"لديّ حلم": كيف يتذكّر العالم مارتن لوثر كينغ؟

في عام 1963، قاد كينغ أولى تظاهراته للاحتجاج على معاملة السود في بيرمنغهام، واعتقل حينها وسجن بتهمة الإخلال بالأمن والنظام، وكانت هذه مجرّد مرّة واحدة، من بين 29 مرّة أدخل فيها السجن بسبب المظاهرات التي كان ينظّمها

مارتن لوثر كينغ يتحدث أمام حشد في مسيرة سيلما (Getty)

مع بداية كلّ عام في شهر كانون الثاني/ يناير، ومنذ عام 1983، يستذكر العالم القسّ الأميركيّ المعروف الدكتور مارتن لوثر كينغ، ويتمّ الاحتفال في اليوم الرابع من شهر كانون الثاني/ يناير باعتباره عطلة فيدراليّة، من أجل إحياء حملته من الكفاح من أجل المساواة العرقيّة للأميركيّين السود، ومن المعروف أنّ هذا الشهر، يحفل بالعديد من الفعاليّات من أجل إحياء حملته والتذكير بها في أميركا والعالم.

وقاد المدافع عن الحقوق المدنيّة، مارتن لوثر كينغ، حملته التي وصلت أصداؤها إلى مختلف أنحاء الكوكب، من خلال التماهي مع المهاتما غاندي في شبه الجزيرة الهنديّة، ونيلسون مانديلا وحملته في النضال السلميّ تجاه نظام الأبرتهاد في جنوب أفريقيا، حيث اختار "السلميّة" طريقًا نحو مجتمع عادل أسماه "حلم الأرض الموعودة"، والذي يتساوى فيه الناس، بغض النظر عن لون البشرة أو العرق.

تشبّع مارتن لوثر كينغ في طفولته بالدين، وكان كثيرًا ما يُضرب من قبل والده، لكنّه كان يتلقّى الضرب بالسوط دون صراخ أو بكاء، وخلال صباه، حاول الانتحار بإلقاء نفسه من نافذة المنزل، وكان أوّل وعيه بالعنصريّة بعد أن منعه والد صبيّ أبيض من اللعب، بحجّة أنّه أسود، ومن ذلك الحين، بدأ يتعزّز لديه مفهوم التمييز العنصريّ، حتّى أنّه هُدّد مرّة بالسجن أثناء سفره بالحافلة، لأنّه رفض ترك مكانه لشخص أبيض.

لديّ حلم

مارتن لوثر كينغ في مظاهرة أمام مبنى عاصمة ولاية ألاباما (Getty)

في عام 1963، قاد كينغ أولى تظاهراته للاحتجاج على معاملة السود في بيرمنغهام، واعتقل حينها وسجن بتهمة الإخلال بالأمن والنظام، وكانت هذه مجرّد مرّة واحدة، من بين 29 مرّة أدخل فيها السجن بسبب المظاهرات التي كان ينظّمها من أجل المطالبة بحقوق السود، إذ كان من المنظّمين لـ"مؤتمر القيادة المسيحيّة الجنوبيّة"، حيث تحدّى الحظر القانوني، وتوّجت المظاهرة في مواجهات دمويّة، والتي تناولته هوليوود لاحقًا في فيلم "سيلما" عام 2014.

كان كينغ أوّل المطالبين بحقّ التصويت للسود في أميركا، وحقّهم في الانخراط في المؤسّسات السياسيّة الأميركيّة، كما نظّم مظاهرة عام 1963، جمعت ربع مليون شخص من المتظاهرين الذين يدعون إلى المساواة الكاملة في واشنطن، وألقى خطبته الشهيرة التي جاءت بعنوان "لديّ حلم"، والتي مثّلت المنعطف الأكبر في حملة المطالبة بالمساواة، وألقاها تحت نصب إبراهام لينكلن، وتدرّس هذه الخطبة اليوم، كواحدة من أهمّ الخطابات السياسيّة في التاريخ، في مختلف جامعات العالم، حيث أعلن فيها أنّه وبعد "إعلان تحرير العبيد" في عام 1863، وبعد 100 عام، لا يزال السود يفتقرون إلى حريّتهم.

يوم ميلاد كينغ

مارتن لوثر كينغ مع عائلته (Getty)

قبل اغتياله بعشر سنوات عام 1968، وبينما كان يوقّع نسخًا من كتابه للجمهور "خطوات نحو الحريّة"، تعرّض لعمليّة اغتيال فاشلة في هارلم، نيويورك، من قبل امرأة، وخضع حينها لعمليّة جراحيّة فوريّة أنقذت حياته، على أنّه كان قد تنبّأ بمقتله اغتيالًا، وهذا ما حدث في مساء الرابع من أبريل عام 1968، عندما كان يقف في شرفة غرفته، عندما أطلق عليه شخص اسمه جيمس إيرل النار، فأصابه في وجهه، وبعد نقله إلى المستشفى، أعلنت وفاته عن عمر ناهز الـ39 عامًا، ودُفن في "د. مارتن لوثر كينغ ناشونال هيستوريكال بارك".

جدير بالذكر، أنّه في عام 2023، يوجد حوالي 730 شارعًا على اسم مارتن لوثر كينغ في مختلف أنحاء الولايات المتّحدة الأميركيّة، بالإضافة إلى النصب التذكاريّ في واشنطن، والذي تمّ تنصيبه قبل عشر سنوات.

وفي كانون الثاني/ يناير من كلّ عام، يحتفل الأميركيّون بيوم مارتن لوثر كينغ، والتي بدأت من قبل النقابات العماليّة. وكان النائب الأميركيّ الديمقراطيّ، جون كونيرز، والسنتاور الأميركيّ الجمهوريّ إدوارد بروك، قد قدّما للكونغرس الأميركيّ مقترحًا، لجعل يوم ميلاد كينغ عيدًا وطنيًّا، وطُرح مشروع القانون لأوّل مرّة عام 1979، إلّا أنّه لم يمرّ في البداية، لأنّه افتقد إلى 5 أصوات، وكانت الحجج في حينه أنّ هذه العطلة ستكون مكلفة، وأنّ كينغ لم يكن قد شغل أيّ مناصب عامّة، إلّا أنّه وبعد ذلك، أجريت حملة واسعة في الولايات المتّحدة الأميركيّة من أجل هذا اليوم، كما أصدر الموسيقيّ ستيفي ويندر، أغنية خاصّة لهذا اليوم بعنوان "هابي بيرثداي"، وجمع نحو 6 مليون توقيع، وقدّمت هذه اللائحة إلى الكونغرس لإجراء القانون، حيث وصفت صحيفة "ذا نيشن" الأميركيّة، هذه الحملة بأنّها "أكبر عريضة لصالح قضيّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة".

وكان الرئيس الأميركيّ في ذلك الوقت، رونالد ريغان، معارضًا لاعتبار ميلاد مارتن لوثر كينغ عطلة رسميّة في الولايات المتّحدة الأميركيّة، وكانت بعض الاتّهامات الجاهزة التي تُلقى على كينغ بأنّه شيوعيّ، لكن مع ذلك، وقّع ريغان مشروع القانون عام 1983، وعلى الرغم من اعتبار الرابع من كانون الثاني/ يناير عطلة رسميّة، إلّا أنّ بعض الولايات الأمريكيّة، رفضت اعتبار هذا اليوم عطلة.

التعليقات