هل يمكن زراعة اللؤلؤ؟

اللؤلؤ هو الحجر الكريم الوحيد في العالم الذي ينتجه كائن حي وهو عبارة عن إفرازات صلبة القوام كروية الشكل تنتجها بعض الرخويات وخصوصا المحار داخل أصدافها. عادة ما يتكون اللؤلؤ من مادتين هما الأرجونيت وبلورات

هل يمكن زراعة اللؤلؤ؟

(توضيحية - unsplash)

ما هو اللؤلؤ؟

اللؤلؤ هو الحجر الكريم الوحيد في العالم الذي ينتجه كائن حي وهو عبارة عن إفرازات صلبة القوام كروية الشكل تنتجها بعض الرخويات وخصوصا المحار داخل أصدافها. عادة ما يتكون اللؤلؤ من مادتين هما الأرجونيت وبلورات كربونات الكالسيوم أو ما يعرف بالكالسيت كما تجمع هاتين المادتين مادة تدعى الكونكيولين.

تتنوع أشكال اللؤلؤ ومن النادر جدا إيجاد لؤلؤة كروية تماما من دون خطوط أو آثار لتكوينها وطبقاتها، إلا أن ما لا شك فيه هو أن اللؤلؤ يعتبر من المقتنيات الثمينة والجميلة في أي حضارة. يتواجد اللؤلؤ الطبيعي في أعماق البحار وكان الصيادون في العصور السابقة يستخرجونه أثناء رحلات الصيد عندما يحالفهم الحظ. لذلك كانت أسعار اللؤلؤ مرتفعة جدا ولم يكن بإمكان أحد شراؤه إلا إذا كان يمتلك ثروة كبيرة أو إذا كان من العائلة الحاكمة أو الطبقات الأرستقراطية.

تغيرت هذه الحال مع انتشار مفهوم زراعة اللؤلؤ، وهنا بالطبع لا نقصد أن اللؤلؤ يتم زراعته مثل النباتات وإنما يتم تربية المحار الذي ينتج اللؤلؤ في أحواض مخصصة لهذه الغاية وهذا ما سنطلع عليه بالتفصيل في هذا المقال.

زراعة اللؤلؤ

يتم إنتاج اللؤلؤ في مزارع داخل محارات مع تدخل الإنسان في هذه العملية وشروطها والظروف المحيطة بها. يمكن إنتاج اللؤلؤ في أحواض مليئة بالماء الحلو أو ماء البحر على حد سواء ويمكن القول إن 95% من اللآلئ الموجودة في الأسواق حاليا هي من إنتاج هذه المزارع أي أنها لآلئ صناعية وليست لآلئ طبيعية.

ما الفرق بين اللؤلؤ الصناعي واللؤلؤ الطبيعي؟

إنتاج اللؤلؤ الطبيعي

بداية دعونا نشرح كيف تقوم المحارة بإنتاج اللؤلؤ الطبيعي. لا تنتج كل المحارات حبات من اللؤلؤ بشكل تلقائي وإنما تبدأ القصة عندما يدخل طفيلي ما داخل الصدفة أو تهاجمها سمكة أو حيوان بحري آخر وكرد فعل دفاعي من قبل المحارة المصابة تقوم بإفراز عرق اللؤلؤ وهو المادة اللامعة التي تشكل السطح الداخلي للأصداف والتي تتكون كما ذكرنا سابقا من الأرجونيت وبلورات كربونات الكالسيوم وتستمر المحارة بإفراز هاتين المادتين إلى أن تتكون اللؤلؤة. ونستنتج من ذلك أن اللآلئ الطبيعية تتكون في الطبيعة عن طريق الصدفة.

إنتاج اللؤلؤ الصناعي

إنتاج اللؤلؤ الصناعي

أما في اللؤلؤ الصناعي أو ما يعرف بلؤلؤ المزارع أيضا من غير المعقول انتظار السمك ليهاجم المحار أو أن يدخل الصدفة طفيلي ما، ولذلك يبادر الإنسان بوضع جسم دائري ذو مقاسات معينة داخل المحارة التي تقوم بإفراز عرق اللؤلؤ بدورها وتغطية هذا الجسم بطبقة منه. هذا يعني أن اللؤلؤ الصناعي لا يتكون كليا من اللؤلؤ وإنما من الممكن أن يكون قلب اللؤلؤ مصنوعا من البلاستيك أو معادن أو مواد أخرى.

تعتبر أجزاء أنواع أخرى من الأصداف من أفضل المواد التي تصنع منها هذه الاجسام الدائرية التي تصنع منها اللآلئ في الولايات المتحدة الأميركية. يتم جمع أنواع محددة من الأصداف من المياه العذبة مثل الأنهار والبحيرات لأنها تتوافق مع المحار ولأن حجمها وشكلها مناسب لهذا الغرض ولذلك هناك طلب كبير عليها. يتم تقطيع الأصداف على شكل مكعبات ثم يتم تنعيم الزوايا والحواف للحصول على شكل كروي تماما ما يضمن إنتاج لآلئ دائرية ممتازة الشكل.

اللؤلؤ الصناعي عبر التاريخ

عائلة سونغ في الصين

يمكن القول إن أولى التجارب المسجلة لإنتاج اللؤلؤ في مزارع كانت في الصين القديمة خلال حكم عائلة سونغ. يمكن القول إن طريقة الزراعة كانت مشابهة لطرق اليوم المعاصرة إلا أن الصينيين في تلك الحقبة كانوا يعمدون إلى صب الرصاص في قالب معدني على شكل بوذا ثم يتم غرسه في المحارة للحصول على مجسم بوذا مصنوع من اللؤلؤ.

الانتشار في أوروبا

في العام 1637 قام سونغ ينغزينغ بتجميع موسوعة صينية بعنوان "تيانغونغ كايوو" (استغلال أعمال الطبيعة). وفي الفصل الثامن عشر من هذه الموسوعة هناك شرح عن اللآلئ وعن نظرية تشكلها وقد وصلت هذه الموسوعة إلى أوروبا بفضل تجارة طريق الحرير وتمت ترجمتها ما استدعى إعجاب العلماء الذين كانوا مهتمين بتشكيل اللؤلؤ وزراعته وإنتاجه.

نظريات حول تشكيل وزراعة اللؤلؤ

انشغل العالم الغربي ما بين القرن السادس عشر والقرن الثامن عشر بأبحاث مكثفة عن اللآلئ خصوصا بعد التوصل إلى تقنيات علمية جديدة مثل المسبار. وبدأ العلماء بإجراء أبحاث معقدة حول تشكيل اللآلئ إلى درجة أنهم أخذوا يطلقون النظريات ذات اليمين وذات الشمال.

زراعة اللؤلؤ في القرن العشرين

  • بدأت صناعة اللؤلؤ في اليابان منذ العام 1916.
  • تمكن الأخوان مايس لأول مرة من إنتاج اللؤلؤ الصناعي بكمية تجارية من محار من نوع أكويا.
  • بدأ بارون لواساكي بتطبيق تقنيات إنتاج اللؤلؤ الحديثة عام 1917 في الفلبين وسرعان ما تبعه بوتون وباولو.
  • لم يتم إنتاج محصول جيد من اللؤلؤ حتى العام 1928 بشكل فعلي.
  • تعرف اللآلئ اليابانية الأصلية باسم "لآلئ أكويا" نسبة إلى نوع من المحار لا يزيد حجمه عن 6 إلى 8 سم ولذلك تعتبر اللآلئ الكبيرة من هذا النوع نادرة الوجود.
  • يتم الآن استخدام نوع هجين من المحار بين النوع الصيني والنوع الياباني بالإضافة إلى أنواع أخرى.

زراعة اللؤلؤ في الوقت الحالي

زراعة اللؤلؤ في الوقت الحالي

في الحقيقة يمكن القول إن مجال زراعة اللؤلؤ هو صناعة قد استهلكت الكثير من الحظ والتكهنات والصدف حتى تزدهر وإلى أن وصلت إلى مرحلة مدروسة ومحسوبة ومعروفة النتائج خلال أكثر من 100 عام خلت. وفي يومنا هذا يمكن القول إن كل اللآلئ في أسواق المجوهرات تعتبر صناعية إلى أن يثبت العكس وخصوصا أن أسعار اللؤلؤ الطبيعي لطالما كانت خيالية بسبب ندرته.

بالنسبة إلى اللآلئ الملونة التي نراها على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم فهي بكل تأكيد صناعية ويتم التوصل إلى ألوانها عبر وضع معادن ذات ألوان محددة داخل المحارة فعلى سبيل المثال يؤدي وضع قطعة من "كلوريد الكوبالت" إلى إنتاج لؤلؤة يميل لونها إلى اللون الوردي أو الزهري. يذكر أن اللآلئ الملونة موجودة في الطبيعة ولكن بنسب تكاد تكون معدومة نتيجة لبعض المواد الكيماوية الموجودة في المياه التي تعيش فيها المحارة.

يمكن الكشف أو التأكد من كون اللؤلؤ طبيعي أو صناعي عبر تعريضه لأشعة X التي تظهر ما يوجد داخل حبة اللؤلؤ.

التعليقات