الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد... مُرشّح مستقل أطاح بالأقطاب التّقليديّة

حقَّق المرشح المستقل، أستاذ القانون الدولي، قيس سعيد (61 عامًا)، فوزًا عريضًا أمام منافسه نبيل القروي (59 عامًا)، مرشح حزب "قلب تونس"، في نتيجة متوقعة، وعَبَر الدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية، إلى قصر قرطاج الرئاسي، دون أن يمتلك ماكينات إعلامية

الرئيس التونسي الجديد قيس سعيّد... مُرشّح مستقل أطاح بالأقطاب التّقليديّة

الرئيس التونسي الجديد، قيس سعيّد (أ ب)

حقَّق المرشح المستقل، أستاذ القانون الدولي، قيس سعيد (61 عامًا)، فوزًا عريضًا أمام منافسه نبيل القروي (59 عامًا)، مرشح حزب "قلب تونس"، في نتيجة متوقعة، وعَبَر الدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية، إلى قصر قرطاج الرئاسي، دون أن يمتلك ماكينات إعلامية ولا لوبيات سياسية ولا حتى إمكانيات هائلة أو لافتات عملاقة.

وفي ما يمكن اعتباره فوزا متوقعا، نقل التليفزيون نتائج أولية نشرتها مؤسسة سيغما كونساي لسبر الآراء، الأحد، تحقيق المرشح المستقل لرئاسيات تونس قيس سعيد 76.9 بالمائة من الأصوات، ليقترب إلى قصر قرطاج.

وقالت المؤسسة إن سعيد حصل على 76.9 بالمئة من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، في حين حصل مرشح حزب "قلب تونس" نبيل القروي على 23.1 بالمئة، حاصدا تأييدًا من مختلف التيارات السياسية والفكرية، والعائلات، إذ إنه أطاح بأقطاب تقليدية مهيمنة على السلطة.

وفاز سعيّد بكل التوليفة الاستثنائية الكامنة فيه، وبالاختلاف الطاغي على كل شيء بشخصيته.. طريقة حديثه وتفكيره وتصرفاته وقناعاته، إذ إنه مناهض شرس للنظام السابق، ولنواقص الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، وداعم قوي لمطالب ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس حينها، زين العابدين بن علي.

التونسيون يحتفلون(أ ب)

الشعب مصدر السلطات

"أنا لا أبيع الوهم للشعب التونسي، وبرنامجي الذي أعلنته واضحًا، وهو أن الشعب هو مصدر السلطات، والدستور يجب أن يكون قاعديًا، ولا توجد ما تسمى دولة مدنية ولا دينية".

هكذا وصف سعيد، المعروف بلغته العربية الفصحى، منهجه وأيدلوجيته الفكرية، وهو الذي قال إنه ترشح مدفوعًا بإكراهات واقع يرى أنه لم يرق إلى تطلعات شعب ثار على نظام مستبد.

مستقل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ إذ لم يُعرف له أي انتماء سياسي قبل الثورة أو بعدها، وهو ناقم على الأحزاب التي يرى أن عهدها "أفلس وولى"، كما أنه يرى أن السلطة "ستكون بيد الشعب الذي يقرر مصيره ويسطر خياراته"، وهو ما أطلق عليه عبارة "الانتقال الثوري الجديد"، وهو أساس شعار حملته الانتخابية: "الشعب يريد".

منافسٌ لكن بمبادئ تجلت في رفضه القيام بحملته الانتخابية، عملًا بمبدأ تكافؤ الفرص مع القروي، حين كان الأخير موقوفًا بتهمة تبييض أموال وتهرب ضريبي، وهو ما جعل سعيد يحصد تقديرًا حتى من مناوئيه.

لا يحب البروتوكولات، وأعلن أنه لن يسكن في قصر قرطاج، ولن تكون زوجته القاضية "سيدة تونس الأولى"، وأنه يريد أن يعيش مواطنًا تونسيًا بسيطًا كما هو.

(أ ب)

الدولة والمدنية

واجه سعيّد محاولات لتشويهه من جانب منتقديه ممن يعيبون عليه عدم التصدي للنظام السابق، ويتهمونه بـ"ركوب" موجة الثورة طمعًا في تحقيق مكاسب شخصية.

ورد عليهم بقوله إنه لم يكن ثوريًا ومعارضًا للنظام السابق بالمعنى المتعارف عليه، لكنه مع ذلك رفض مناصب عديدة في العهد السابق.

وتابع: "قلت (لا) يوم كان البعض ممن يظهرون اليوم في وسائل الإعلام يتمنون الاقتراب من دائرة القرار".

وعارض المشروع الرئاسي للمساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وقال إنه لن يقوم بتأويل نص قرآني، وشدد على أن "المسألة محسومة بالنص القرآني، وهو واضح وصريح ولا يحتاج للتأويل.. فنحن لسنا ضيعة ولا بستانا، بل دولة".

يُحسب له أيضا تمسكه باستقلاليته، حيث رفض حتى وقت قريب قبل الاقتراع، التحالف مع أي حزب سياسي، تمامًا كما رفض تمويل الدولة لحملته الانتخابي "حتى لا يكون رهين أي جهة كانت من ناحية مالية أو سياسية"، على حد قوله.

رغم ذلك، أثار سعيّد ضجة كبيرة بظهوره، في 2018، مع رضا بلحاج، ممثل حزب "التحرير" السلفي المتشدد؛ ما جعل كثيرين يعتقدون أن المرشح الرئاسي بدأ في اختيار قواعده، ويراهن على إقناع أنصار الحزب للاصطفاف خلفه، رغم أن أدبيات الحزب لا تؤمن بالدولة ولا بالانتخابات.

الدراسة والمسار الأكاديمي

وُلد سعيد في 22 شباط/ فبراير 1958 بتونس، وحصل على شهادة الدراسات المعمقة في القانون الدولي العام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.

وهو حاصل أيضًا على دبلوم الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، ودبلوم المعهد الدولي للقانون الإنساني في "سان ريمو" الإيطالية.

بدأ حياته المهنية، في 1986، مدرسًا بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية بمدينة سوسة (شرق)، قبل أن ينتقل في 1999 للتدريس بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس العاصمة.

(أ ب)

تقلد بين عامي 1989 و1990 مهام مقرر اللجنتين الخاصتين لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من أجل الإعداد لتعديل مشروع ميثاق الجامعة، ومشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية.

كما عمل سعيد، وهو متزوج وأب لثلاثة أبناء، خبيرًا متعاونًا مع المعهد العربي لحقوق الإنسان من 1993 إلى 1995.

حصل في 1997 على عضوية المجلس العلمي وعضوية مجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري، وهو أيضًا رئيس مركز تونس للقانون الدستوري من أجل الديمقراطية.

التعليقات