07/05/2023 - 17:13

كتّاب هوليوود وجهًا لوجه مع تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ

طالبت النقابة بعدم إعطاء أيّ إنتاج آليّ صفتي مادّة "أدبيّة" أو "مصدر"، وهي مصطلحات أساسيّة تتعلّق بحقوق المؤلّف. كذلك سعت إلى منع استخدام السيناريوهات الّتي يكتبها أعضاؤها في تدريب برامج الذكاء الاصطناعيّ

كتّاب هوليوود وجهًا لوجه مع تقنيّات الذكاء الاصطناعيّ

من مظاهرة للكتّاب (Getty)

في الوقت الذي يرى فيه كثيرون أنّ إضراب كتّاب السيناريو في هوليوود متعلّق فقط بالرواتب، فإنّ كثيرين آخرين يزعمون أنّ ثمّة نزاع كبير بين كتّاب السيناريو والأستوديوهات ومنصّات البثّ، تؤجّجه فرضيّة يرون فيها إهانة لقدراتهم، هي فكرة إمكان حلول الذكاء الاصطناعيّ مكانهم قريبًا، فقدرة برامج من نوع "تشات جي بي تي" على محاكاة المحادثة البشريّة، أثارت مخاوف في عدد من القطاعات في الآونة الأخيرة. ونبّه البيت الأبيض هذا الأسبوع مسؤولي شركات التكنولوجيا الأميركيّة العملاقة إلى مسؤوليّتهم "الأخلاقيّة" لحماية المستخدمين من المخاطر الاجتماعيّة المحتملة للذكاء الاصطناعيّ.

ويشكّل الموضوع هاجسًا لدى كتّاب السيناريو الّذين ينفّذون إضرابًا في لوس أنجليس، وخصوصًا بعد فشل المفاوضات بين الاستوديوهات والمنصّات الرئيسيّة ونقابة كتّاب السيناريو الأميركيّين (Writers Guild of America) الّتي تمثّل 11500 من مؤلّفي النصوص السينمائيّة والتلفزيونيّة.

ورأى كاتب سيناريو فيلم "بيرد بوكس" (Bird Box) الّذي حقّق نجاحًا كبيرًا على "نتفليكس" إريك هيسرير أنّ "الفنّ لا يمكن أن يصنع بواسطة آلة".

فالقصّة تفقد بنظره "قلبها وروحها"، مذكّرًا بأنّ الكلمة الثانية من عبارة "الذكاء الاصطناعيّ" هي "اصطناعيّ". وتؤكّد نقابة كتّاب السيناريو الأميركيّين أنّها ضغطت خلال المفاوضات للحدّ من استخدام الذكاء الاصطناعيّ.

وطالبت النقابة بعدم إعطاء أيّ إنتاج آليّ صفتي مادّة "أدبيّة" أو "مصدر"، وهي مصطلحات أساسيّة تتعلّق بحقوق المؤلّف. كذلك سعت إلى منع استخدام السيناريوهات الّتي يكتبها أعضاؤها في تدريب برامج الذكاء الاصطناعيّ. إلّا أنّ الاستوديوهات رفضت هذه المطالب، مقترحة عقد اجتماع سنويّ "لمناقشة التقدّم التكنولوجيّ". وعلّق هيسرير ساخرًا "من الجيّد أنّهم يعرضون عقد اجتماع في شأن الطريقة الّتي يستغلّون بها الذكاء الاصطناعيّ ضدّنا!".

وأسف كاتب السيناريو لكون "شركات التكنولوجيا تدمّر السوق لكي تكتشف بنفسها" حدود القدرات الإبداعيّة للبرامج الآليّة.

ويعتقد عدد قليل جدًّا أنّ برامج الذكاء الاصطناعيّ يمكن أن تكون قادرة على القيام بعملهم. لكنّ مجرّد اهتمام الاستوديوهات ومنصّات البثّ باستكشاف هذه القدرات الآليّة في هذا المجال يشكّل بالنسبة إليهم جميعًا إهانة كبرى. ويخشى هؤلاء أن يكون مسؤولو شركات الإنتاج مستعدّين للتنازل من حيث النوعيّة الإبداعيّة سعيًا إلى تعزيز ربحيّتهم، بعدما غيّرت ثقافة "نتفليكس" وسيليكون فالي المعادلات في هوليوود.

فالواقع أنّ العقد الفائت شهد تقلّص فرق كتابة السيناريو، إذ باتت منصّات البثّ التدفّقيّ تفضّل تقصير مواسم المسلسلات، في حين تلجأ الاستوديوهات الكبيرة على غرار "ديزني" إلى عمليّات صرف لطمأنة وول ستريت. وجاءت المداخلات خلال المؤتمر العالميّ لمعهد "ميلكن" هذا الأسبوع في بيفرلي هيلز لتؤجّج مخاوفهم.

فالمنتج السينمائيّ تودّ ليبرمان قال خلال المؤتمر "في السنوات الثلاث المقبلة، ستشاهدون فيلمًا من تأليف الذكاء الاصطناعيّ (...) وسيكون فيلمًا جيّدًا".

أمّا مدير شركة "فوكس إنترتينمنت" روب وايد فكشف أنّ دور الذكاء الاصطناعيّ لن يقتصر على النصوص، بل يمكن استخدامه في "توليف" الأفلام وفي مخطّطات قصصها أو ما يعرف بـ"ستوري بورد". وتوقّع أن يصبح الذكاء الاصطناعيّ في غضون عشر سنوات "قادرًا تمامًا على تولّي كلّ هذه المهامّ". وأكّدت الاستوديوهات أيضًا أنّ نقابة الكتاب لم تعترض على الذكاء الاصطناعيّ بقدر ما تدّعي.

وبين إيجاز أنّ النقابة شرحت خلال المفاوضات أنّ كتّاب السيناريو لا يرغبون في حظر الذكاء الاصطناعيّ، ويبدون سعداء باستخدامه "ضمن عمليّتهم الإبداعيّة" ما دام لا يؤثّر على رواتبهم. واعتبرت الاستوديوهات، وفقًا للإيجاز نفسه، أنّ هذه الفرضيّة "تتطلّب مزيدًا من النقاش".

ورأت مؤلّفة مسلسل "بريدجرتون" الناجح ليلى كوهان أنّ الفائدة الوحيدة الّتي يمكن أن تكون للذكاء الاصطناعيّ في هذه المجال هي استخدامه في "مهامّ شاقّة" أو عشوائيّة، ومنها مثلًا اقتراح أسماء شخصيّات.

إلّا أنّ كاتبة السيناريو البالغة 39 عامًا أعربت عن خشيتها من أن تلجأ الاستوديوهات إلى إعداد مسوّدات نصوص أوّليّة "سيّئة جدًّا" بواسطة الذكاء الاصطناعيّ، "ثمّ تستعين بكتاب سيناريو لإعادة صوغها". ورأت أنّ "معالجة هذه المشكلة الآن أمر جيّد".

فالعبر من إضراب الكتاب الأخير قبل 15 عامًا لا تزال ماثلة في أذهان الجميع، إذ كانت "نتفليكس" لا تزال في بداياتها يومها، وتمكّنت النقابة من الحصول على بدلات نظير حقوق المؤلّف، باتت تعدّ منخفضة جدًّا.

وشدّد كاتب أفلام الخيال العلميّ بن ريبلي على ضرورة إصدار تشريعات اليوم توفّر "ضمانات" في ما يتعلّق بالذكاء الاصطناعيّ، حتّى لو لم تكن له علاقة بالعمليّة الإبداعيّة، على قوله.

وذكر بأنّ الكتاب "يجب أن يكونوا مميّزين"، في حين أنّ "الذكاء الاصطناعيّ هو نقيض التميّز".

التعليقات