توليد الطاقة من مخلّفات الطعام: واقع بعد حلم

وأوضح الباحثون الذين ترأسهم أستاذ الكيمياء بالجامعة، د. شيلي منتير، أن المغذيات في النباتات تصادف البكتيريا داخل التربة، ويتولد من هذه العملية إطلاق للإلكترونات، وبدورها، تقوم شبكة من الأقطاب الكهربية موضوعة في التربة بالتقاط

توليد الطاقة من مخلّفات الطعام: واقع بعد حلم

الصورة للتوضيح فقط

نضوب الطاقة من أكثر المشاكل الرئيسية التي تواجه تقدّم العالم وتهدد الحضارة الإنسانية، فمصادر الوقود التقليدية لم تعد كافية لتوفير الطاقة اللازمة للماكينات والآلات والأجهزة التي لا يسير عالمنا بدونها، فضلا عن الثمن الباهظ لاستخراجها والتلوث الناجم عنها، ما يجعل الحاجة ملحّة للبحث عن مصادر طاقة بديلة أقل تلوثا وأقل تكلفة، وهو ما وجده العلماء في الوقود الحيوي، حيث أصبح بالإمكان شحن الهاتف الذكي بواسطة النباتات، وتشغيل “اللاب توب” ببقايا فطيرة، وإضاءة مصباح الغرفة بواسطة الطين.

تمكن مجموعة من الباحثين في جامعة سانت لويس بولاية ميزوري الأميركيّة، من إنشاء خلايا وقود حيوية تستطيع تحويل الدهون والسكر إلى طاقة لتشغيل مجموعة من الآلات والأجهزة، وتستلهم هذه التقنية آلية عملها من خلال عمل الميتوكوندريا داخل خلايا جسم الإنسان، والتي تعد مراكز الطاقة في الخلية، حيث تقوم الميتوكوندريا بتحويل السعرات الحرارية في الطعام بمعاونة مواد كيميائية داخل الجسم إلى طاقة كيميائية يخزنها الجسم لحين احتياجها، مؤكدين أن هذه الخلايا يمكن أن تحل محل البطاريات في مجال واسع من الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية.

خلايا الوقود الحيوية أو الميكروبية “MFCs”، هي عبارة عن نظام حيوي كهروكيميائي يعتمد على استخدام الكائنات الحية المجهرية، مثل البكتيريا، وعوامل بيولوجية حافزة لتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية، وتتكون الخلية الكهروكيميائية الحيوية مثل معظم البطاريات التقليدية من قطب حيوي سالب أو آخر موجب أو كليهما من أجل دعم التفاعل، وانتقال الإلكترونات.

وأوضح الباحثون الذين ترأسهم أستاذ الكيمياء بالجامعة، د. شيلي منتير، أن المغذيات في النباتات تصادف البكتيريا داخل التربة، ويتولد من هذه العملية إطلاق للإلكترونات، وبدورها، تقوم شبكة من الأقطاب الكهربية موضوعة في التربة بالتقاط هذه الإلكترونات، ونقلها عبر شبكة الأقطاب إلى بطارية قياسية، فإذا كانت نبتة صغيرة تستطيع توفير الطاقة اللازمة لإضاءة مصباح، وإذا كانت نبتة كبيرة يمكن أن توفر طاقة أكبر.

ونظرًا إلى أن مستويات الطاقة الحيوية الناتجة عن هذه الخلايا تكون منخفضة نسبيًا، فإنه يناسب استخدام هذه التقنية في تشغيل الأجهزة الكهربية الصغيرة، والتطبيقات التي تتطلب مقدارًا منخفضًا من الطاقة، مثل: مجسّات رصد الحركة ودرجات الحرارة، وتحديد المواقع وتطبيقات المراقبة، كما يمكن استخدامها في تشغيل أجهزة الاستشعار الصغيرة والمصممة للكشف عن المتفجرات المخفية.

ويفضل العلماء استخدام هذه الخلايا كمولدات للطاقة لخواصها المستدامة على المدى الطويل، فضلًا عن عدم احتياجها لإعادة الشحن مثل البطارية التقليدية، وقلة تكلفتها، وقدرتها على العمل جيدا في الظروف المعتدلة تحت درجات حرارة تتراوح بين 20 و40 درجة مئوية، إلى جانب رخص مواد التشغيل المطلوبة، فأي مادة عضوية يمكن أن تستخدم لتغذية خلايا الوقود الحيوية وتشغيلها لتولد الطاقة، كالمحاصيل الزراعية التي يمكن استخدامها في توليد الطاقة، وهذا يسمح بإنشاء محطات طاقة معتمدة على وجود الطحالب، ورقع واسعة ومتنوعة من الغطاء النباتي، وأيضا النباتات المائيّة.

وتتضافر جهود مجموعة من علماء الأحياء الدقيقة والمهندسين والجيوكيميائيين بجامعتي جنوب كاليفورنيا ورايس في الولايات المتحدة، لتخليق خلايا وقود بكتيرية أكثر قدرة على توليد طاقة أكبر، بحيث يمكن لها أن تشغل طائرات التجسس بدون طيار صغيرة الحجم، بينما تتجه البحرية الأميركيّة لاستخدام خلايا الوقود الحيوية لتشغيل أجهزة الاستشعار، والتي تحتاج لمدها بالطاقة فترات أطول من المعتاد لتمكين جمع واسترجاع البيانات من تحت سطح البحر دون الحاجة لاستخدام بنية تحتية من الأسلاك لعملية النقل.

وقد كشفت دراسة حديثة، أجراها باحثون بجامعة ماساتشوستس الأميركية، عن تطوير سلالة جديدة من هذه البكتيريا، تقوم بتوليد الكهرباء من الطين والمخلفات، ويمكنها أن تزيد ناتج الخلية من الوقود إلى أكثر من 800 بالمئة، ما جعل هذه الأبحاث تحمل آمالا واعدة في مجال الهندسة الكهربية والكيميائية، وهندسة خلايا الوقود الميكروبية نحو مزيد من التطبيقات لاستخراج الكهرباء من المخلفات، فمع استمرار استنزاف الطاقة التقليدية، قد تحمل هذه التقنية المخرج لمستقبل طاقة نظيف ومتجدد لا يعتمد في بقائه على المخزون من النفط، ومصادر الطاقة الحفرية، التي تتسبب في مشاكل بيئيّة، كما أنها في طريقها إلى النضوب مع استنزافها المستمر.

اقرأ/ي أيضًا | كيف نتغلّب على النسيان أثناء الدراسة؟

التعليقات