رُحل الأناضول... والتشبث بثقافة الأجداد

واصل الأتراك الرُحل من قبيلة "صاري كجيلي"، إحياء عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة منذ مئات السنين وحتى اليوم، رغم التطور التكنولوجي في عصرنا الراهن، إذ يجوبون أرجاء البلاد، على ظهور جمالهم، حاملين معهم ثقافة الأجداد.

رُحل الأناضول... والتشبث بثقافة الأجداد

واصل الأتراك الرُحل من قبيلة "صاري كجيلي"، إحياء عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة منذ مئات السنين وحتى اليوم، رغم التطور التكنولوجي في عصرنا الراهن، إذ يجوبون أرجاء البلاد، على ظهور جمالهم، حاملين معهم ثقافة الأجداد.

ورغم انتقال معظم أبناء القبيلة إلى نمط الحياة المستقرة، إلا أن البعض منهم يتشبثون بتقاليدهم، حيث يقضون شهور الشتاء، ببردها القارس، في خيامهم المصنوعة يدويا من شعر الماعز، على ساحل البحر المتوسط، ويتجهون مع حلول الربيع، إلى قمة جبال "طوروس"، جنوب شرقي الأناضول، وأغنامهم أمامهم، وأمتعتهم على جمالهم، قاطعين مسافات طويلة، على أمل التمتع بمناخ طيب، ورعاية حيواناتهم في المراعي الجبلية الخضراء.

وانتقلت عائلة غوك، إحدى العائلات القليلة التي تحيي هذا الإرث، من بلدة أيدنجيق بولاية مرسين التركية، المطلة على ساحل البحر المتوسط، التي كانت تقنطها في شهور الشتاء، إلى بلدة خادم بولاية قونية وسط الأناضول.

ويقول مصطفى غوك (64 عاما)، "وجدت نفسي مهاجرا فوق جمل، منذ تفتحت عيناي على هذا العالم"، مؤكدا أنه "عازم على عدم التخلي عن عاداتهم وإرثهم الثقافي، على الرغم من كافة الصعوبات، التي يواجهونها ومهما حصل".

وأشار غوك، أنه ثمة اختلافات طرأت على حياتهم، على مر السنين، فضلا عن الأماكن والمراعي التي كانوا يفضلونها، قائلا "كنا نفضل سابقا المراعي في مناطق موط بولاية مرسين، وبي شهير وسيد شهير بولايتي قرمان وقونية، لكننا في هذه الأيام، نتوجه إلى المراعي بمنطقة "خادم".

وعن تاريخ هجراتهم، قال غوك، "جاء أجدادنا من أسيا الوسطى على ظهور جمالهم، واختاروا المناطق المطلة على ساحل البحر المتوسط، المعروف بدرجة حرارته الدافئة، لقضاء شهور الشتاء، ومع قدوم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، رحلوا مجددا باحثين عن ملجأ لهم ولأغنامهم، يحميهم من الظروف المناخية الصعبة، حتى وصلوا إلى قمم جبال طوروس".

وعن حياتهم الاجتماعية، أعرب غوك الذي يملك ثلاثة أبناء، عن حزنه بسبب عدم تمكنه من الدراسة وتلقي العلم، نظرا للظروف الصعبة التي عاشها، مؤكدا أن "ثقافة التعليم وإرسال الأطفال إلى المدارس لم تكن موجودة في عهدهم".

من جانبه، قال رب أسرة، والي غوك، "قضى أجدادنا حياتهم على مر السنين في الترحال والهجرة، ونحن نواصل هذا الإرث، على الرغم من كافة المشقات، حتى اليوم"، مشيرا إلى أنهم "باقون على هذا النحو حتى توافيهم المنية".

اقرأ/ي أيضًا | "النّور" السوريون تحت سطوة "الزير سالم" من جديد

وتابع والي، الذي يبلغ عمره (60 عاما) "عاش أجدادنا على مر العصور وماتوا هكذا، ودفنوا أينما أتتهم المنية، لذا لا يوجد في ثقافتنا مقابر أسرية".

التعليقات