بقبضة ملوّثة بالدماء... كيف أمسك العسكر بثورة يناير

عقب ثورة 25 يناير عام 2011، طرح نائب رئيس الوزراء، علي السلمي وثيقة تتعلّق بإضافة مواد "فوق دستوريّة" إلى الدستور المصري، وتمّ طرحها بعد ذلك على ممثلي أحزاب الوفد والحرية والعدالة والنور، وتم انتقاد الوثيقة في ذلك الوقت شق واسع من النشطاء

بقبضة ملوّثة بالدماء... كيف أمسك العسكر بثورة يناير

عقب ثورة 25 يناير عام 2011، طرح نائب رئيس الوزراء، علي السلمي وثيقة تتعلّق بإضافة مواد "فوق دستوريّة" إلى الدستور المصري، وتمّ طرحها بعد ذلك على ممثلي أحزاب الوفد والحرية والعدالة والنور، وتم انتقاد الوثيقة في ذلك الوقت شق واسع من النشطاء والأحزاب المصرية.

وجاء هذا الإعلان قبل عشرة أيام من المرحلة الأولى للانتخابات التي شهدتها مصر، بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك، وأعطت الوثيقة للمجلس العسكري الحصانة من رقابة البرلمان على ميزانيّة الجيش، كما أنّه لن يكون من حق الأعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى وحدهم اختيار جمعية تأسيسيّة لوضع الدستور الجديد. ونصّت المادة الثالثة على أنّه في حالة إخفاق لجنة وضع الدستور في مهمّتها، فإنّ المجلس العسكري يخوّل به وحده دون غيره مهمة وضع الدستور، كما نصّت الوثيقة حينها على اختصاص المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة دون غيره بالنظر في كلّ ما يتعلّق بالشؤون الخاصة للقوات المسلّحة، ومناقشة بنود ميزانيتها، على أن يتمّ إدراجها رقمًا واحدًا في موزانة الدولة.

القوات المسلحة تهدد الناشطين بـ"فيلا هدى شعراوي"...

نشر الناشط والمدوّن وائل عباس مقالة على موقع "صوت هولندا"، تفيد بما كان يجري في مطبخ الثورة، بعيدًا عن الميدان، أو الإنترنت والثوار الحقيقيين، كاشفًا كواليس وثيقة السلمي، التي روّج لها المجلس العسكري عن طريق نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية سابقًا، تهاني الجبالي؛ لتتصدر إقناع الثوّار بها، حيث يقول عباس " هذه الوثيقة هي من إنتاج المجلس العسكري مائة بالمائة، اختاروا لها تهاني الجبالي لإقناع الثوار بها، وقام بالوساطة ممدوح حمزة حيث دعا عددًا محدودًا من شباب الائتلافات أحتفظ بأسمائهم جميعا وأتحدى أن يكذبوا تلك الواقعة، دعاهم إلى لقاء تهاني الجبالي بمكتبه بفيلا هدى شعراوي بشارع ابن مروان، بالمناسبة بعضهم مسجون الآن، وحرص ممدوح حمزة الذي كان يتصرف كولي أمر الثوار على اختيارهم من النوعية التي تقبل بالحلول الوسط، أو قليلي الخبرة، واستبعد منهم اليساريين وخصوصا الاشتراكيين الثوريين والإسلاميين والمدونين وأي ثائر راديكالي النزعة".

وأكمل عبّاس " عرضت تهاني الوثيقة عليهم وكانت حريصة على أن لا تخرج أي نسخة من الاجتماع، معظم الشباب رفضوا البنود الأخيرة في الوثيقة؛ البند العاشر والحادي عشر، والتي تعطي الجيش ميزات فوق دستورية، أصرت تهاني أن يقبلوها وهددتهم: سنعرضها على الإسلاميين وسيقبلون بها، وسيحذفون بنود مدنية الدولة وحقوق الأقليات وهذا الأمر لا يهم الجيش، فالجيش فقط مهتم بالبنود الأخيرة وهناك إصرار على تنفيذها".

"الإخوان تركوا الاشتباكات عشان يكسبوا الانتخابات"

في الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود، تردّدت شعارات شهيرة مثل "الإخوان باعونا في محمد محمود"، أو "الإخوان تركوا الاشتباكات عشان يكسبوا الانتخابات". ولا بدّ للحديث عن هذه السياقات التي أدّت إلى أحداث محمد محمود، ومنها وثيقة السلمي.

قبل أحداث محمد محمود بأسبوع، تمّ إلغاء قانون العزل السياسي، والذي يمنع المنتمين للحزب الوطني من العمل السياسي مرّة أخرى، وكانت محاولات لاحقة لإعادة فرض العزل السياسي عبر البرلمان، وتمّ إلغاؤه بحلّ البرلمان، والحكم بعدم دستوريّة العزل. ثمّ تمّ تفعيل إعادة العزل من خلال مادة بالدستور المصري الذي استفتي عليه الشعب في 2012، ومحوها بعد ذلك في دستور المجلس العسكري، وهو ما عزّز لاحقًا الشعور بمحاولات المجلس العسكري للاتفاف على الثورة.

أطلقت الدعوات إلى مظاهرة مليونيّة حاشدة يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر، وهي المظاهرات الضخمة التي كان الإسلاميّون من أهمّ الداعين إليها، برفقة الجبهة السلفيّة وأنصار حازم صلاح أبو إسماعيل.

نوعًا ما، انتهت المظاهرات دون وقوع اشتباكات، وفي اليوم التالي، وبعد انسحاب أغلب المتظاهرين من ميدان التحرير، وقعت الاشتباكات الدمويّة التي عُرفت باسم "أحداث محمد محمود"، والتي لم يشارك بها الإخوان بشكل رسمي، وفي الفترة نفسها، كان الإخوان أكبر الفائزين في أوّل انتخابات برلمانيّة بعد الثورة.

أما بخصوص المظاهرة المليونيّة ضد وثيقة السلمي، فقد نشرت صحيفة الأهرام المصريّة حينها: " رفض حزب المحافظين ومصر القومي وحزب المساواة والتنمية المصريين والأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والجبهة الحرة للتغيير السلمي المشاركة في المليونية مؤكدين تأييدهم لوثيقة السلمي، وأن مشاركتهم في المظاهرات تمثل دعمًا للتيار الإسلامي".

ومن جهته، أيّد محمد البرادعي وثيقة السلمي، معبّرًا عن أنّها عمل إيجابي وضروري والخلاف حولها لا يستلزم التظاهر، بل ينتهي بالحوار، مؤكدًا أنّ المجلس العسكري حتّى الآن يبدو عازمًا على تسليم السلطة للمدنيين.

أما بخصوص الأحداث التي راح ضحيتها 42 شهيدًا، فقد قال علي السلمي في حوار سابق له مع جريدة "المصري اليوم"، أنّ حكومة الدكتور شرف، لم تكن على علم بقرار إخلاء الميدان بالقوّة، وأنّها فوجئت به، مشيرًا إلى أنّ وزير الداخلية السابق، اللواء منصور العيسوي، نفى في اجتماع مجلس الوزراء إصدار أيّ تعليمات بفضّ الاعتصام، الأمر الذي جعل الحكومة تتقدّم باستقالتها.

التعليقات