مصر: 18 اكتشافا فرعونيا في 2016 و"لعنة" تراجع السياحة

مع بداية عام 2017، وفي نحو 6 أشهر فقط، توالت الاكتشافات الأثرية بمصر، وعدتها تقديرات غير رسمية بـ18 اكتشافا، متجاوزة ما تم كشفه في العام الماضي مكتملا.

مصر: 18 اكتشافا فرعونيا في 2016 و"لعنة" تراجع السياحة

مع بداية عام 2017، وفي نحو 6 أشهر فقط، توالت الاكتشافات الأثرية بمصر، وعدتها تقديرات غير رسمية بـ18 اكتشافا، متجاوزة ما تم كشفه في العام الماضي مكتملا.

ووفق مؤرخ معني بالنشاط الأثري والسياحي، قد يكون هذا بمنزلة 'علاج مكثف' للعنة تراجع السياحة بمصر، لكنه يحتاج إلى 3 خطوات عاجلة لتتماثل الصناعة المهمة بشدة اقتصاديا، للشفاء.

والخطوات الثلاث هي أولا التسويق الجيد، وثانيا الاهتمام بتنمية عناصر العملية السياحية الثلاثة البشرية ومن بينهم المرشد السياحي، وثالثا تشجيع السياحة الداخلية.

ويوم 22 أيار/ مايو الماضي، قال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر (حكومي)، إن عدد السياح في الربع الأول من العام الجاري، بلغ 1.737 مليون سائح، مقابل 1.152 مليون سائح في الفترة نفسها من 2016.

18 اكتشافا أثريا في نحو 6 أشهر

في 19 أيار/ مايو الماضي، قال خالد العناني وزير الآثار المصري في تصريحات صحفية عديدة، إن عام 2017 هو عام الاكتشافات الأثرية المصرية عقب سلسلة الاكتشافات الأخيرة التي حدثت ببلاده، دون ذكر رقم بعينه.

وشهد عام 2016 اكتشاف 13 موقعا أثريا في 5 من بين محافظات مصر الـ 27، وفق بيان سابق للآثار المصرية.

بينما في الأشهر الخمسة الأولى وحتى مطلع الشهر السادس في عام 2017 فهناك 18 اكتشافا أثريا منذ كانون الثاني/ يناير الماضي وحتى 8 حزيران/ يونيو الجاري، في 9 محافظات، وفق ما أعلنته الآثار المصرية في الفترة ذاتها.

ففي شهر حزيران/ يونيو الجاري تم اكتشاف أثري بمحافظة أسوان (جنوب) وثان بالإسكندرية (شمال)، وشهر أيار/ مايو الماضي، سجلت الآثار 6 اكتشافات أثرية في محافظات المنيا وبني سويف (وسط) والأقصر وسوهاج (جنوب)، والجيزة (غربي العاصمة).

وفي نيسان/ أبريل الماضي تم الإعلان عن 3 اكتشافات في محافظتي الإسكندرية (شمال) والأقصر والجيزة.

وفي آذار/ مارس الماضي، تم الإعلان عن 4 اكتشافات أثرية بمحافظات الأقصر، وأسوان (جنوب)، والقاهرة، واكتشاف أثري واحد في الشرقية (دلتا النيل/شمال) في شباط/ فبراير، واكتشافين في محافظتي الأقصر وأسوان (جنوب) في كانون الثاني/ يناير.

وضمت الاكتشافات في هذه الفترة، مقابر ومومياء وتماثيل فرعونية تعود لعصور قديمة، كان أبرزها في آذار/ مارس الماضي، تمثالان فرعونيان بحي المطرية بالقاهرة، وسط اهتمام إعلامي واسع بهما.

وخلال هذه الفترة، ظهر سفراء أجانب بشكل ملحوظ في معارض واكتشافات الوزارة، وزارت شخصيات عالمية آثار مصر منهم الممثل ويل سميث، ولاعب كرة القدم ليونيل ميسي، فضلا عن استمرار وزارة الآثار المصرية في شراكات غربية لدعم عمليات البحث والتنقيب الرسمية، وفق الرصد ذاته.

وفي هذا السياق، يقول رئيس قطاع الآثار المصرية، محمود عفيفي، في اتصال هاتفي مع الأناضول، إن هذا العام شهد اكتشافات أثرية بمصر كثيرة (لم يحددها)، سواء عبر بعثات مصرية أو أجنبية وسط تغطية إعلامية محلية وعالمية.

ويوضح أن هذا يأتي ضمن خطة الوزارة في الترويج للسياحة بجانب البحث والتنقيب والحفاظ على الآثار بمصر.

ويشير عفيفي إلى أن 'عمل الوزارة في اكتشاف مزيد من أسرار الفراعنة وتاريخهم القديم مستمر'.

علاج مكثف

فيما يقول المؤرخ المصري بسّام الشماع، إن 'عامي 2016 و2017 مميزان في الاكتشافات الأثرية ويمثلان تطورا إيجابيا إلى حد كبير في وصفة العلاج المكثف لما تعانيه السياحة'.

لعنة التراجع... وخطوات الشفاء الثلاث

تراجعت إيرادات مصر من السياحة إلى 3.4 مليارات دولار في 2016 مقابل 6.1 مليارات دولار في عام 2015، بنسبة بلغت 44.3%، وكانت مصر تحقق إيرادات من السياحة سنوية بقيمة 11 مليار دولار قبل ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وفق تقارير رسمية.

كما شهدت مصر لفترة قريبة توترات عديدة أثرت في السياحة، أبرزها بخلاف سقوط الطائرة الروسية عام 2015 في شرم الشيخ، وتوقيف موسكو للرحلات السياحية لمصر، حدوث تفجيرات ضخمة أبرزها تفجيران في كنيستين بمدينتي الإسكندرية وطنطا (شمال البلاد)، ما دفع الحكومة إلى تطبيق حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 3 أشهر بدءا من شهر نيسان/ أبريل الماضي.

وهذه الأمراض التي تعانيها السياحة وباتت أشبه بلعنة تطاردها تحتاج إلى ثلاث خطوات في العلاج، وفق الخبراء.

1) التسويق

بالعودة للمؤرخ المصري بسام الشماع، فهناك خطوة أولى هامة من وجهة نظره مرتبطة بالتسويق لتلك الاكتشافات خاصة وللآثار المصرية بوجه عام.

وفي هذا الإطار يقترح الشماع الذي عمل لسنوات مرشدا سياحيا، أن يكون مقر الاكتشاف مثلا وكأنه متحف مفتوح للسياح، بحملة ترويجية لذلك، على أن تقوم الدولة بتهيئة مكان الاكتشاف لاستقبال سياح، وإعداد صندوق زجاجي شفاف كبير وجعل عمليات الترميم والنظافة للآثار المكتشفة بداخله، وعلى مرأى ومسمع من السياح، ووسائل الإعلام العالمية.

كما ينصح بجعل تأشيرة دخول السياح للبلاد مجانية لمدة عامين، تحت شعار COME TO EYGPT FREE ، إلى جانب البدء بمشروع كبير لأرشفة الآثار وإحصائها والترويج لها ولقيمتها وتنوعها.

2) ثلاثي العملية السياحية

الخطوة الثانية الهامة لعلاج لعنة السياحة بمصر، هي 'الاهتمام بثلاثي العملية السياحية'، وهم المرشد السياحي ومندوب المطار الذي يستضيف السياح، وسائق الأجرة الذي ينقلهم للمزارات المختلفة بالبلاد، وفق المؤرخ بسام الشماع.

ويحث الشماع، وزارة السياحة على الاهتمام بالمرشد السياحي، وإرسال بعثات للخارج من المرشدين المصريين يقدمون في الخارج محاضرات ترويجية عن آثار مصر ومن خلالها قد يستطيعون جذب أعداد كبيرة من السياح.

ومنبها لدور مرشدي السياح في مواجهة الإرهاب، يقول الشماع إنه عايش مع السياحة في النصف الأول من التسعينيات أثناء عمله مرشدا سياحيا، موجة من الإرهاب كانت تستهدف جنوبي مصر، لكنه استطاع هو وآخرون أن يساعدوا على تجاوز تأثيرات الأعمال الإرهابية من خلال العمل على إبهار السياح بتنوع الآثار في مصر.

ويطالب الوزارات المعنية بالجلوس مع هذه العناصر الثلاثة الرئيسية بالعملية السياحية باستمرار، والاستماع إلى أفكارهم ومقترحاتهم، مؤكدا أنه مع الوقت ستكون هناك أفكار بناءة تساعد على تدفق السياحة من جديد.

3) الاهتمام بالسياحة الداخلية

وفي هذا الصدد يدعو إلى خطوة ثالثة هامة لعلاج ما تعانيه السياحة من تراجع وهو الاهتمام بالسياحة الداخلية، قائلا 'السياحة الداخلية ستنقذ ما يمكن إنقاذه'.

وشهر نيسان/ أبريل الماضي، كشف وزير السياحة يحيي راشد في تصريحات صحفية، عن إعداد منظومة خاصة بالسياحة الداخلية خلال الأشهر الـ6 التالية، بأفكار جديدة ومستلهمة (لم يوضحها) من تجارب ناجحة في هذا المجال، مسترشدا بالسياحة الداخلية في أمريكا التي تمثل 80% من حجم السياحة هناك.

وتعول مصر على السياحة باعتبارها أحد مصادر العملة الصعبة، ودفع نقص العملة الأجنبية مصر إلى الاقتراض من مؤسسات دولية أبرزها صندوق النقد والبنك الدوليين، ما أدى إلى ارتفاع الدين الخارجي إلى نحو 67 مليار دولار في نهاية 2016.

التعليقات