بيل غيتس "فزّاعة" نظريات المؤامرة حول منشأ كورونا

تتزاحم الأخبار التضليليّة والتقارير المُصوَّرة والتي تشبه فيديوهات الخيال العلمي الرائدة في تصويرها شركة "هوليوود"، على شبكات التواصل الاجتماعي، الهادفة إلى تسليط الضوء على أجساد وشركات عالميّة كبرى، لتعزز من خلالها ادعاءات وقوفها خلف انتشار فيروس كورونا.

بيل غيتس

بيل غيتس (أ ب)

تتزاحم الأخبار التضليليّة والتقارير المُصوَّرة والتي تشبه فيديوهات الخيال العلمي الرائدة في تصويرها شركة "هوليوود"، على شبكات التواصل الاجتماعي، الهادفة إلى تسليط الضوء على أجساد وشركات عالميّة كبرى، لتعزز من خلالها ادعاءات وقوفها خلف انتشار فيروس كورونا.

ويقف بيل غيتس مؤسس مجموعة "مايكروسوفت" وهو ثاني أغنى رجل في العالم، تحت ضوء الاتهامات التي تطوله بشأن "اخترع كوفيد-19" وأنه "يريد إفراغ الأرض من سكانها" و"زرع شرائح إلكترونية في البشر".

وأصبح الملياردير الأميركي الشهير الهدف المفضل لأصحاب نظريات المؤامرة الذين يستفيدون من خلال منشوراتهم في زيادة عدد المشاهدات مع تفشي الوباء.

وشرح مدير البحوث في "فيرست درافت" وهي -شبكة من وسائل إعلام تقوم بمشاريع لمكافحة التضليل عبر الإنترنت- روري سميث، أن "غيتس الذي أصبح فاعل خير استحال دمية فودو يزرع فيها المتآمرون من جميع المشارب"، مثل الإبر، "نظرياتهم المختلفة".

ووصفت ويتني فيليبس من الجامعة الأميركية في سيراكيوز، الملياردير الأميركي الذي انخرط منذ 20 عاما عبر مؤسسة غيتس في حملات التلقيح ومكافحة الأوبئة، بأنه يستخدم "كفزاعة".

فقد حصد مقطع فيديو بالإنكليزية يتهمه، من بين أمور أخرى، بالرغبة في "القضاء على 15% من سكان العالم" عن طريق اللقاحات وزرع رقائق إلكترونية في أجساد البشر، ما يقرب من مليوني مشاهدة على "يوتيوب" في أقل من شهرين.

وهذه الادعاءات "زادت بشكل صاروخي" بين كانون الثاني/ يناير ونيسان/ أبريل بحسب روري سميث إلى درجة بات فيه الفيديو التضليلي باللغة الإنكليزية الموجه ضد بيل غيتس الآن أكثر المنشورات المرتبطة بكوفيد-19 الذي أودي بحياة أكثر من 300 ألف شخص حول العالم، شيوعا، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

ويمكن العثور على الادعاءات المضللة في أرجاء العالم وبكل اللغات على "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر" و"واتساب" و"4تشان" و"ريديت".

ومن خلال الاقتباسات المحرّفة وتركيب الصور والاختصارات المضللة، تتهمه هذه المنشورات برغبته في إعطاء لقاح مسموم للأفارقة من خلال شل مئات الآلاف من الأطفال والسيطرة على منظمة الصحة العالمية واستخدام أدمغتنا لإنشاء عملات افتراضية.

وإذا كان جزء كبير منها متداولا قبل تفشي فيروس كورونا المستجد، فإن الادعاءات التي تستهدف بيل غيتس تشترك في نقطة واحدة: اتهامه بالرغبة في الاستفادة من الوباء مثل شخصية "المستفيد من الحرب": السيطرة على العالم أو زيادة ثروته من خلال بيع اللقاحات.

وقال سميث إن "هذه النظريات يمكن أن تقلل من ثقة الناس في المنظمات الصحية وتخفض معدلات التلقيح، وهو أمر مثير للقلق".

وأوضحت الباحثة كينغا بولينتشوك ألينيوس، على مدونة لجامعة هلسنكي أنه "يجب على أي نظرية مؤامرة أن تكشف مطلقها" مضيفة "لأنه انتقد إدارة ترامب ولأنه قطب تكنولوجيا تحول إلى فاعل خير وهو مروج كبير وممول لحملات التلقيح والمؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، فهو كبش فداء مثالي للأزمة".

وقال الباحث في علم النفس الاجتماعي في جامعة رين، سيلفان ديلوفي، إنه "لم يصبح نجم نظريات المؤامرة فقد كان كذلك منذ فترة طويلة".

فقد اتهم بيل غيتس في السابق بالوقوف وراء وباء زيكا كما قال هذا الاختصاصي في نظريات المؤامرة، لكن بفضل الأزمة الصحية الحالية غير المسبوقة، يحطم بيل غيتس المستويات القياسية.

وتابع روري سميث أن "هذا ليس مفاجئا، نظرا إلى أنه مرتبط بقضايا الصحة العامة بطرق مختلفة مع المشاريع التي أطلقها حول العالم".

ومن بين النظريات، أن بيل غيتس هو من صنع الفيروس و"الدليل؟" لديه "براءة اختراع" و"تنبأ بالوباء" خلال مؤتمر في العام 2015.

في الحقيقة؟ قدم معهد بحثي تلقى تمويلا من مؤسسة غيتس، براءة اختراع لفيروس كورونا حيواني المنشأ.

ومثل جزء من المجتمع العلمي، كان بيل غيتس قد عبر عن قلقه من احتمال تفشي جائحة ما. وهذه الادعاءات الكاذبة تشاركتها أيضا شخصيات معروفة مثل الممثلة الفرنسية جولييت بينوش في تجاوز للانقسامات السياسية.

وقد أثار بيل غيتس المنتقد لدونالد ترامب غضب لورا إنغراهام مقدمة البرامج التلفزيونية المحافظة التي اتهمته برغبته في "تعقب" الأشخاص من خلال اللقاحات.

وإثباتًا لشعبية هذه النظريات، يمكن إيجادها على الجانب الآخر من رقعة الشطرنج السياسية مع روبرت كينيدي جونيور، ابن شقيق الرئيس الديمقراطي السابق المناهض لترامب وللقاحات.

وإن أردنا التبسيط، فإن ثروته وكونه من عمالقة التكنولوجيا تجعلانه شخصا "مشتبها" لدى اليسار المتشدد، في حين أن شخصيته الدولية المؤثرة تجعله تجسيدا لـ"نزعة عالمية" يكرهها اليمين المتشدد، كما شرح سيلفان ديلوفي.

وتابع أنه مع ذلك، فإن فضح الادعاءات الكاذبة لا يعني "أن كل الأشخاص جيدون"، مشيرا إلى أنه قد تكون هناك تساؤلات حول استخدام البيانات الشخصية من قبل مجموعات التكنولوجيا أو الحكومات على سبيل المثال.

كذلك تعرضت مؤسسة بيل غيتس لانتقادات بسبب نقص الشفافية في إدارتها أو اختيارها للتمويل في مجلة "ذي لانسيت" العلمية.

التعليقات