قد لا يحظى مهرجان التراشق بالطماطم بنفس الشهرة التي يلقاها مهرجان الهروب من الثيران في بمبلونة والذي تنتشر صوره وفيديوهاته بشكل دائم على مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنه معروف جدا وقد يكون عامل جذب سياحي لأولئك الذين لا يفضلون أن يهاجمهم حيوان هائج ذو قرنين مدببين وقوة عضلية هائلة.

يطلق على مهرجان التراشق بالطماطم اسم لا توماتينا (La Tomatina) وهو مهرجان سنوي يقام في الأربعاء الأخير من شهر آب/ أغسطس في منطقة تدعى بيونول (Bunol). وتقدر كمية الطماطم التي يتم تراشقها خلال مهرجان التراشق بالطماطم بأكثر من 140 طن وكل ذلك يحدث في شارع ضيق وقديم قد يحتوي على أكثر من 22000 مشارك، علما أن المهرجان عادة يدوم لساعة من الزمن بشكل وسطي. سنتعرف على تفاصيل هذا المهرجان وأصوله في هذا المقال.

عودة مهرجان التراشق بالطماطم بعد كورونا

توقفت قرية بيونول عن إقامة مهرجان التراشق بالطماطم منذ العام 2020 بعد تفشي فيروس كورونا المستجد واستمر هذا القرار في 2021، إلا أن عام 2022 سيحيي هذا التقليد بنسخته الخامسة والسبعين بعد انقطاع دام سنتين وذلك اليوم 31 آب/أغسطس.

مظاهر احتفالية مرافقة لمهرجان التراشق بالطماطم

لا يقتصر هذا المهرجان المميز على تراشق آلاف البشر بكميات هائلة من الطماطم خلال فترة قصيرة، إلا أن هذا النشاط هو ما يميز مهرجان قرية بيونول في فالنسيا عن غيره من مهرجانات العالم ولذلك يتم التركيز عليه. ومن النشاطات التي تقام خلال هذا المهرجان وتسبق حمام الطماطم هذا نذكر:

• مسابقات طبخ البايلا وهو طبق إسباني يحتوي على خضروات متنوعة والأرز ويمكن أن يحتوي على اللحوم.
• المسيرات والاستعراضات العامة.
• حفلات موسيقية مكشوفة أو في الهواء الطلق.
• استعراضات للألعاب النارية.

أصول مهرجان التراشق بالطماطم

ليس هناك سجلات واضحة أو حاسمة لبدايات مهرجان التراشق بالطماطم أو كيف تحول إلى تقليد سنوي إلا أنه يعتقد أنه اتخذ هذا الطابع الرسمي في العام 1944 أو 1945 عندما وقع خلاف بين أهل القرية خلال مسيرة تمجد وتكرم القديس لويس بيرتران الذي يعتقد أنه حافظ على قرية بيونول وأبقاها سالمة.

تقول الحكاية إن مجموعة من المراهقين المشاغبين قاموا برمي قبعة أحد المغنين الذين يحيون المناسبة أرضا. وبالطبع بدأت مشاجرة بين الناس المجتمعين في الاحتفالية تخللها تناول بعض الناس حبات الطماطم المعروضة أمام أحد المحلات وألقوها على بعضهم البعض. يبدو أن هذا النشاط المليء بفيتامين C نال إعجاب المشاركين لدرجة أن معظم المشاركين في الاحتفالية في السنة التي تلتها قاموا بجلب طماطمهم معهم من المنزل بهدف تراشقها فيما بينهم.

مهرجان التراشق بالطماطم عالميا

استمر هذا التقليد لعدة سنوات حيث جرى منعه في خمسينيات القرن الماضي خلال عهد الجنرال فرانكو ثم استمر كحدث محلي من دون أن يحظى باهتمام أو تغطية إعلامية تذكر.

تغير هذا الأمر في العام 1983 عندما قامت إحدى محطات التلفاز بنقل أحداث هذا المهرجان ما جعل العالم كله يتعرف عليه ويعجب به. ونتيجة لهذا الإعجاب العالمي جرى تصنيف مهرجان التراشق بالطماطم كمهرجان سياحي عالمي عام 2002.

يجذب هذا المهرجان السائحين من كل أنحاء العالم مثل أستراليا واليابان بالإضافة إلى المشاركين المحليين والأوروبيين لدرجة أن مجلس المدينة اتخذ خطوات للحد من عدد المشاركين منذ العام 2013 حيث جرى تطبيق نظام بطاقات يبلغ عددها 22000 وهو العدد التقريبي الذي يتسع له موقع إقامة المهرجان.

أحداث يوم المهرجان

كما ذكرنا سابقا فمن المهم إذا كنت تنوي المشاركة بمهرجان التراشق بالطماطم الحصول على بطاقة المشاركة. يمكنك التوجه إلى بيونول- فالنسيا في نفس اليوم الذي يقام فيه نشاط التراشق بالطماطم عبر القطار أو الحافلة أو مسبقا للاستمتاع بباقي نشاطاته واحتفالاته.

كل ما عليك فعله بعد الوصول إلى القرية هو اتباع الأعداد الضخمة من السياح الذين يتوجهون إلى مركز المدينة والاستمتاع بالمشروبات التي تباع على جانبي الطريق أثناء سيرك.

يتم التمهيد لتراشق الطماطم عبر نشاط آخر يبدأ في العاشرة صباحا ويتمثل بوضع جسم حيوان بري مذبوح على عامود يتم دهنه بالصابون وعلى المشاركين تسلق العمود الزلق والوصول إلى قطعة اللحم وسحبها للأسفل.

أما تراشق الطماطم فيبدأ عند الحادية عشر صباحا مع شاحنات كبيرة من الطماطم الناضجة التي يتم إفراغها في أرضية الشارع ليبدأ المشاركون بتراشقها فور إطلاق إشارة البدء بالمهرجان.

لساعة كاملة من الوقت يقوم المشاركون بتجميع كميات من الطماطم وقذفها على الآخرين بشرط أن يتم هرسها باليد أولا تفاديا لأي نوع من الإصابة. يتم إنهاء أحداث المهرجان مع إشارة من نفس المسدس الذي جرى إطلاقه في البداية وسرعان ما تأتي شاحنات الإطفاء ليتم غسل الشارع من بقايا الطماطم وتعود الحركة إلى طبيعتها.

من أين تأتي كل هذه الطماطم؟

قد يظن البعض أن لهذا المهرجان خلفيات اقتصادية بمعنى أن محصول الطماطم في القرية لا يتم تسويقه أو استهلاكه لسبب أو لآخر. لكن الحقيقة أن قرية بيونول لا تنتج الطماطم أبدا وإنما يتم زراعة الطماطم المستخدمة في المهرجان خصيصا لهذا الغرض. يتم جلب الطماطم من كل أنحاء إسبانيا إلى قرية بيونول من دون الاكتراث بطعمها أو جودتها أو نوعها في شاحنات كبيرة دون تغليف أو تصنيف.

مهرجان الطماطم واعتراضات بيئية

لا بد من أن يكون هناك بعض المعارضين لمهرجان الطماطم ورمي كميات هائلة من الطعام من دون أن يتم الاستفادة منها غذائيا. إلا أن القائمين على هذا المهرجان يقولون إن هذه النقطة السلبية لا تقارن مع إيجابيات المهرجان وخصوصا أن الطماطم المستخدمة يجب أن تكون ناضجة حتى لا تؤذي المشاركين أي أن عمرها قصير وستفسد إذا لم يتم استهلاكها خلال وقت قصير.

ويضيف القائمون على مهرجان التراشق بالطماطم، أن طماطم المهرجان يتم زراعتها خصيصا لهذه الغاية أي أنها تؤمن فرص عمل للكثير من الناس العاملين في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك فإن المهرجان يقدم مدخولا لا يستهان به للقرية ولإسبانيا لأنه يستقطب السائحين من حول العالم.