تعرّف على قصص وصول الألوان المختلفة لملابسنا

هنالك الكثير من الخيارات التي نعتبرها من المسلّمات في أيامنا، حيث نفترض بأنها دائمًا متوفرة، وربما لا يخطر لنا ما الجهد الذي بذلَ لتتوفر لنا بهذه السهولة. الألوان أحد هذه الخيارات، وألوان الملابس تحديدًا، حيث أن توفيرها لم يكن أمرًا بسيطا

تعرّف على قصص وصول الألوان المختلفة لملابسنا

هنالك الكثير من الخيارات التي نعتبرها من المسلّمات في أيامنا، حيث نفترض بأنها دائمًا متوفرة، وربما لا يخطر لنا ما الجهد الذي بذلَ لتتوفر لنا بهذه السهولة.
الألوان أحد هذه الخيارات، وألوان الملابس تحديدًا، حيث أن توفيرها لم يكن أمرًا بسيطًا في الماضي، فلكي تكون الملابس أكثر جاذبية اقتضى الأمر كثيرًا من البحث والتجربة، وكلَّفَ ذلك الإنسان في العصور السابقة كثيرًا من الجُهد والمال، فضلًا عن تكلفة استخراج الصبغة نفسها.
كانت التجربة تستدعي أحيانًا استخدام أنواعًا معيَّنة من النسيج، ولهذا كانت ألوان الملابس تدلّ على  الطَّبقةِ الاجتماعية لصاحبها.

وإن السبب لم يكن في التكلفة وحدها، فقد حرصت الطبقة البرجوازية على وضوح هذا الفرق لفترةٍ طويلة، وهنا تتكون قصص بعض الألوان وكيفية صُنعها:

البنفسجي.. اللون الملكي والإمبراطوري

تم اكتشاف اللون الأرجواني في العصر الروماني،  ويطلق عليه الأرجواني الملكي، واشتهر أيضًا بالأرجواني الإمبراطوري، إذ كان إعداد رطل واحد من هذه الصبغة يحتاج الكثير من الجهد والوقت والمال، مع استخدام آلاف الكائنات الرخوية البحرية.

حيث كان ثمن الصبغة يفوق وزنها من الذهب؛ وبالتالي، لم يقدر تحمُّل التكلفة الباهظة لصبغ الملابس بهذا اللون سوى أغنياء المجتمع.

يذكر أن القانون في إنجلترا آنذاك، كان يحظر ارتداء هذا اللون، باستثناء أفراد العائلة الملكيَّة والمقربين منها.

الأزرق الملكي

حدثت قصة مشابهة للَّون الأرجواني الإمبراطوري مع الذي سُمِّي بالأزرق الملكي، فقد تم استخلاصه من حلزون البحر، حيث إضافة صفة "ملكي" للون كانت تعني اقتصار استخدامه على الملوك فقط.

لوحة لدانتي

الأزرق العادي

في الماضي، كانت بعض الصبغات، كالصبغة الزرقاء التي تستخدم حاليًا في صبغ القماش الجينز، بمثابة موضوعٍ للرفاهية. وحتى عام 1900، كان المصدر الوحيد للـ"أزرق الطبيعي" هو النباتات المغمورة لفترةٍ طويلة في محلول قلوي (أحياناً كان البول يستخدم لهذا الغرض).

وخلال القرن العشرين بدأ الأزرق الصناعي يحلّ مكان الأزرق الطبيعي، وهكذا بات بوسع الجميع ارتداء اللون الأزرق.

الأحمر

قديمًا، استخلصت المادة الرئيسية للصبغة الحمراء من الحشرات التي تعيش في مناطق البحر المتوسط، ويُقال إن رطلا واحدًا من الصبغة كان يستدعي استخدام 70.000 حشرة، وإنتاج صبغة لامعة أو داكنة كان يعلي التكلفة.

الأصفر وأطيافه.. ألوان العامَّة

كانت الألوان التي يمكن تحصليها سهلًا بين العوام، هي الأصفر والبنِّي المائل للصفرة، حيث كان يتم استخراج هذه الألوان من الزهور والنباتات، خاصة الزعفران، بطريقة مباشرة وبسيطة.

ويفسِّر هذا سبب انتشار هذه الدرجات في ألوان ملابس العامة في اللوحات التصويرية القديمة.

كذلك، كان الأخضر من الألوان التي تمكنت الأسر العادية استخراجها بسهولة ودون الكثير من التكلفة، وكان ذلك يتم من لحاء الأشجار.


كيف تمكنّا من ارتداء ألوان الملوك؟

حاليًا، اللون الأرجواني الذي نستخدمه هذه الأيام، تم اكتشافه عبر تجربة لكيميائي شاب، هو ويليام بيركن، في القرن التاسع عشر، حيث كان قصد تجربته محاولة اكتشاف علاج للملاريا، من لحاء شجرة الكينو.

حيث فشلت تجاربه في استخلاص مضادات للملاريا، لكنها خلَّفت عام 1856 إنتاج أول صبغة صناعية أرجوانية،  بنفسجية، التي قفزت إلى عالم الموضة سريعًا، إذ ارتدت الملكة فيكتوريا معطفًا أرجوانيًا في عام 1862.

ولم تقتصر هذه اللحظة على اكتشاف طريقة أخرى لاستخراج الصبغة الأرجوانية فقط، إنما أتاحت لحظة الانتقال إلى الصناعة الكيميائية من استخراج العديد من الصبغات، التي أطلقت العنان للإبداع وأحدثت ثورة في عالم الأزياء.

يشار إلى أن شركات عدة للأدوية، بدأت في الأساس كشركات لإنتاج الصبغات، وهذا يعني أن الثورة التي حدثت في عالم الألوان كانت أساسية أيضًا في ظهور مجال الأدوية الحديثة.

والآن، مرّ قرن على توصُّلُنا للصبغة الكيميائية التي مكّنتنا من الاختيار بين ألوان الملابس دون محدودياتٍ وقيود، وقد أخفى هذا الاكتشاف الإيحاءات التي كانت تنقلها ألوان الملابس عن حالتنا الاجتماعية وقوة مراكزنا، وثروتنا.

اقرأ/ي أيضًا | أضواء السنغال تضيء العاصمة التشيكية!

التعليقات