03/05/2015 - 14:14

شبح صدام لا يزال يخيم على العراق بعد 12 عاما على سقوط النظام

تعكس الضجة التي أثيرت حول مقتل من يشتبه بأنه عزة إبراهيم الدوري، أبرز الأركان المتوارين لنظام صدام حسين، الأثر الذي لا يزال الرئيس العراقي الأسبق يحتفظ به بعد 12 عاما من سقوط حكمه.

شبح صدام لا يزال يخيم على العراق بعد 12 عاما على سقوط النظام

ضريح صدّام حسين في العوجة (أ ف ب )

تعكس الضجة التي أثيرت حول مقتل من يشتبه بأنه عزة إبراهيم الدوري، أبرز الأركان المتوارين لنظام صدام حسين، الأثر الذي لا يزال الرئيس العراقي الأسبق يحتفظ به بعد 12 عاما من سقوط حكمه.

ويؤشر تحلق عشرات العراقيين قبل أسبوعين حول نعش الرجل الأصهب الذي لم يتم التأكد رسميا بعد من أنه الدوري، إلى محاولتهم طي حقبة نظام حزب البعث الذي حكم البلاد لعقود بقبضة من حديد، وأسقطه الاجتياح الأميركي في العام 2003.

في 20 نيسان/أبريل، تسلمت الحكومة جثة الشخص الذي قتل قرب مدينة تكريت، من 'كتائب حزب الله'، الذي يقاتل مع القوات الأمنية لاستعادة مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وعلق مسؤول الكتائب، الشيخ جاسم الجزائري، بالقول إن 'هذا المنجز لا يقل أهمية عن المنجز السابق الذي تحقق من خلال إعدام صدام المقبور عام 2006'.

وخلال نقل النعش من شاحنة تابعة للكتائب إلى أخرى تابعة لوزارة الصحة، تدافع عشرات الشبان والصحافيين لرؤية الجثة وتصوير النعش. وبدا ابتعاد شاحنة وزارة الصحة ببطء على وقع صيحات 'الموت للبعثيين'، أشبه بانفصال رمزي عن مرحلة أليمة لكثير من الحاضرين الذين حاول بعضهم ضرب النعش بحذائه.

إلا أن رحيل من يعتقد أنه الدوري، الذي كان بمثابة الرجل الثاني إبان حكم صدام، لا يعني حكما نهاية أثر الحزب الذي حكم لأكثر من ثلاثة عقود.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، إن 'البعث ما زال نشطا، وكل من يقول بأن البعثيين انتهوا وإن حزب البعث انتهى، يجافي الحقيقة'.

ويضيف أنه 'قد يختفي الرمز صدام أو عزة الدوري، لكن الكثير من القيادات لا تزال فاعلة وتحاول معاداة النظام السياسي الديموقراطي في العراق'.

ويتحدث الشمري عن الأثر المستمر للحقبة النازية في ألمانيا بعد سبعة عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، ليقارن بينها وبين العراق.

ويقول إن 'الوقت مبكر من أجل الانفلات من شبح صدام (...) نحن بحاجة إلى عقود من أجل التخلص من آثار صدام وما تركه في الداخل العراقي'.

ويتهم البعثيون بأداء دور في أعمال العنف التي تضرب العراق بلا رحمة منذ 2003. كما يتهمون بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مناطق واسعة من البلاد إثر هجوم شنه في حزيران/يونيو، لا سيما وأن أبرز هذه المناطق كالموصل وتكريت، تعد نقاط ثقل بعثية تقليديا.

وما عزز هذا الاتهام كشف مجلة 'در شبيغل' الألمانية في 19 نيسان/أبريل، وثائق تظهر ان ضابط الاستخبارات السابق سمير عبد محمد الخليفاوي وضع استراتيجية تمدد التنظيم المعروف باسم 'داعش'.

ويرى الشمري أن الوثائق اقنعت العراقيين بأن التنظيم 'واجهة'، وأن الواقع 'قد يكون محاولة لقلب نظام الحكم (...) وعودة البعث بصورة جديدة'.

حاولت السلطات منذ 2003 الحد من تأثير الحزب عبر قرارات عدة أبرزها حل الجيش وقانون 'المساءلة والعدالة' الذي تلا 'اجتثاث البعث'.

وشملت هذه القوانين نحو 130 ألف حالة، بينها أكثر من 17 ألف شخص تم 'اجتثاثهم' نهائيا بحرمانهم الوظائف الرسمية والحقوق التقاعدية، بحسب رئيس هيئة 'المساءلة والعدالة' باسم البديري.

ويضيف البديري أن هدف هذه القوانين هو 'تطهير' المؤسسات ممن 'أوغلوا في جرائمهم بحق العراقيين'، لأن 'الظهير المساند للإرهاب هم البعثيون'.

ورغم عودة عدد من الضباط السابقين للخدمة في الجيش بعد 2003، إلا أن العديد من رفاقهم المبعدين يعبرون عن نقمتهم من الطريقة التي عوملوا بها.

ويقول الفريق الركن السابق، أبو مطلك (62 عاما)، إنه 'لا يوجد ضابط في الجيش ممن لم يعودوا إلى عملهم (...) إلا وتعاطف او عمل أو شارك مع الجماعات التي وقفت ضد الأميركيين'.

ويضيف الرجل الذي اضطر للعمل كسائق أجرة لإعالة عائلته أنه 'في قرار واحد تم تسريحنا وجدنا انفسنا بلا عمل وعوائلنا بلا مال (...) كيف تريد أن أشارك ببناء نظام سياسي جديد طردني من كل شي وحرمني كل شي؟'.

وشهد نيسان/أبريل أحداثا إضافية مرتبطة رمزيا بصدام، وهو المولود في الثامن والعشرين منه. ففي مطلع الشهر، استعادت القوات العراقية مسقطه تكريت. وفي 18 منه، استقال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء رافد جبوري إثر انتشار أغنية أداها قبل 15 عاما، يمجد فيها صدام.

إلى ذلك، لا يزال حضور الحقبة السابقة ينعكس من خلال المشاعر المتناقضة لعراقيين ما زالوا يعانون من دموية الحكم السابق، وآخرين يفاخرون بعاطفتهم تجاه صدام.

ويقول الكردي أراس عابد (47 عاما) إنني 'ما زلت أرتجف عندما أسمع اسم صدام في التلفزيون أو الراديو. ليس خوفا، وإنما كرها وحقدا (...) أتألم كثيرا لشعوري بالوحدة من دون أهلي'، بعدما فقد 12 من أفراد عائلته في قصف القوات العراقية لمنطقة حلبجة بالسلاح الكيميائي عام 1988.

أما محبو الرئيس الأسبق، فتسابق الدموع كلماتهم اثناء الحديث عنه، ومنهم أبو محمد، الرجل السبعيني الذي انتسب إلى البعث قبل نحو خمسين عاما.

ويقول لفرانس برس في منزله بشمال بغداد إن 'الحزب موجود، أين يذهب؟ موجود في قلوبنا. عندما تحمل أي فكر مستحيل أن تتخلى عنه'.

ويضيف أنه 'حتى الآن المسؤولون يخافون من سيرة البعث (...) يخافون جدا من صدام لأنه لديه مبادئ وقيم'.

ويتابع بمزيج من السخرية والتأثر أنه 'كلما أرى صورته يخفق قلبي... أما عندما يظهر هؤلاء (المسؤولون)، أرغب في أن أنزع حذائي وأضربهم به'.

التعليقات