30/04/2015 - 20:09

شبح هتلر ما زال يخيم على مسقط رأسه بعد سبعين عاما على موته

على غرار كل عام، يحتشد العشرات من المناهضين للفاشية مرتدين سترات سوداء ونظارات شمسية في هذه المدينة الصغيرة الواقعة عند الحدود النمسوية مع بافاريا الألمانية، في تحرك لا يروق كثيرا للسكان الذين يرفضون أن توصم مدينتهم بالعار لمجرد أن هلتر ولد فيها.

شبح هتلر ما زال يخيم على مسقط رأسه بعد سبعين عاما على موته

تظاهرة ضد النازية أمام المنزل الذي ولد فيه هتلر في 18 نيسان/أبريل 2015

بعد ستين عاما على انتحار أدولف هتلر في الثلاثين من نيسان/أبريل 1945، ما زال ظله ماثلا في مدينة براونو-ام-اين مسقط رأسه غرب النمسا، حيث يسعى السكان للمصالحة مع هذا الإرث الثقيل.

 وعلى غرار كل عام، يحتشد العشرات من المناهضين للفاشية مرتدين سترات سوداء ونظارات شمسية في هذه المدينة الصغيرة الواقعة عند الحدود النمسوية مع بافاريا الألمانية، في تحرك لا يروق كثيرا للسكان الذين يرفضون أن توصم مدينتهم بالعار لمجرد أن هلتر ولد فيها.

والمبنى الكبير الذي ينظم التجمع أمامه، هو المنزل الذي ولد فيه أدولف هتلر في نيسان/أبريل من العام 1889، وهو يشهد على تاريخ لم تطو صفحته تماما بعد.

وإضافة الى هذا المنزل، تضم المدينة لوحة تذكارية لتكريم ضحايا النازية، إلا أن ذلك لم يحل دون توجيه انتقادات لسلطات المدينة، ومنها انتقادات بأنها تغض الطرف عن وجود بيت هتلر، كما تقول استريد هينز منظمة تجمع النشطاء المعادين للفاشية.

ومنعا لتحول المنزل إلى محجة للنازيين الجدد، وقعت السلطات النمسوية في العام 1972 عقد إيجار مع مالكته غرليند بومر، تدفع بموجبه أربعة آلاف و800 يورو شهريا على أن يستخدم البيت للنشاطات الثقافية والاجتماعية أو الإدارية، بحسب ما شرح كارل هينز غراندبوك المتحدث باسم وزارة الداخلية لوكالة فرانس برس.

وعلى ذلك، تحول "منزل هتلر" كما يسميه السكان المحليون، إلى مركز رعاية للمعوقين، خصوصا وأن هذه الفئة كانت مستهدفة من النازيين.

بعد 35 عاما، فسخ عقد الإيجار حين رفضت بور إجراء أعمال تجديد ضرورية.

ومنذ العام 2011، صار هذا البيت ذو الطبقات الثلاث خاليا من الحركة، وهو ما يثير استياء السلطات التي أنفقت منذ ذلك الحين 240 ألف يورو بدل إيجار مبنى لا تستخدمه. وهي بدأت تفقد صبرها.

ويقول غراندبوك "لقد تقدمنا بعرض لشراء المنزل، ونفكر أيضا في احتمال استملاكه".

يبدي كثير من سكان بروناو البالغ عددهم 17 ألف نسمة، رغبة في أن يتحول البيت إلى مركز لرعاية اللاجئين، ومنهم من يرغب في أن يقام فيه متحف عن تحرير النمسا.

أما مالكة المنزل، التي ورثته عن عائلتها المالكة له منذ أكثر من مئة عام لم يقطعها سوى بضع سنوات من الحقبة النازية، فهي تلزم الصمت دائما.

ويقول المؤرخ فلوريان كوتانكو "لقد ورثت المنزل، وهي تتقاضى المال، ولا تحترم بنود الاتفاق..كان بغمكانها أن تفعل شيئا تاريخيا، أن تسلم البيت للسلطات".

وعلى غرار الناشطين المعادين للفاشية الذين يتظاهرون كل سنة قبالة المنزل، يرى هذا المؤرخ أن المدينة يجب أن تتصدى لهذا التاريخ المظلم.

ويقول "تدمير المنزل أو تفجيره لن يحل المشكلة لأن السحر لن يذهب بذهابه، بل إن الناس يريدون أن يروا أين ولد هذا الرجل الذي كان قادرا على القضاء على جزء من الشعب في ألمانيا والنمسا وغيرهما".

لكن رئيس بلدية المدينة جورج فوياك يرفض وصمها لمجرد أن هتلر ولد فيها، ويقول "الناس هنا لا يستحقون أن يحملوا وصمة عار، فهذه المدينة لم تكن مسرح الجرائم النازية، وإنما جريمتها الوحيدة أن هتلر ولد فيها".

وسواء رغب أهل المدينة أم لا، فإنها ما زالت متصلة بالتاريخ النازي، ومن ذلك مثلا أنها مذكورة في الصفحات الأولى من كتاب "كفاحي" لهتلر.

لكن بحسب الكاتبة مونيكا راشوفر رئيسة تحرير إحدى الصحف المحلية، فإن بعض السكان بدأوا يواجهون هذا الماضي ويتعاملون معه، وقد تخلوا مثلا عن العادة التي كانت سائدة بتضليل السياح الراغبين بالوصول إلى "منزل هتلر".

وتقول "حين يكون لدي ضيوف، أصطحبهم لرؤية منزل هتلر والنصب التذكاري لضحايا النازية..هذا جزء من تاريخ المدينة".

التعليقات