17/04/2023 - 21:15

هل يمكن أن يكون التطوّر العلميّ سببًا في فناء الإنسان؟

منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، كان العالم في حالة توتّر من احتمال نشوب حرب نوويّة، حيث أنّ القوّة التدميريّة لهذه الأسلحة لا مثيل لها، وستكون عواقب استخدامها كارثيّة

هل يمكن أن يكون التطوّر العلميّ سببًا في فناء الإنسان؟

(Getty)

أحدثت التطوّرات التكنولوجيّة ثورة في طريقة عيشنا وعملنا وتواصلنا، إلّا أنّه ومع تقدّم التكنولوجيا، تزداد المخاطر المرتبطة بها، ولطالما كانت فكرة إبادة البشريّة متداولة لعدّة قرون، حيث كان الناس يخشون احتمال وقوع حدث كارثيّ يمكن أن يقضي على جنسنا البشريّ، مع ظهور التكنولوجيا الحديثة، أصبح خطر الإبادة أكثر واقعيّة من أيّ وقت مضى.

وازدادت التخوّفات بعد الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، خاصّة بعد إعلان الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، عن عزم روسيا نشر أسلحة نوويّة تكتيكيّة في بيلاروسيا. ووفق وسائل الإعلام الروسية الرسمية، فإن الرئيس بوتين قال إن تلك الخطوة لن تنتهك اتفاقيات الحد من انتشار الأسلحة النووية وقارنها بنشر الولايات المتحدة لأسلحتها في أوروبا.

وفي حين أنّ التكنولوجيا لديها القدرة على إفادة البشريّة بطرق لا حصر لها، فإنّها تشكّل أيضًا خطرًا كبيرًا على فكرة البقاء، وإحدى أكبر هذه المخاوف تتعلّق بالأسلحة النوويّة، والتي تعدّ أحد أهمّ التهديدات التي تواجهنا في القرن الحادي والعشرين.

منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، كان العالم في حالة توتّر من احتمال نشوب حرب نوويّة، حيث أنّ القوّة التدميريّة لهذه الأسلحة لا مثيل لها، وستكون عواقب استخدامها كارثيّة، فوفقًا لدراسة أجراها اتّحاد العلماء الأميركيّين يبلغ مخزون العالم من الأسلحة النوويّة ما يقرب من 13410، بنسبة 91% من هذه الأسلحة تمتلكها الولايات المتّحدة وروسيا، وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت التوتّرات بين هذين البلدين، ممّا أثار مخاوف بشأن احتمال نشوب حرب نوويّة.

تغيّر المناخ

تغيّر المناخ هو تهديد رئيسيّ آخر لوجود البشريّة، حيث تسبّب استخدام الوقود الأحفوريّ والأنشطة الأخرى الّتي تطلق غازات الدفيئة في الغلاف الجوّيّ في ارتفاع درجات الحرارة العالميّة، ممّا أدّى إلى مجموعة واسعة من المشاكل البيئيّة، ووفقًا للهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC)، تسبّبت الأنشطة البشريّة في ارتفاع درجة حرارة الكوكب بنحو 1.1 درجة مئويّة فوق مستويات ما قبل الصناعة، وقد أدّى هذا الارتفاع في درجة الحرارة إلى زيادة تواتر وشدّة الظواهر الجوّيّة، وارتفاع مستوى سطح البحر، وغيرها من المشكلات البيئيّة الّتي تهدّد بقاء العديد من الأنواع، بما في ذلك البشر.

الأوبئة

سلّطت جائحة COVID-19 الأخير الضوء على خطر الأوبئة على وجود البشريّة، حيث أنّ السهولة الّتي ينتشر بها الفيروس، إلى جانب الطبيعة العالميّة للسفر الحديث، سمحت له بالانتشار بسرعة في جميع أنحاء العالم، ممّا تسبّب في أضرار جسيمة للصحّة العامّة والاقتصاد العالميّ، وحسب دراسة نشرت في مجلّة The Lancet، فقد تسبّبت جائحة COVID-19 في وفاة ما يقدّر بنحو 5.9 مليون شخص على الصعيد العالميّ، حيث أظهر هذا الوباء الحاجة إلى استراتيجيّات الاستعداد والاستجابة بشكل أفضل للأوبئة في المستقبل.

الذكاء الاصطناعيّ

الذكاء الاصطناعيّ (AI) هو مجال آخر من مجالات التكنولوجيا الّتي تشكّل تهديدًا محتملًا لوجود البشريّة، وكلّما أصبح الذكاء الاصطناعيّ أكثر تقدّمًا، هناك خطر من أنّه قد يتجاوز الذكاء البشريّ، ممّا يؤدّي إلى وضع تسيطر فيه الآلات، وقد يؤدّي هذا السيناريو، المعروف باسم "تفرّد الذكاء الاصطناعيّ"، إلى عمل الآلات بطرق لا تتماشى مع القيم الإنسانيّة، ممّا يؤدّي إلى عواقب وخيمة، وحسب دراسة نشرت في مجلّة Nature، فإنّ تطوير أسلحة مستقلّة مدعومة بالذكاء الاصطناعيّ يشكّل تهديدًا كبيرًا للبشريّة، وتدعو الدراسة إلى حظر تطوير واستخدام هذه الأسلحة لمنع حدوث نتائج كارثيّة.

الأمن الإلكترونيّ

ومع زيادة اعتماد مجتمعنا على التكنولوجيا، يصبح خطر الهجمات الإلكترونيّة أكثر أهمّيّة، حيث يمكن أن يؤدّي الهجوم السيبرانيّ إلى تعطيل الخدمات الأساسيّة، مثل شبكات الطاقة وأنظمة النقل والأنظمة الماليّة، ممّا يؤدّي إلى الفوضى، وربّما يهدّد بقاء جنسنا البشريّ، ووفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصاديّ العالميّ، تعدّ الهجمات الإلكترونيّة واحدة من أكبر خمسة مخاطر تواجه العالم من حيث الاحتماليّة والتأثير، حيث يدعو التقرير إلى اتّخاذ تدابير أفضل للأمن السيبرانيّ للتخفيف من مخاطر هذه الهجمات.

وحسب دراسات، فإنّه من الضروريّ تطوير تقنيات جديدة للنظر في آثار التكنولوجيا المتقدّمة على المجتمع والبيئة، حيث يجب أن يكون تطوير الذكاء الاصطناعيّ والأسلحة المستقلّة، على سبيل المثال، مصحوبًا باعتبارات أخلاقيّة والتزام بمواءمتها مع القيم الإنسانيّة.

التعليقات