01/03/2023 - 12:46

ما هي حركة "أفروسنتريك"؟

تؤكّد الحركة على أنّ المنظور الغربيّ ليس محايدًا، ولكنّه يعكس تحيّزات أولئك الذين يملكون السلطة. وتسعى الحركة إلى تحدّي السرديّة السائدة، وتقديم سرديّة مضادّة تركّز على تجارب ووجهات نظر الشعوب الأفريقيّة

ما هي حركة

من آثار مصريّة مكتشفة حديثًا (Getty)

عاد مصطلح "الأفروسنتريك" أو المركزيّة الأوروبيّة إلى الضوء، بعد سلسلة من الأحداث مؤخرًا في عدد من البلاد، مثل إلغاء عرض للممثّل الأميركي الكوميديّ كيفن هارت في القاهرة، بزعم أنّه يروّج لفكرة "المركزيّة الأفريقيّة"، وتصريحات الرئيس التونسيّ قيس سعيّد، حول ضرورة حماية بلاده من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، كما جاء في تقرير نشره موقع "بي بي سي" البريطانيّ.

وكانت حركة المركزيّة الأفريقيّة أو الأفروسنتريك، قد تأسّست من قبل الناشط الأميركي الأفريقي، موليفي أسانتي، خلال فترة الثمانينات، وتسعى هذه الحركة إلى تسليط الضوء على هويّة ومساهمات الثقافات الأفريقيّة في تاريخ العالم.

و"المركزيّة الأفريقيّة" هو مصطلح يستخدم لوصف الأيديولوجيّة والحركة التي تركّز على الثقافة والقيم الأفريقيّة كأساس للعمل الاجتماعيّ والسياسيّ، ويعتبر إطارًا يسعى إلى تحدّي المنظور الأوروبّيّ المركزيّ الّذي سيطر على الخطاب الأكاديميّ والفكريّ لعدّة قرون.

وتسعى الحركة الأفريقيّة المركزيّة إلى استعادة الهويّة الأفريقيّة الّتي فقدت أو تمّ محوها من خلال الاستعمار والعبوديّة، وقد برزت كقوّة مهمّة في تشكيل النقاشات المعاصرة حول العرق والثقافة والهويّة.

الكوميديّ الأميركيّ كيفن هارت (Getty)

ويمكن إرجاع جذور المركزيّة الأفريقيّة إلى أوائل القرن العشرين عندما بدأ المثقّفون والعلماء الأمريكيّون من أصل أفريقيّ مثل WEB Du Bois و Marcus Garvey في تحدّي فكرة التفوّق الأبيض وتهميش الأفارقة. ومع ذلك، لم تكتسب الحركة الأفريقيّة المركزيّة زخمًا حتّى الستّينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي، مع ظهور حركة القوّة السوداء وحركة الحقوق المدنيّة. خلال هذا الوقت بدأ العلماء الأمريكيّون من أصل أفريقيّ مثل مولانا كارينجا وجون هنريك كلارك وآسا هيليارد في توضيح مبادئ مركزيّة الأفرو.

تفترض المركزيّة الأفريقيّة أنّ الشعوب الأفريقيّة لديها هويّة ثقافيّة فريدة يجب الاعتراف بها والاحتفاء بها، ولا يتعلّق الأمر فقط بتسليط الضوء على مساهمات الشعوب الأفريقيّة في التاريخ والثقافة، ولكن أيضًا حول دراسة الطرق التي يمكن من خلالها استخدام الثقافة والقيم الأفريقيّة لإعلام العمل الاجتماعيّ والسياسيّ المعاصر.

وتؤكّد الحركة على أنّ المنظور الغربيّ ليس محايدًا، ولكنّه يعكس تحيّزات أولئك الذين يملكون السلطة. وتسعى الحركة إلى تحدّي السرديّة السائدة، وتقديم سرديّة مضادّة تركّز على تجارب ووجهات نظر الشعوب الأفريقيّة.

أحد المبادئ الأساسيّة للمركزيّة الأفريقيّة هو فكرة القوميّة الثقافيّة. تؤكّد القوميّة الثقافيّة أنّ ثقافة الشعب هي أساس تنميتها السياسيّة والاقتصاديّة. وتروّج الحركة إلى أنّ الهويّة الثقافيّة ليست فقط تعبيرًا عن ماضي الشعب، ولكنّها أيضًا دليل لمستقبله وتؤكّد كذلك على أهمّيّة الحفاظ على الثقافة والإنتاج الثقافيّ كوسيلة لتمكين الشعوب الأفريقيّة.

جانب آخر مهمّ من مركزيّة الأفارقة هو التركيز على الشتات الأفريقيّ، إذ يشير هذا الشتات الأفريقيّ إلى تشتّت الأفارقة في جميع أنحاء العالم نتيجة لتجارة الرقيق والاستعمار، وبالنسبة للحركة، فإنّ أهمّيّة الشتات الأفريقيّ تكمن في تشكيل الثقافة والسياسة العالميّة لذلك، فهي تسعى إلى خلق شعور بالوحدة الأفريقيّة بين المنحدرين من أصل أفريقيّ والاحتفاء بتنوّع الثقافات الأفريقيّة.

على مدار سنوات، كانت المركزيّة الأفريقيّة مؤثّرة في مجموعة من التخصّصات الأكاديميّة، بما في ذلك التاريخ والأدب والدراسات الثقافيّة.

لطالما كان التاريخ الأفريقيّ مهمّشًا وصوّر على أنّه بدائيّ وبربريّ، وعلى أثر ذلك، فقد تحدّى العلماء الأفارقة هذا الرأي من خلال تسليط الضوء على إنجازات الحضارات الأفريقيّة مثل مصر وغانا ومالي، كما أكّدوا على دور الشعوب الأفريقيّة في تشكيل تاريخ العالم، من تمرّد العبيد في الأمريكتين، إلى حركات إنهاء الاستعمار في أفريقيا.

وكان الاتّحاد الأفريقيّ قد أدان في بيان له ما جاء في حديث الرئيس التونسيّ قيس سعيد بشأن المهاجرين الأفارقة، ودعا الدول الأعضاء إلى الامتناع عن أيّ "خطاب كراهية له طابع عنصريّ قد يلحق الأذى بالأشخاص".

وفي سياق متّصل، فقد ظهرت دعوات عنصريّة ضد المهاجرين الأفارقة المنحدرين من دول جنوب الصحراء عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، مع دعوات لعدم الزواج من المهاجرين، بالإضافة إلى دعوات لترحيلهم.

التعليقات