أميركا: الديمقراطيّة والرعاع

دائمًا ما كانت صورة المجتمع الأميركي في ذهنيّة العرب، مرتبطة بشكل كبير بالتقدم العلمي والتحضر، لكن الدراسات والاستطلاعات الأميركيّة كانت لها وجهة نظر أخرى، إذ أظهرت جهل الأميركيين بأمور بديهيّة، ليس فقط على المستوى الشعبي، ولكن حتى على مس

أميركا: الديمقراطيّة والرعاع

دائمًا ما كانت صورة المجتمع الأميركي في ذهنيّة العرب، مرتبطة بشكل كبير بالتقدم العلمي والتحضر، لكن الدراسات والاستطلاعات الأميركيّة كانت لها وجهة نظر أخرى، إذ أظهرت جهل الأميركيين بأمور بديهيّة، ليس فقط على المستوى الشعبي، ولكن حتى على مستوى كبار المسؤولين.

تتعامل أميركا مع دول العالم بطريقة فجّة وعمياء، حسب وصف البروفيسور جيفري ساكس، الأستاذ المختص بالشؤون الروسية في جامعة هارفرد، ويرى فيها خطرًا محدّقًا يهدد مستقبل العالم والإنسانيّة، ويضيف أنّه في كثير من الأحيان تفتقر إلى أبسط مقومات المعرفة بخصوص هذه البلدان، وتزجّ نفسها بعمى مطبق في قضايا شعوب، وهي لا تفهم أبسط ما يمكن من ثقافتها وتقاليدها وقيمها الاجتماعيّة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

هل تدور الأرض حول الشمس... أم العكس؟!

يعتبر هذا السؤال من أكثر الأسئلة البديهيّة والأساسيّة في العالم. لكن على مستوى الجمهور الأميركي، كانت النتائج صادمة بعض الشيء، إذ نشرت الجمعية العلمية الوطنية في الولايات المتحدة الأميركيّة، دراسة استطلاعيّة على موقعها الرسمي، أجريت على عينة قدرها 2200 مواطن أميركي.

وسُئلت العينة محل الدراسة سؤالًا ربما يكون من أكثر الأسئلة البديهية علميًا، وهو: 'هل تدور الأرض حول الشمس؟'، فأجاب 74%من الأميركيين المشاركين في الدراسة، إجابة صحيحة بالموافقة، ولكن اللافت أن 26% من العينة لا يعرفون الإجابة على هذا السؤال البسيط، والمعلومة التي تبدو بديهية، وتُعد مرتكزًا أساسيًا لعلوم الفلك الحديثة، بعدما اكتشفها نيكولاس كوبرنيكوس في القرن السادس عشر الميلادي، أي قبل قرون طويلة من إجراء الدراسة.

60% من الذين يحق لهم الانتخاب... لا يعرفون حزب الأغلبيّة!

لكنّهم ينتخبون، وهذه هي الديمقراطيّة. إذ كشفت دراسة نُشرت في 17 أيلول/سبتمبر 2014، والتي أجراها مركز أننبرج للسياسة الأميركيّة في جامعة بنسلفانيا، والتي أجريت على 1416 من البالغين، لاختبار مدى معرفة الأفراد بعدد من المعلومات السياسيّة الأساسيّة لبلادهم.

وكشفت الدراسة أن أغلبية الأميركيين المستطلعين، بنسبة بلغت 60%، لا يعرفون الحزب السياسي الذي يسيطر على مجلس النواب، ومجلس الشيوخ.
كما أفادت الدراسة أيضًا، بأن 36% فقط من الأمييكيين، تمكنوا من تسمية الفروع الثلاثة الأساسية للحكومة الأميركية، الممثلة للثلاث سلطات في الولايات المتحدة، وهي: البيت الأبيض الذي يمثل السلطة التنفيذية، والكوغرس؛ بمجلسي الشيوخ ومجلس النواب، الذي يمثل السلطة التشريعية، والمحكمة العليا التي تُمثل السلطة القضائية، في حين فشل 35% من تسمية حتى فرع واحد من الثلاثة.
وفيا السياق نفسه أيضًا كشفت دراسة أجرتها صحيفة 'نيوز ويك' على ألف مواطن أميركي، وتعود لعام 2011، أن 29% من الأميركيين محل الدراسة لا يعرفون اسم جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

30% من الأميركيين لا يعرفون سنة وقوع تفجيرات 11 سبتمبر!

مع حلول موعد الذكرى السنوية الخامسة لأحداث 11 سبتمبر، أجرت صحيفة واشنطن بوست الأميركيّة استطلاعًا للرأي في عام 2006، سألت فيه الأميركيين عن سنة وقوع التفجيرات، لتظهر نتيجة الاستطلاع الصادمة، أنّ أكثر من 30% من الأميركيين لا يعرفون سنة وقوع التفجيرات.

نصف الأميركيين لا يعرفون موقع نيويورك الجغرافي!

أجرى موقع ناشيونال جيوجرافيك، دراسة نُشرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2002، تضمنت عددًا من الأسئلة التي تقيس مدى المعرفة والثقافة الجغرافية لدى الأميركيين، وكشفت الدراسة أن 51% فقط من الأميركيين تمكنوا من تحديد أين تقع ولاية نيويورك.

وأفادت الدراسة أيضًا أن 29% من الأميركيين لم يستطيعوا تحديد، أين يقع المحيط الهادئ جغرافيًا، رغم أن المحيط الهادي يحد الساحل الغربي كاملاً للولايات المتحدة الأميركية.

54% من الأميركيين لا يعرفون أنّ السودان في أفريقيا وتسعة من كلّ عشرة لا يعرفون موقع أفغانستان، و 63% لا يستطيعون تحديد موقع العراق!

وكشفت نفس الدراسة أن واحدًا من بين كل سبع شباب أميركيين، تتراوح أعمارهم من 18 لـ24، يعرفون موقع العراق على الخريطة، رغم أن الغزو الأميركي للعراق كان على الأبواب.
وبعد ثلاث سنوات من بدء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، أجرى الموقع ذاته دراسة مشابهة في أميركا عام 2006، أظهرت أن 63% من الشباب الأميركي من نفس الفئة العمرية لا يستطيعون تحديد موقع العراق الجغرافي في خريطة الشرق الأوسط.
وكشفت نفس الدراسة أن تسعة من بين كل 10 شبان أميركيين محل الدراسة، لا يعرفون موقع أفغانستان على الخريطة، على الرغم من بدء الغزو الأميركي لها منذ عام 2001، وكانت من أغرب نتائج تلك الدارسة أنها كشفت أن 54% من الشباب الأميركي محل الدراسة، لا يعرف أن دولة السودان تقع في قارة أفريقيا.

ومع الاستعدادات الأميركية للتدخل العسكري في سوريا، أجرى مركز بيو للدارسات استطلاعًا في نيسان/ابريل 2013، بعد سنتين من اندلاع الثورة السورية وانشغال العالم بها، كشف أن نصف الأمريكيين لا يعرفون موقع سوريا الجغرافي .

الجمهوريون: 'دولة أفريقيا... ومدينة بلجيكا'.

لم تقتصر بعض مظاهر الجهل بمعلومات بسيطة، قد تبدو بديهية، على بعض العامة من الأميركيين، وإنما امتدت لتشمل عددًا من كبار الساسة هناك، خاصة في الحزب الجمهوري، والذي وقع كبار سياسييه في مواقف محرجة، بسبب جهلهم بمعلومات بسيطة وأساسية.

ففي عام 2008، وأثناء الاستعدادات لانتخابات الرئاسة الأميركية، قال مساعدون للمرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية جون ماكين، لم يُفصحوا عن هويتهم، لشبكة «فوكس»، إن سارة بالين، حاكمة ولاية ألاسكا آنذاك، ومنافسة ماكين داخل الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة، لم تكن تعرف أن أفريقيا قارة، إذ كانت تظنها دولة، ولم تستطع أن تحدد الدول الثلاث المشاركة في نافتا وهي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

ولكن سارة في وقت لاحق نفت ذلك ووصفت من قال ذلك بـ«الأغبياء والجبناء» لأنهم رفضوا الافصاح عن هويتهم. وتدعم بالين، دونالد ترامب المرشح عن الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية الحالية، الذي تعرض لموقف جمهوري آخر أكثر إحراجًا ووضوحًا عندما قال في مؤتمر انتخابي له إن بلجيكا 'مدينة' جميلة.

وهو ما استغلته سريعًا هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية؛ لتكتب تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر كتبت فيها 'بلجيكا: 'مدينة' دونالد ترامب المُفضلة' ونشرت فيديو لترامب وهو يقول إن بلجيكا مدينة جميلة في خطاب له في حزيران/يونيو الماضي.

هيا نقصف 'أغرباه'!!

أظهر استطلاع حديث بالولايات المتحدة الأميركية بجهل نسبة كبيرة من الناخبين الأميركيين بالعالم الخارجي وعدم امتلاكهم لرؤية واضحة تجاه سياسة بلادهم الخارجية، بعدما وافقوا على قصف مملكة خيالية موجودة فقط أفلام الرسوم المتحركة.

ففي استطلاع لمؤسسة 'بابليك بوليسي بولينج'، أعرب 25% من المشاركين عن دعمهم لقيام بلادهم بقصف مملكة (أغرباه)، لكن المشكلة أن هذه المملكة ظهرت للمرة الأولى ضمن أحداث فيلم الرسوم المتحركة 'علاء الدين'، الذي أنتجته شركة ديزني عام 1992.

 وكشفت الأرقام أن 30% من المشاركين في استطلاع الرأي يدعمون الحزب الجمهوري، بينما أعلن 19% منهم دعمهم للحزب الديمقراطي.

 وأظهرت أرقام الاستطلاع ذاته أن 36% من الديمقراطيين و13% من الجمهوريين يرفضون قصف المملكة الخيالية.

التعليقات