ثمانيني وزوجته على خط التماس... قصة من حلب

لأكثر من أربعة أعوام من الدمار والقصف والمعارك العنيفة، صمدت نجاح برفقة زوجها الثمانيني في بيتها الواقع على خطّ التماس في مدينة حلب، في حيّ يفصل حي الميدان الذي تسيطر عليه قوات النظام، عن القسم الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة.

ثمانيني وزوجته على خط التماس... قصة من حلب

لأكثر من أربعة أعوام من الدمار والقصف والمعارك العنيفة، صمدت نجاح برفقة زوجها الثمانيني في بيتها الواقع على خطّ التماس في مدينة حلب، في حيّ يفصل حي الميدان الذي تسيطر عليه قوات النظام، عن القسم الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة.

نجاح ذات الـ65 عامًا، كانت منذ بدء الأحداث تحتفظ بأمل أنّ المعارك ستنتهي ذات يوم. تقول نجاح بعد انتهائها من تنظيف منزلها "كنّا على خط التماس ومحاصرين من الطرفين، نتلقى الضرب كلّ يوم من هنا وهناك، مشيرة بيديها إلى جانبي الشارع قبل أن تضيف "لكننا صمدنا".

يمكن رؤية معالم الدمار الشديد التي خلّفتها المعارك خارج منزل الزوجين، معظم الأبنية مهدمة والركام يملأ الأرصفة، إذ يلوّن السواد جدران ما تبقّى من الأبنية، فيما تتدلى معدات الصحون اللاقطة وأجهزة التقاط البث من السطوح.

قبل أن تغمض نجاح عينيها في كلّ ليلة، كانت تخشى من سقوط رف موضوع فوق سريرها جراء قوّة المعارك، وتقول "القذائف كانت تكسر أبواب المنزل، لكننا صبرنا بانتظار الفرج"، وتضيف بحسرة "بقينا في المنزل. لم نتحرّك، ولم يتفقدنا أحد" ثمّ تهمس "كلّ واحد يهتم بحاله".

كان الزوجان يعيشان بهدوء، قبل أن تتحوّل المدينة إلى ساحة معارك بين الجيش والفصائل المقاتلة منذ 2012. ويستعيد محمد كيف استفاق مع زوجته ذات يوم ليجدا نفسيهما محاصرين بين طرفي النزاع.

ويقول الرجل الذي يرتدي ثيابًا شتوية تقيه البرد القارس "أصبحنا بين نقطتين عسكريّتين، ولم يبق أحد سوانا في المنزل". ويضيف "يعيش ابني مع أولاده الستة في آخر الشارع".

كان محمد يعمل كسائق لمدة 60 عامًا قبل اندلاع الأحداث في حلب، ويوضّح "كلّ ما جنيته اشتريت به أثاث المنزل"، مضيفًا "بقيت هنا لأن أغراضي وأغراض أولادي موجودة فيه"، وفي لحظة تقاطعه نجاح لتقول "بقينا لا لحماية الأغراض فحسب، بل لأننا نأمل أنّه لا شيء يمكن أن يستمرّ إلى الأبد".

ولا تتوقف معاناة الزوجين عند هذا الحد، فهما كما سكان الأحياء الشرقية، يعانون من شظف العيش وقلة الموارد والنقص الحاد في المواد الغذائية بسبب الحصار المفروض وحدة الأعمال القتاليّة".

وتقول نجاح "لم نتمكن من الخروج إلا نادرًا. كنا نعتاش على ما هو موجود في المنزل حتى نفذت المؤونة".

وتضيف السيدة التي كشفت تجاعيدها عن مشقة الحياة التي عاشتها، |اضطررنا لأكل الحشيش والأعشاب التي زرعناها" موضحة "كنت أتبلها أحيانًا بما يتوفّر لدي أو أكتفي أحيانًا أخرى بإضافة الملح فحسب".

أما زوجها محمد، فقط تفنن خلال الحصار في صنع سجائره، ولم يتردد في تجفيف أوراق الشجر قبل لفّها وتدخينها، إذ تقول نجاح "لا شيء نفعله في المساء سوى سرد الذكريات الماضية عندما كانت العائلة مجتمعة".

 

التعليقات