قد يتذكر جيل الثمانينيات والتسعينيات المحادثة المحتدمة بين شخصيتي مسلسل فريندز ريتشل وروس عندما كانا يختاران اسما لابنتها التي لم تولد بعد والكم الهائل من الأسماء التي اعترض كل منهما عليها عبر قول كلمة فيتو "Veto" لدرجة أن فيبي اقترحت عليهما أن يسميا الفتاة (فيتو).
المعنى الحرفي لكلمة فيتو
كلمة فيتو في الحقيقة تحمل معاني أعمق وأعقد من مجرد الاعتراض. يعرف معجم ويبستر هذه الكلمة بأنها قدرة فرع أو قسم ما في الحكومة على منع أو حظر تنفيذ مشروع مقدم من قبل قسم آخر ما بشكل نهائي. ويستخدم هذا المبدأ في الحكومات والكيانات الدولية ولعل أشهرها على الإطلاق هو حق الفيتو المنفذ في مجلس الأمن بين الحين والآخر تجاه قرارات وقوانين دولية.
أصل كلمة فيتو
يعتبر أصل كلمة فيتو لاتينيا وتعني بشكل حvفي "أنا أمنع". أما المبدأ الخاص بالفيتو فيعتبر روماني الأصل حيث كان نظاما معمولا به في أيامهم. تعتبر قرارات الفيتو شائعة أكثر في الأنظمة الرئاسية والشبه رئاسية أما في الأنظمة البرلمانية فرأس الدولة يحوز على سلطة بسيطة أو لا يحوز على أي سلطة إطلاقا. ومع ذلك في الأنظمة التي لا تحتوي على تشريعات للفيتو أو مشابهة له فعادة ما يكون هناك قوى أو أشخاص تتمتع بسلطات تماثله عبر استخدام القوى السياسية والتأثيرات الشعبية بهدف منع التغيير أو إحداثه.
الفيتو في مجلس أمن الأمم المتحدة
على عكس الفيتو الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية فقرار الفيتو في مجلس الأمن غير قابل للرفع بأي شكل من الأشكال. يذكر أن حق الفيتو تختص به 5 دول في العالم فقط في مجلس الأمن وهي:
- الصين
- فرنسا
- روسيا
- المملكة المتحدة
- الولايات المتحدة الأميركية
مصدر الفيتو القانوني في مجلس الأمن
تنص المادة 27 من قانون الأمم المتحدة على أن القرارات يمكن أن تصدر عن مجالسه بعد تصويت إيجابي من قبل 9 أعضاء من أصل 15 بما في ذلك الأصوات الموافقة من قبل الأعضاء الدائمين في المجلس وهي الدول المذكورة في الفقرة السابقة. وبذلك يمكن لأي عضو دائم في مجلس الأمن منع أي قرار عبر التصويت ضده ببساطة وهذا ما يعرف بحق الفيتو مع أن كلمة فيتو بحد ذاتها غير مذكورة في ميثاق أو قوانين الأمم المتحدة.
وظيفة الفيتو في الأمم المتحدة
جرى التوصل إلى مبدأ الفيتو من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لضمان اتفاق الدول التي تعتبر قد انتصرت بالحرب العالمية الثانية في المستقبل حول أمور الحرب والسلم وليس بهدف إعطاء أي منهم القدرة على إعاقة القرارات الدولية كما يحلو له. يبدو أن الذي توصل إلى مبدأ حق الفيتو في مجلس الأمن أو الأمم المتحدة قد افترض أن الدول الخمسة الكبرى والأعضاء الدائمة في هذا الكيان ستكون قادرة على التوصل إلى قرارات مناسبة وصحيحة في الشؤون العالمية إلا أن الوقت سرعان ما أثبت خطأ هذه الفرضية.
خلال الصراع العالمي بين الشرق والغرب لعب حق الفيتو دورا سلبيا ونال الكثير من الانتقادات التي لا زالت قائمة حتى يومنا هذا. إلا أن حق الفيتو في الحقيقة لم يتم استخدامه بكثرة منذ أن خمدت نار الحرب الباردة، لأن ما يحصل في يومنا هذا هو أن الدول الأعضاء الدائمة التي تتمتع بحق الفيتو ليس عليها إلا أن تهدد باستخدام حق الفيتو بطريقة سياسية لكي يتم صياغة أي قرار بما يتماشى مع رغبات هذه الدول أو بشكل يضمن عدم وصول القرار إلى مرحلة التصويت.
الفيتو والأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن
ما لا يدركه الكثير من الناس هو أن الدول الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن لديها القدرة على استخدام الفيتو ولكن بطريقة جمعية وليست فردية مثل الأعضاء الدائمين. كل ما يتطلبه الأمر هو أن تقوم 6 دول وأكثر في مجلس الأمن بعدم الموافقة على قرار ما أو بالتصويت ضده لكي لا يتم إقراره حتى لو كانت كل الدول الدائمة موافقة عليه لأن أغلبية الأصوات لم يتم الحصول عليها.
أنواع الفيتو في الدول
الفيتو التنفيذي في التشريعات
عادة ما ترتبط السلطة التي يملكها رأس الفرع التنفيذي في الدولة للاعتراض على التشريعات التي يصدرها الشق التنفيذي من الدولة بالأنظمة الرئاسية وشبه الرئاسية في الحكومات. وفي البلدان ذات الأنظمة البرلمانية يعتبر حق الفيتو من سلطات الرئيس لأن له دورا في سن القوانين.
لا يدل النوع التنفيذي للفيتو أبدا على قوته أو ضعفه لأن ذلك يعتمد على مجال تطبيقه وعلى نافذة الوقت التي يمكن تطبيقه خلالها. وكلما كانت الغالبية المطلوبة لنقض قرار الفيتو أكبر كلما اعتبر أكثر قوة.
الفيتو التشريعي
يمكن القول إن الفيتو التشريعي هو مبدأ يدعمه كيان تشريعي في الدولة أي أنه من الممكن تقديم الفيتو من قبل جهة تشريعية ضد قرار صادر من الجهة التنفيذية. هذا النوع من الفيتو موجود في الولايات المتحدة وتحديدا في 28 ولاية منها. كما يمكن أن يتم تقديم الفيتو من قبل جهة تشريعية ضد قرار أصدرته جهة تشريعية أخرى.
الفيتو ضد المرشحين
في بعض الأنظمة السياسية يمكن تطبيق قرار الفيتو ضد بعض المرشحين لمنصب يتم انتخابه وعادة ما يطلق على هذا النوع الخاص من الفيتو مصطلح vetting. يذكر التاريخ أن بعض الشخصيات الملكية الكاثوليكيين في أوروبا قاموا بتقديم قرار فيتو ضد بعض الشخصيات المرشحة لمنصب البابا في الكنيسة. علما أن آخر حادثة من هذا النوع حصلت عام 1903 من قبل فرانز جوزيف الأول إمبراطور النمسا.
يوجد هذا النوع من الفيتو في إيران حيث يحق لمجلس الأوصياء الموافقة أو رفض بعض المرشحين كما أن حق الفيتو التشريعي موجود في هذا البلد كذلك.
الفيتو في الحكومة الأميركية
يعتبر الفيتو من الحقوق المنصوص عليها في الدستور الأميركي ويمكن ممارسته من قبل الرئيس بشكل أساسي إلا أنه موجود أيضا في درجات رسمية أخرى مثل الولاية والمقاطعة والحكومات المحلية. ومع ذلك فبالإمكان تجاوز بعض قرارات الفيتو عبر تصويت أعلى منه بالأغلبية. حيث يمكن لثلثي أصوات مجلس السيناتورات أن ترفع قرار الفيتو المقدم من قبل رئيس الولايات المتحدة الأميركية.
التعليقات