تاريخ الحضارة الفرعونية

قد تكون مصر واحدة من أهم وأعرق مناطق العالم وأشهرها وأكثرها شيوعاً من حيث استقطاب السياح. يعود الفضل بسحر مصر ليس فقط إلى بشواطئها الجميلة ومنتجعاتها الفارهة وعمرانها وثقافة شعبها، إنما في الحقيقة فمعظم الفضل يعود إلى آثار الحضارة

تاريخ الحضارة الفرعونية

(توضيحية)

قد تكون مصر واحدة من أهم وأعرق مناطق العالم وأشهرها وأكثرها شيوعا من حيث استقطاب السياح. يعود الفضل بسحر مصر ليس فقط إلى شواطئها الجميلة ومنتجعاتها الفارهة وعمرانها وثقافة شعبها، إنما في الحقيقة معظم الفضل يعود إلى آثار الحضارة الفرعونية المنتشرة في أصقاعها والتي تنال اهتمام الصحافة والمؤرخين وأهل الأدب ورواد المتاحف وذوي الفضول وحب المغامرة وحل الألغاز.

لكن هل تساءلتم عن أصل الفراعنة وعن تاريخ نهضتهم وكيف آل حكمهم إلى الزوال؟ في هذه المقالة سنجيب على هذه الأسئلة.

أصل الفراعنة والحضارة الفرعونية

الحضارة الفرعونية

الحضارة الفرعونية محط اهتمام ودراسات جهات متخصصة كثيرة في الدراسات التاريخية ومنها الأعراق والأصول. وبالرغم من زخم الدراسات حول أصل الفراعنة إلا أن ما توصل إليه علماء اليوم لا يعدو كونه نظريات وفرضيات وتخمينات قد تصيب أو تخيب.

معتقدات الفراعنة

من عادة الحضارات القديمة أن تنسب أصلها إلى أحد آلهتها تمجيدا له وإعلاء من قيمة الشعب أو الأسرة الحاكمة بحد ذاتها. وهذا ما فعله الفراعنة حيث تشير أساطيرهم إلى قناعاتهم بانحدارهم من الإله "رع" وهو إله الشمس عند الفراعنة.

الدراسات العلمية والتاريخية خلال القرن الماضي حول أصل الحضارة الفرعونية

تشير الآثار والنقوش الهيروغليفية إلى أن الأصل العرقي للفراعنة يعود لبلاد "البنط" التي لا يعرف أحد أين تقع على وجه التحديد وإنما يشار إلى موقعها بأنه قريب من المحيط الهندي في القارة الإفريقية. إذا فإن الفراعنة أصلهم إفريقي سعوا إلى الاستقرار بالقرب من المياه العذبة كي تزدهر حضارتهم وهذا ما جعلهم يجاورون النيل. تذكر كتابات هذه الحضارة الهيروغليفية أنّ أهل البنط المهاجرين تعرضوا لغزو من سكان الشمال دون تحديد هؤلاء الغزاة بشكل دقيق وهذا هو بالفعل ما كون أول سلالات الحضارة الفرعونية التي نعلمها جميعا.

الدراسات الحديثة حول أصل الفراعنة

تشير الاكتشافات الجديدة بشكل أدق إلى أصل العرق الفرعوني. تعود هذه الدراسات في الزمن إلى 6000 عام قبل الميلاد حيث نزحت مجموعات من الناس من مناطق متفرقة من البلدان مثل ليبيا والصحراء الإفريقية الشمالية وأثيوبيا ربما من شبه الجزيرة العربية وشكل اجتماع هذه الأعراق والأجناس واختلاطها فيما بينها ما يعرف بالحضارة القديمة في مصر وينسب إليهم أصل الفراعنة.

بداية الحضارة الفرعونية

الجفاف في إفريقيا

من الطبيعي والمعتاد أن تتسبب عوامل المناخ والجغرافيا ومواطن الماء وإمكانية الزراعة بإنشاء وقيام المجتمعات والحضارات. وكذلك الأمر بالنسبة لحضارات مصر القديمة حيث ساهم الجفاف المتزايد خلال العصر الحجري القديم وارتفاع درجات الحرارة في إفريقيا والجفاف منذ ما يقارب 120000 سنة بترحال مجموعات كبيرة من الناس إلى ضفاف نهر النيل الذي لطالما شكل رئة الحياة في تلك المنطقة وخصوصا أن المناطق المحيطة بالنهر تتميز بخصوبة عالية يجددها فيضان النهر في كل عام.

عصر ما قبل الأسر الفرعونية

تعود هذه الحقبة إلى حوالي 5000 عام قبل الميلاد وتتميز بارتباط شعوب مصر بحضارات مجاورة لهم مثل كنعان وازدهرت الزراعات والصيد وتربية الحيوانات والماشية والصناعات الفخارية وفي بعض الأحيان المعدنية في تلك الفترة.

وتنقسم مصر في تلك الفترة إلى مصر العليا والسفلى ومن أشهر الثقافات المصرية في تلك الفترة البداري والنقادة الذين عملوا بالصناعة والتجارة ووسعو نشاطاتهم هذه لتشمل قسما كبيرا من المتوسط وابتدعوا نظام رسومات له دلالات محددة يعتقد أنه تطور فيما بعد ليشكل الكتابة الهيروغليفية.

عصر الأسر الفرعونية

يعتقد أن أول حكام الأسر الفرعونية هو الملك مينا (أو ميني) الذي يعزى إليه توحيد مصر العليا ومصر السفلى عام 3200 قبل الميلاد مع أن هذا التوحيد قد تم بشكل تدريجي في الحقيقة. ويعتقد المؤرخون وخبراء الحضارة الفرعونية في يومنا هذا أن اسم الملك مينا اسم بديل للفرعون نارمر وخصوصا أن هناك لوحات أثرية تصور الاحتفال بتوحيد مصر العليا والسفلى والفرعون نارمر يرتدي زي الملك فيها.

يعتقد كذلك أن مدينة ممفيس قد تم إنشاؤها عام 3150 قبل الميلاد مما عزز سلطة الفراعنة على الطريق التجارية إلى بلاد الشام وعلى دلتا النيل التي تتميز بخصب أراضيها وموقعها المميز. كما تتسم هذه الحقبة بفرض سلطة الدولة بشكل رسمي على الناس.

الاهرامات

الفترات الإنتقالية في الحضارة الفرعونية

الأولى

تعتبر هذه الحقبة واحدة من الفترات التي انحدرت فيها الحضارية المصرية وسادت فيها الحروب وتراجعت سلطات الملك في المحافظات بالرغم من الازدهار المادي الذي شهده الناس فيها. كانت مصر السفلى في تلك المرحلة تحت سلطة هيراكليولولس بينما في مصر العليا امتد نفوذ أسرة إنتيف في مدينة طيبة وفرضت هيبتها. وعندما نشأ نزاع حربي بين هذين القطبين انتصر أسرة إنتيف ووحدت القسمين العلوي والسفلي لمصر وبدأ العصر الذهبي الأول في مصر القديمة.

الوسطى

ازدهرت البلد من النواحي الاقتصادية والفنية والأدبية والتجارية وكثرت المشاريع واستصلاح الأراضي والعمل بالتنقيب عن الذهب كما تم التركيز على تحصين الدولة عسكريا. في هذه الفترة تم السماح للقادمين من الشمال بالاستيطان في دلتا النيل بهدف اكتساب أيدي عاملة جديدة. إلا أن هؤلاء وفي أزمنة لاحقة تمكنوا من فرض سيطرتهم على المنطقة وعرفو باسم الهيكسوس "الحكام الأجانب".

فترة حكم الهكسوس

استغل المهاجرون الآسيويون المقيمون في دلتا النيل وتحديدا بلدة زوان ضعف سلطة الدولة وفرضوا سيطرتهم على المنطقة حتى أنهم أخذوا يعاملون الفرعون بحدة وفرضوا عليه دفع الجزية ونصبوا فراعنة منهم. استمرت هذه الحال أكثر من 100 عام من تدني المستوى الثقافي حتى استجمع الفراعنة قوتهم وشنوا حربا استمرت لثلاثين عام استعادوا فيها ملكهم في 1555 قبل الميلاد ويعود الفضل في الانتصار على الهكسوس إلى الفرعون أحمس الأول.

دولة الفراعنة الجديدة

ركز الفراعنة في هذه المرحلة على تعزيز قوتهم العسكرية حتى أن نفوذ الدولة الفرعونية توسع إلى سورية شمالا وبلاد النوبة جنوبا. وقد برزت عبادة الإله آمون في تلك الفترة وكان معبد الكرنك مركزا دينيا هاما. وكان حكم الملكة حتشبسوت أحد أهم فترات هذه المرحلة ثم جاء عصر أمنحوتب الرابع الذي فرض قيودا دينية على العبادة وفرض عبادة الإله أتون إله الشمس وقام بنقل العاصمة من طيبة إلى مدينة أخناتون الجديدة الذي أسماها نسبة إلى لقبه الشخصي إلا أن كل هذه التغييرات تم عكسها بعد وفاته. من حكام هذه الحقبة العظيمة في تاريخ مصر توت عنخ آمون ورمسيس الثاني الذي قاد معركة قادش التي استمرت 15 سنة وانتهت بمعاهدة سلام مع الحيثيين.

في أواخر هذه المرحلة فقدت الدولة حكمها على بلاد الشام وتراجعت هيبتها مما أدى إلى ما يعرف تاريخيا بعهد الاضمحلال الثالث.

الفترة الانتقالية الثالثة

تتميز هذه الفترة بتزعزع الحكم الفرعوني وفرض سيطرة القبائل المهاجرة من ليبيا على مصر ومن أشهر حكامها شيشنق الأول. استمرت هذه الفترة لحوالي 200 عام إلى أن قام ملك الكوش في الجنوب بغزو المنطقة والسيطرة على دلتا النيل وطيبة. كثرت الحروب بين مصر والدول المجاورة مثل الآشورية الذين تمكنوا من غزوها في نهاية المطاف وكان ذلك في 667 قبل الميلاد.

عصر دولة مصر المتأخر وانتهاء الحكم الفرعوني

بالرغم من استيلاء الآشوريين على مصر وتبعيتها لهم إلا أنهم تركوا أمر الحكم للأسرة الفرعونية السادسة والعشرين الذين تمكنوا فيما بعد من دحر الآشوريين باستخدام مرتزقة يونانيين. وطبعا ازداد نفوذ اليونانيين بعد ذلك حتى بدأت مرحلة غزو الفرس لمصر الذين كانوا يسيطرون على سواحل الشام وقبرص كذلك وفي 332 قام الحاكم الفارسي بتسليم الحكم في مصر إلى الإسكندر الأكبر بشكل سلمي.

انتهاء العصر الفرعوني

كانت الأسرة الفرعونية الثلاثين آخر الأسر الفرعونية الحاكمة في مصر وتلاها سيطرة البطالمة الذين خلفوا الاسكندر في مصر وتلاهم بعد ذلك الرومان.

التعليقات