصبح الغرافيتي بالنسبة للبعض وسيلة لكسب المال من خلال الرسم والإعلانات وبالنسبة لآخرين فهي وسيلة للتعبير والمقاومة".

وتختلط الرسومات والكتابات السياسية والإعلانية حيث يمكن ملاحظة رسومات وعبارات تهنئة أو إعلان عن سلعة.

ورسمت لوحة إعلانية لمتجر بيع وصيانة غسالات على حائط في حي الشيخ رضوان شمال غزة، وأخرى لمكتب سيارات أجرة.

وعلى جدار منزل قريب متضرر جزئيا، رسم شبان صاروخا من نوع إم 75 لحظة إطلاقه من مقاتلين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، على مدن إسرائيلية، فيما أخرون يمسحون بالطلاء الأبيض شعارات قديمة على حائط قريب.

وبالقرب من رسم لأطفال يرقصون، وقف الفنان والرسام أحمد الشيخ يقول: "نقوم بالرسم لأجل رسم البسمة على وجوه الأطفال بهدف أن تكون الجدران والمنطقة أجمل، وخاصة الآن لأننا خرجنا من حرب قاسية خلفت دمارا كبيرا". وأضاف "نريد رسومات وكتابات بأشكال رائعة لنرى كل شيء جميل في عيون الأطفال".

وتغطي الجدران في مناطق مختلفة في أنحاء القطاع كتابات بأشكال متنوعة ورسومات من صور السياسة إلى رسائل الحب والسلام، إلى جانب عشرات اللوحات التي تحكي عن قصص الحرب الأخيرة.

ويقول صمصوم: "ترى تفاعلا قويا في وسائل التواصل الاجتماعي، الاحتلال الإسرائيلي يمارس القمع ومنعنا من السفر والحصار والاضطهاد لذلك قررت أن استخدم الكتابة على الجدران للحديث عن كل ما يحدث في مجتمعنا الفلسطيني".

وينشر الناشط خالد أبو شاويش على صفحته على موقع فيسبوك صورة غرافيتي لإسم "غزة" بأشكال متعددة، لاقت إعجاب مئات الناشطين.

وكتب شبان على جدار مزقته قذائف الدبابات الإسرائيلية في الحرب وسط حي الشجاعية المدمر، "الشعب الفلسطيني يصنع نصره"، أسفل لوحة لشاب يلوح بعلم فلسطين.

وكان شابان يقومان بطلاء الأبيض فوق شعارات قديمة كانت تحمل اسم "الجبهة الشعبية" على جدار مدرسة بجانب مبنى مستشفى مدمر شرق الشجاعية، قبل أن يبدأ آخرون بوضع عبارات جديدة، "عائدون" وسط رسومات لنازحين هربوا من الحي وقت الحرب.

ويقول نعيم "نأمل أن يقرأ العالم رسائلنا ويفهم معاناتنا، وأننا أحرار نحب الحياة لكن هل من مجيب؟".

التعليقات