23/12/2014 - 17:46

الهواتف الذكية وحصص التاريخ في مواجهة الحنين إلى الشيوعية في رومانيا

في صفوفهم أو خلف كاميرات هواتفهم الذكية، يجهد شبان رومانيون في محاربة الجهل أو الحنين اللذين يحيطان بالنظام الشيوعي بعد 25 عاما على سقوط الديكتاتور السابق نيكولاي تشاوتشيسكو.

الهواتف الذكية وحصص التاريخ في مواجهة الحنين إلى الشيوعية في رومانيا

في صفوفهم أو خلف كاميرات هواتفهم الذكية، يجهد شبان رومانيون في محاربة الجهل أو الحنين اللذين يحيطان بالنظام الشيوعي بعد 25 عاما على سقوط الديكتاتور السابق نيكولاي تشاوتشيسكو.

وقد عرفت رومانيا، ثاني أفقر بلدان الاتحاد الأوروبي بعد بلغاريا، أحد أكثر الأنظمة الشيوعية قمعية في أوروبا الشرقية مع ما تخلل ذلك من فترات اعتقال وتعذيب لسجناء سياسيين إضافة إلى شح في المواد الغذائية وسلطة للرعب على مدى ما يقارب الربع قرن من حكم نيكولاي تشاوتشيسكو الذي أعدم في يوم عيد الميلاد سنة 1989 أثر انتفاضة شعبية اوقعت حوالى ألف قتيل.

وقال تيدي نيكولا مخرج عمل وثائقي حديث يعرض شهادات مرتبطة بالشيوعية لشبان مولودين بعد سنة 1989، في تصريحات لوكالة فرانس برس إن "معرفة المكان الذي نتحدر منه جزء من تعليمنا الاساسي وقد لاحظت أن الشبان راغبون بقوة في إجراء بحوث إذا ما أعطيناهم أداة في متناولهم".

وقد توجه لتلامذة في سبع مدن في رومانيا أصبحوا معدي هذا الوثائقي، قائلا "بما أنكم لا تفترقون بتاتا عن هاتفكم المحمول، استخدموه على الأقل للقيام بأمر مهم".

وقد فاق رد فعلهم توقعاته. "ففي باكاو (شرق)، على مدى أسبوعين أو ثلاثة، قام المراهقون بتصوير كل ما يمكن أن يرتبط بالشيوعية" بحسب نيكولا.

وظهرت في الوثائقي مشاهد لأبنية متداعية ولافتات عائدة إلى السبعينات وكهول يروون ذكرياتهم في حقبة الشيوعية على وقع خطاب لتشاوتشيسكو أو أغان وطنية.

وبحسب تيدي نيكولا فإن الأحاديث مع عائلته هي التي كشفت الكثير من المستور عن المرحلة الشيوعية.

وأكد هذا المخرج المولود سنة 1989 عندما كانت سياسة الديكتاتور السابق لا تزال توقع ضحايا في رومانيا، بنبرة تمتزج فيها الجدية بالسخرية أنه "مدين بحياته لتشاوتشيسكو".

وقال "الساعات الـ48 الأولى بعد ولادتي، كنت ميتا أكثر منه حيا" جراء مشكلة خلال عملية التوليد. وقد بذل الأطباء الذين رفضوا إجراء عملية قيصرية، وهي من العمليات المحظورة في تلك الفترة، قصارى جهدهم لانقاذه. وقد نجا لكنه أصيب بخزل رباعي.

وكان تشاوتشيسكو قال في أحد خطاباته أن الشباب لهم الفضل في "ما أنجز على صعيد النمو الاشتراكي لامتنا". لكن لسخرية القدر فإن الشباب هم الذين أسقطوا نظامه.

كما أن الشباب هم الذين أيّدوا قرار وزارة التربية سنة 2008 إدخال حصة اختيارية لتدريس تاريخ الشيوعية في المدارس بالاستناد إلى كتاب مدرسي أعده مركز البحوث بشأن هذه الحقبة.

وأشارت رامونا توما الخبيرة في هذا المركز إلى أن “أساتذة التاريخ من فئة الشباب كانوا الأكثر حماسة عندما نظمنا دورات التدريب".

وهذه الحصة تعطى حاليا في حوالى 200 مدرسة في مختلف أنحاء رومانيا كما أنها من المواد المفضلة بالنسبة للتلامذة البالغة أعمارهم بين 17 و18 عاما.

وفي مدرسة يون لوكا كاراجيالي في بوخارست، يناقش أدريان دراغوسانو مع تلامذته مسألة الحنين إلى النظام الشيوعي. وبحسب استطلاع للرأي أُجري نهاية 2013 من جانب معهد الدراسات بشأن الحقبة الشيوعية في رومانيا، فإن نصف الرومانيين يعتقدون أن الشيوعية كانت “أمرا جيدا" بالنسبة لبلادهم. وكانت الآراء المؤيدة لهذا النظام أكثر شيوعا في أوساط الأشخاص المسنين.

وأوضح دراغوسانو أنه “إذا كان الشبان يتعلمون في المدرسة المعلومات الصحيحة بشأن العقيدة الشيوعية فإنهم سيكتسبون مناعة ضد أي شكل من أشكال الدعاية السياسية التي قد تبعدهم عن مسار الديموقراطية".

وخلال زيارة إلى مدينة تيميسوارا (شرق) التي تكتسب رمزية كبيرة في الانتفاضة الشعبية ضد تشاوتشيسكو، دعا الرئيس الروماني المنتخب كلاوس يوهانيس الأسبوع الماضي إلى إنشاء متحف للشيوعية بهدف "تثقيف ذاكرة الأمة وحمايتها".

التعليقات