التنقيب عن المعادن من الألف إلى الياء

إن التعدين أو التنقيب عن المعادن يعرف بأنه استخراج معادن ثمينة أو مكونات أخرى من الأرض. عادة ما تكون المعادن المستخرجة على شكل فلذات خام أو كتلة أو مجرى من المعدن الذي كونته عوامل الطبيعة منذ آلاف السنين بطرق مختلفة.

عادة ما يتوقف التنقيب عن المعادن الخام على الجدوى الاقتصادية من الاستثمار وتكبّد مصاريف المعدات والعمالة والطاقة المطلوبة لاستخراج وصقل ومعالجة ونقل هذه المعادن المستخرجة إلى حيث يوجد المصنّع الذي يستخدم هذه المواد.

ما هي المواد التي تستخرج في عملية التنقيب؟

إن الفلذات التي يمكن العثور عليها من جراء عملية التنقيب تتضمن المعادن والفحم وجيوب النفط والأحجار الكريمة والرخام والكلس والملح الصخري والبوتاس والحصى وأنواع مختلفة من الطين. يمكن القول إن التنقيب هو العملية المطلوبة للحصول على المواد التي لا يمكن أو من غير المجدي زراعتها أو إنتاجها مخبريا أو في المعامل.

كما أن التنقيب بالمعنى الأشمل له يتضمن استخراج مصادر غير قابلة للتجديد مثل البترول والغاز الطبيعي أو حتى المياه الجوفية. تتضمن عمليات التنقيب العصرية الكشف المسبق عن الفلذات وتحليل الربح المتوقع من التنقيب في موقع ما واستخراج المعادن المرغوب بالحصول عليها واستصلاح وإعادة تأهيل الأرض بعد إغلاق المنجم.

تقنيات التنقيب أو التعدين

التنقيب السطحي عن المعادن

وهو النوع الأكثر شيوعا في الوقت الحالي للتنقيب وهو مسؤول عن إنتاج 85% من المعادن (فيما عدا البترول والغاز الطبيعي) في الولايات المتحدة لوحدها وعن إنتاج 98% من الفلذات المعدنية. تنقسم أهداف التنقيب السطحي إلى نوعين أساسيين هما الأهداف الموضعية من المعادن المتضمنة في مجاري الأنهار ورمال الشطآن وغير ذلك من المعادن المتفرقة، ومخازن المعادن حيث توجد المعادن القيمة على شكل "عروق" أو مسارات أو على طبقات أو كحبيبات معدنية موزعة في صخرة ضخمة.

يتم في هذه الطريقة للتنقيب إزالة سطح التربة وما يحويه من نباتات وغطاء طبيعي وأتربة وحصى للوصول إلى مخازن المعادن. تشمل هذه طريقة الحفر المفتوحة والمقالع وإزالة سطح التربة وحفر أعالي الجبال الذي يرتبط اسمه بالتنقيب عن الفحم بشكل أساسي.

التنقيب الجوفي عن المعادن

كم مرة شاهدنا في أفلام هوليوود منجما مغلقا قديما حيث يضطر البطل إلى دخوله والمخاطرة بحياته لإنقاذ البطلة أو لأجل قضية مقدسة ما! عادة ما تحوي هذه المشاهد سككا حديدية ودعامات متآكلة ترفع السقف وتحمي العمال والمعادن المستخرجة وبعض القناديل القديمة. في الحقيقة كل هذه المناجم التقليدية تندرج ضمن التنقيب الجوفي عن المعادن.

كانت هذه الطريقة أكثر شيوعا في السابق إلا أن خطورتها جعلت التنقيب السطحي يتفوق عليها. ومع ذلك وحتى يومنا هذا تستخدم هذه الطريقة في التنقيب عن بعض العناصر النادرة مثل اليورانيوم الذي يستخرج بطريقة "In-situ leaching" التي يمكن أن تكون سطحية أو جوفية.

يتم في هذه الطريقة الحفاظ على سطح الأرض وحفر أنفاق للوصول إلى المعادن الجوفية ويتم إخراج الصخور والأتربة التي يتم إزالتها من جوف الأرض إلى السطح. كانت هذه الطريقة تعتمد في الماضي على المتفجرات لتوسيع الأنفاق أما اليوم فهناك تقنيات أخرى أقل خطورة وأفضل من حيث الجدوى والأمان.

أجهزة الكشف عن المعادن

توصلت التكنولوجيا الحديثة إلى اختراع أجهزة متطورة للكشف عن أماكن وجود المعادن تحت سطح الأرض. يمكن أيضا الكشف عن هذه المكامن عن طريق الأقمار الاصطناعية إلا أن ذلك قد يكون مكلفا وغير متوفر للجميع. لذلك يلجأ أصحاب الشركات الكبرى عند البحث عن المكان المناسب لحفر المنجم إلى استخدام الأجهزة المتطورة هذه.

يمكن لهذه الأجهزة أيضا أن تكشف أفضل مكان لحفر الآبار المائية لأن تقنياتها تتيح معرفة أماكن الفراغات سواءً الممتلئة بالماء أو حتى الفارغة والتي يمكن أن تكون مدافن أثرية في بعض الأحيان. ولهذا السبب تمنع بعض الدول اقتناء هذه الأجهزة خوفا من وقوع الآثار والكنوز القديمة المدفونة في الأيدي الخاطئة لتنتهي بالسوق السوداء ويضيع الإرث الحضاري والثقافي لها من جراء ذلك.

كيف تعمل أجهزة الكشف عن المعادن؟

يمكن القول إن أجهزة الكشف عن المعادن الشخصية تنقسم إلى نوعين هما:

أجهزة الكشف عن المعادن البسيطة

تعتمد أجهزة الكشف عن المعادن البسيطة على إرسال موجات داخل سطح الأرض وتحليل ارتدادها وإصدار صوت معين عندما تمر فوق معدن ما. إذا لم تكن تعرف هذه الأجهزة فما عليك إلا التوجه إلى "يوتيوب" والبحث عن فيديو للشخص الذي يبحث عن المعادن على الشاطئ.

يمكن أن تكون هذه الأجهزة مفيدة جدا إذا أضعت خاتمك على الشاطئ أو في الحديقة أو بستانك الخاص إلا أنك من الممكن أن تجد بعض المفاتيح الصدئة وأغطية الزجاجات المعدنية وحتى علب الكوكا كولا قبل أن تجد القطعة التي فقدتها بالفعل. تتميز هذه الأجهزة بسعرها الرخيص وسهولة استخدامها وتوفرها في الأسواق إلا أنها غير دقيقة جدا ولا يمكن الاعتماد عليها أبدا للكشف عن المعادن العميقة.

أجهزة الكشف عن المعادن المعقدة

على عكس الأجهزة من النوع السابق، تتميز الأجهزة المتطورة المصممة خصيصا للكشف عن المعادن بأنها دقيقة ويصعب تحليل بياناتها. بالإضافة إلى ذلك فهذه الأجهزة لها طريقة استخدام محددة يمكن أن يؤدي عدم التقيد بها إلى اختلال البيانات بشكل تام. تترافق معظم هذه الأجهزة بجهاز حاسب مخصص لها مثل لابتوب أو آي باد أو يمكن وصلها بالهاتف الذكي العادي للحصول على مخطط بياني "للحقل" الذي جرى البحث فيه حيث توضح بهذه الطريقة مكان توجد الفلذات أو القطع المعدنية وحجمها وشكلها ونوعها وعمقها.

تعتمد أجهزة الكشف عن المعادن على إرسال ترددات أو ذبذبات أو موجات تماما مثل الأجهزة البسيطة إلا أن التحكم بطول ونوع هذه الموجات وتحليل ارتدادها عن الأجسام المدفونة تحت الأرض مع حساب المؤثرات الطبيعية عليها مثل مدى غنى التربة بالمعادن والقرب من أعمدة الكهرباء ومحطات الإرسال المتنوعة يمكن الجهاز من تحليل المعادن تحت سطح الأرض بشكل دقيق ومدروس. وقد تكون هذه الأجهزة مفيدة للغاية عند البحث عن نوع معين من المعادن لإنشاء منجم ما أو عند البحث على المياه الجوفية وغيرها من الأغراض الإنشائية والجيولوجية والاستثمارية.