قوة العقل الباطن لتحقيق الأهداف الذاتية

في العام 1963 صدر كتاب باسم "قوة عقلك الباطن" للكاتب الإيرلندي جوزيف ميرفي، والذي فتح الأبواب على مصراعيها نحو العديد من التساؤلات في عقول الناس ضمن مجال التنمية الذاتية.

قوة العقل الباطن لتحقيق الأهداف الذاتية

(توضيحية - unsplash)

في العام 1963 صدر كتاب باسم "قوة عقلك الباطن" للكاتب الإيرلندي جوزيف ميرفي، والذي فتح الأبواب على مصراعيها نحو العديد من التساؤلات في عقول الناس ضمن مجال التنمية الذاتية.

فقد كان كتاب "قوة عقلك الباطن"، هو ولادة فكرة جديدة تُقِرّ بمسؤولية الإنسان عن كل ما يحيط به وكل ما اختبره، وما سيختبره في حياته.

حيث أن على الإنسان أن يمتلك يقينًا بأنه يملك القوة الكافية لتحقيق كل الأهداف التي يصبو إليها، وأنه قادر على أن يخلق معيقات تلك الأهداف لنفسه أيضًا.

فمن اليوم، لا داعي لأن تقوم بإسقاط أسباب عدم النجاح في عملك، أو عرقلة أهدافك على الأشخاص أو الأحداث أو الظروف الخارجية.

لأن مسؤولية كل ما يحدث في حياتك تعود إلى مجموعة الأفكار والانفعالات والمشاعر المخبأة في مكان عميق داخل عقلك، يسمى بالعقل الباطن .

ما هو العقل الباطن؟

مجموعة من الأفكار التي وَلّدت فيما سبق، مجموعة كبيرة من المشاعر والانفعالا

هو مجموعة من الأفكار التي وَلّدت فيما سبق، مجموعة كبيرة من المشاعر والانفعالات.

تكوّنت تلك الانفعالات نتيجة حدوث مواقف متعددة إيجابية وسلبية ضمن الحياة، وجرى تخزينها بشكل غير واعٍ ضمن الذاكرة بحيث ليس من السهولة الوصول إلى تلك المشاعر المكبوتة، والمخبأة في ذلك المكان.

كل ذلك يسمى بالعقل الباطن أو العقل اللاواعي.

وتجدر الإشارة إلى أن سطوة وسيادة العقل اللاواعي تفوق سيادة العقل الواعي، والذي يستخدمه الإنسان بشكل مستمر ووفق إرادته الواعية.

فمثلًا، أنت الآن تستخدم عقلك الواعي لقراءة هذا المقال، ولكن عقلك اللاواعي في نفس اللحظة سيقوم بمجموعة من العمليات في مشاعرك، ستؤدي في النهاية إلى أثر إيجابي حقيقي في حياتك!

كيف يستطيع العقل الباطن التحكم في أحداث الحياة؟

عندما يقوم الإنسان بضبط موجات الراديو لالتقاط محطة معينة على جهاز المذياع، فإنه يقوم بالتقاط ترددات معينة كي تظهر المحطة المطلوبة وفق ذاك التردد.

وهكذا هو الكون، فالكون هو مجموعة من الترددات.

من المهم معرفة أن المشاعر تمتلك ترددات قوية جدًّا، وذات قدرة على التحكم في كثير من الأحداث الخارجية.

فعندما يكون تردد المشاعر منخفضًا، سيقوم هذا التردد بجذب الترددات المشابهة له بكل بساطة، كالأحداث المزعجة أو الخوف والعوائق وغيرها.

وبالمثل عندما يكون تردد المشاعر مرتفعًا، سيقوم بجذب ترددات مشابهة له، كالفرح والسلام والحب، حيث يعتبر الحب من أكثر الترددات جذبًا للسعادة.

وجب التنويه إلى أن مفهوم الحب المقصود هو ليس الحب بمفهومه السطحي، بل هو الحب بمفهومه الواسع الذي يشمل حب كل الكون وما فيه.

تتواجد تلك المشاعر والانفعالات في العقل الباطن، والذي لا يستطيع التفريق بين الماضي والحاضر، وتتجمع تلك المشاعر رغم مرور العديد من السنوات على حدوث مسبباتها، في حين أن العقل الواعي قد نسيها نتيجة مرور الزمن.

وتتحكم تلك المشاعر بأحداث حياة الفرد بطريقة مباشرة كنتيجة لأحداث الماضي، ما يجعل من العقل الباطن أداة قوية لتشكيل كل أحداث الحياة.

كيف تتم الاستفادة من قوة العقل الباطن في تحقيق الأهداف الذاتية؟

هناك العديد من الخطوات الضرورية والفعالة التي يجب على الإنسان الاهتمام بها كي يستطيع تحقيق الهدف الذي يصبو إليه.

وقدم كتاب "قوة عقلك الباطن" للكاتب جوزيف ميرفي والذي يعد من أهم الكتب في مجال التنمية البشرية، مجموعة كبيرة من النصائح كي تستطيع أن تستخدم عقلك الباطن بدل أن يقوم هو باستخدامك.

فهم قوانين العقل الباطن

من أهم الخطوات التي يجب عليك اتباعها لتحقيق أهدافك الذاتية والتحكم في قدرات عقلك الباطن، هو معرفة القوانين التي يعمل بها العقل الباطن، وعدد الكاتب جوزيف ميرفي 5 قوانين للعقل الباطن في كتابه وهي:

  • قانون التوقع: حيث أن كل ما يتوقعه الإنسان يحصل، فإن توقع خيرًا فسيحصل ما توقعه، وإن توقع العكس سيحصل ذلك أيضًا.
  • قانون الفعل ورد الفعل: حيث أن لا بد لكي نحصل على نتيجة مختلفة لفعل ما أن نقوم به بطريقة مختلفة، فكما يقول ألبرت أينشتاين: الغباء هو تكرار نفس الفعل عدة مرات وتوقع نتائج مختلفة!
  • صنع العادات: العقل الباطن يحتاج إلى برمجة، وتلك البرمجة تحتاج إلى وقت، ويقال إن 21 يومًا كافية لصنع عادة جديدة، وتجدر الإشارة إلى أن تدمير عادة سيئة قديمة ذات ترددات منخفضة تحتاج أيضًا إلى بعض الوقت، وذلك بهدف استبدالها بعادة أخرى.
  • قانون الانعكاس: وهو من أهم وأوسع قوانين العقل الباطن، وينص على أن كل ما نراه خارجًا هو انعكاس للداخل، على سبيل المثال: إن الخوف الذي تمتلكه امرأة من كلام الناس نتيجة ازدياد وزنها، في الواقع سيجعل مزيدًا من الناس ينتقدون وزنها!
  • قانون التركيز: كل ما يركز عليه الإنسان يزداد، وكل ما يصرف عنه انتباهه يتناقص، لأن الإنسان يزوّد الأفكار بالطاقة، لهذا ينمو كل ما يركّز عليه ويتلاشى كل ما يتجاهله.

مراقبة الأفكار والمشاعر

إن عقلك الباطن يكون في حالة تأهب مستمرة في كل ثانية من هذه الحياة، وبالتالي فإن كل فكرة تتبادر إلى ذهنك أو كل شعور تشعر به يتفاعل معه العقل الباطن وينتج عنه الكثير من أحداث واقعك.

وبالتالي فمن أهم المراحل التي يجب اتباعها للاستفادة من العقل الباطن في تحقيق الأهداف الذاتية حسب رأي الكاتب جوزيف ميرفي في كتابه قوة عقلك الباطن ، أن ينتبه الإنسان إلى أفكاره ويراقبها بدقة.

حيث يقضي العديد من الناس كثيرًا من الوقت مستغرقين في التفكير بأحزانهم، ما يجلب لهم مزيدًا من الحزن!

كما أن للعقل الباطن قدرة كبيرة على شفاء الجسد أو حتى التسبب له بالمرض.

حيث أثبتت الدراسات بأن اقتناع المريض بأنه سيُشفى أدّى إلى شفاء العديد من المرضى.

كما أن هناك علاجًا يسمى بالدواء الوهمي، يقوم فيه الطبيب بوصف دواء غير فعّال في الحقيقة للمريض، ولكن المريض يُشفى من مرضه نتيجة إيمانه بالشفاء وأفكاره الإيجابية.

كما أن العقل الباطن يقوم بالأمر نفسه بصورة معاكسة، فاقتناع الأشخاص بأنهم مرضى سيجعلهم مرضى حقًا ولو كانوا أصحاء!

ومن التجارب الشهيرة والحزينة التي جرى القيام بها من قبل بعض الأطباء، هو إيهام الشخص بأنه ينزف، ووضعه في بيئة داعمة لهذا الاعتقاد ما أدى بالنهاية إلى موت الشخص حقًا، على الرغم من أنه لم يكن في الأصل ينزف!

لهذا من المهم جدًا الحفاظ على الأفكار الإيجابية المتعلقة بالهدف المنشود باستمرار، وذلك كي يتحقق ويصبح واقعًا ملموسًا.

استخدام التخيل للتحكم في العقل الباطن

استخدام التخيل للتحكم في العقل الباطن 

يوضح الكاتب جوزيف ميرفي في كتاب قوة عقلك الباطن حقيقة مهمة جدًا، وهي أن العقل الباطن لا يستطيع التمييز بين الحقيقة والخيال!

حيث تستطيع بسهولة تحقيق أهدافك عن طريق التحكم في عقلك الباطن باستخدام قوة الخيال، وأكّد جوزيف أن مرحلة ما قبل النوم والتي يكون فيها العقل على ترددات معينة، هي التوقيت الأمثل للقيام بتخيل الهدف المراد الوصول إليه.

فمن أهم الخطوات اللازم اتباعها في رحلة تحقيق الأهداف الذاتية، هو أن يقوم الإنسان يوميًّا بتخيل تلك الأهداف وكأنها تحققت فعًلا، كما يجب أن يكون ذلك الخيال دقيقًا جدًا قدر الإمكان.

فكلما كان التخيل دقيقًا، كلما كانت القوة في تحقيق الهدف أكبر وتجسيد ذلك الهدف أسرع.

وجود بيئة إيجابية داعمة

لطالما سمعنا بأن تحقيق الأهداف الذاتية يتطلب وجود بيئة داعمة وإيجابية محيطة بالفرد.

حيث تتكون تلك البيئة من مجموعة من الأشخاص المليئين بالحب، والقادرين على تقديم الدعم اللفظي المستمر للفرد.

وحقيقة هذا الأمر يعود إلى أن وجود أشخاص داعمين وسماع الكلمات الداعمة، يؤدي إلى خلق بيئة حاضنة تقوم بتسريع عملية تحقيق الاهداف.

حيث أن تلك الكلمات والمشاعر لها ترددات إيجابية، و تساعد تلك الترددات الفرد على رفع ترددات أفكاره ومشاعره الموجودة في عقله الباطن لتحقيق أهدافه التي يحلم بها.

ومن المهم جدًا الانتباه إلى ضرورة عدم التركيز على الكلام السلبي الصادر من الأشخاص السلبيين، وضرورة عدم مشاهدة المسلسلات والأفلام الدرامية الحزينة أو المرعبة، وذلك لأنها تقدم مشاعر معيقة لتحقيق الأهداف الذاتية.

إن القدرة على عزل المشاعر عن المؤثرات الخارجية وبالتالي حماية العقل الباطن ليست بالأمر السهل، ولكنه أمر ممكن أن يحصل بالتدريب المستمر.

ومن أهم الحقائق التي يجب على الفرد مراعاتها عند التعامل مع العقل الباطن بهدف الاستفادة من قدراته الهائلة لتحقيق الأهداف الذاتية، هي مقاومة شعور الخوف والتردد.

فإن الخوف هو عدو الحب، وكل ما في الحياة يعمل بطريقتين: إما بالخوف أو بالحب.

ولهذا من المهم أن يختار الإنسان الحب في كل تعاملاته ومشاعره بقدر ما يستطيع، وذلك كي يوجه العقل الباطن نحو المزيد من الإيجابيات في حياته.

وكما يقوم الإنسان بقضاء ساعات عديدة أمام الشاشات، فالأحرى أن يقضي تلك الساعات في سبيل تطوير وشفاء عقله الباطن، وذلك كي يحقق النجاح الذي يحلم به.

إن قوة عقلك الباطن في تحقيق الاهداف الذاتية هي قوة رهيبة لا يمكن تصورها، تتطلب فقط نية ورغبة حقيقية في التغيير للوصول إلى أهدافك التي لطالما حلمت بتحقيقها.

فماذا تنتظر؟

التعليقات