مقياس شدة الزلازل والهزات الأرضية

الزلزال أو الهزة الأرضية هي اهتزاز في قشرة الأرض يؤدي إلى إطلاق طاقة من جوف الأرض وتحديدا من طبقة "الليثوسفير". تتراوح شدة الهزات الأرضية كثيرا فبعضها لا يحس به الإنسان أبدا ويحتاج لآلات ومعدات خاصة للكشف

مقياس شدة الزلازل والهزات الأرضية

(توضيحية - unsplash)

الزلازل والهزات الأرضية

الزلزال أو الهزة الأرضية هي اهتزاز في قشرة الأرض يؤدي إلى إطلاق طاقة من جوف الأرض وتحديدا من طبقة "الليثوسفير". تتراوح شدة الهزات الأرضية كثيرا فبعضها لا يحس به الإنسان أبدا ويحتاج لآلات ومعدات خاصة للكشف عنه، وتعرف هذه المعدات باسم مقياس ريختر الذي سنتعرف عليه في هذه المقالة، وبعضها الآخر قد يدمر مدنا ويقذف أناسا في الهواء ويودي بحياة الآلاف.

تتجلى الهزات الأرضية على سطح الأرض باهتزاز واضطراب قد يؤدي إلى تغيرات في مظهرها ويعود تشكل معظم الجبال والوديان أو حتى السلاسل الجبلية إلى حدوث زلازل في الماضي السحيق أدت إلى تشكيل هذه التضاريس.

يمكن أيضا أن تؤدي الهزات الأرضية عندما يكون مركزها في عرض البحر أو المحيط إلى ما يعرف باسم "التسونامي" فتتشكل أمواجا بحرية هائلة تتسبب بغرق مساحات متفاوتة من اليابسة وموت البشر. كما يمكن لبعض الهزات أن تسبب انهيارات وانزلاقات في سطح الأرض.

قد تترافق الهزات الأرضية في بعض الأحيان بنشاطات بشرية مثل تفجير المناجم والاختبارات النووية إلا أن الغالبية العظمى منها تنتج عن انبعاث الطاقة من جوف الأرض. يذكر أن نقطة بدء الهزة الأرضية الداخلية تدعى "Hypocenter" أما نقطة ظهورها على سطح الأرض الخارجي تدعى "Epicenter".

قياس شدة الهزات الأرضية

قياس شدة الهزات الأرضية

قبل مقياس ريختر

كان الراهب وعالم الجيولوجيا الإيطالي، جوسيبي ميركالي، قد طور مقياسا لمعرفة شدة الهزات الأرضية عام 1902. يستخدم مقياس ميركالي الأرقام الرومانية من 1 إلى 12 (I حتى XII) لتحديد شدة الزلازل والهزات الأرضية. كان اعتماد مقياس ميركالي في تحديد هذه الشدة ينصب على ردود أفعال الناس والمباني للهزة الأرضية.

على سبيل المثال تعتبر الهزة الأرضية التي تسبب الثريات والتحف المعلقة في الأسقف بالتأرجح بقوة I أو II على مقياس ميركالي، أما الزلازل التي تسبب دمارا ضخما على المباني وتسبب الذعر والهلع في المدن المزدحمة فتقدر درجتها بـX مثلا.

تكمن المشكلة الواضحة في مقياس ميركالي بأن آلية تحديد الدرجة الموضوعية للهزة تعتمد على جودة البناء وعلى مدى اعتياد الناس على هذا النوع من الكوارث وقدرتهم على تمالك أعصابهم. كما أن مقياس ميركالي لم يكن ناجحا جدا بقياس شدة الهزات الأرضية التي تحصل في المناطق البعيدة عن المدن أو غير المأهولة بالسكان.

مقياس ريختر

كما ذكرنا سابقا فإن ريختر توصل لاختراع هذا المقياس بالتعاون مع أستاذه وزميله في العمل، بينو غوتنبرغ، إلا أن الجهاز سمي نسبة إلى ريختر فقط وهو قادر على قياس شدة الهزة بشكل علمي وموضوعي وعلى تحديد نقطة الزلزال.

يعمل مقياس ريختر عبر وضع لفة كبيرة الورق الأبيض التي تدور وتفرد الورق باستمرار في مكان ثابت، هناك ذراع أو مغناطيس معلق وفي نهايته أداة تترك أثرا على لفة الورق لتسجيل حركة الأرض خلال الهزة الأرضية. بهذه الطريقة يمكن للجهاز تقدير بعده عن مصدر الهزة أو مركزها على سطح الأرض.

اختار ريختر أن يستخدم في تسمية الجهاز كلمة "Magnitude" التي تستخدم من قبل علماء الفلك للتعبير عن شدة توهج النجوم بسبب حبه السابق لهذا المجال. وقد اقترح غوتنبرغ أن تكون درجات المقياس لوغاريتمية؛ أي أن الهزة الأرضية بشدة 7 درجات على مقياس ريختر تعتبر أقوى من الهزة بدرجة 6 على المقياس بعشرة أضعاف وهي أقوى من الهزة التي درجتها 5 بمئة ضعف وأقوى من هزة بدرجة 4 بألف ضعف وهكذا.

في بداية مسيرته المهنية لم يكن ريختر منزعجا جدا من عدم تضمين اسم زميله غوتنبرغ في اسم اختراعهما إلا أنه أصر فيما بعد، وبعد وفاة غوتنبرغ، على الاعتراف بفضل الأخير ونسب الاختراع إليه أيضا.

تشارلز فرانسیس ريختر

ولد تشارلز فرانسيس ريختر في 26 نيسان/أبريل من عام 1900 في أميركا وكان عالم فيزياء وزلازل. خلد التاريخ اسم ريختر لأنه اخترع جهازا يقيس شدة الزلازل والهزات الأرضية ولا يزال مستخدما حتى يومنا هذا وسمي نسبة إليه بمقياس ريختر. جرى التوصل إلى جهاز آخر لقياس شدة الهزات الأرضية يدعى مقياس اللحظة "Moment Magnitude Scale" عام 1979 إلا أن مقياس ريختر لا يزال ذو مصداقية ودقة عالية وتحت الاستخدام إلى يومنا هذا.

اعتمد ريختر في اختراعه هذا على بحث كيو واداتي العلمي الذي جرى نشره عام 1928 حول الهزات الأرضية السطحية والعميقة وقد جرى استخدام هذا المقياس عمليا للمرة الأولى عام 1935 بعد أن نفذه وطوره بالتعاون مع بينو غوتنبرغ الذي كان زميله بالعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

نشأة ريختر

ولد ريختر في أوفربيك في ولاية أوهايو وينحدر من أصول ألمانية وتحديدا من المدينة التي تعرف اليوم باسم بادن فورتمبيرغ. تطلق والدا ريختر فريدريك ويليان وليليان آنا ريختر (كينسينغر قبل الزواج) عندما كان رضيعا. ولذلك نشأ تشارلز ريختر في كنف جده والد أمه الذي انتقل مع العائلة كاملة إلى لوس أنجلوس في 1909.

بعد أن تخرج تشارلز من مدرسة لوس أنجلوس الثانوية التحق بجامعة ستانفورد وتخرج عام 1920 ثم بدأ في عام 1928 بالعمل على رسالة الدكتوراه حول الفيزياء النظرية ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إلا أنه تلقى عرضا من معهد كارنيجي في واشنطن قبل أن ينهي هذه الرسالة والتحق في عمله الجديد.

في هذه المرحلة زاد حب تشارلز لعلم الزلازل فعمل بعدها في مخبر علوم زلازل جديد في باسادينا تحت إشراف بينو غوتنبرغ. توصل ريختر وغوتنبرغ في عام 1932 إلى جهاز لقياس شدة مصادر الهزات الأرضية وأسمياه مقياس ريختر.

بعد أن أطلق ريختر هذا الاختراع للعالم قام بالعودة إلى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 1937 حيث تابع حياته المهنية وأصبح بروفيسورا في علم الزلازل عام 1952.

حياة ريختر الشخصية

هناك بعض الغموض حول حياة ريختر واعتقاداته الدينية حيث يقول البعض إنه كان ينتمي إلى إحدى الكنائس بينما يفيد آخرون أنه كان ملحدا إلا أن ما لا شك فيه هو أنه كان يحب الطبيعة. توفي ريختر نتيجة لفشل في عضلة القلب في 30 أيلول/سبتمبر عام 1985 في باسادينا كاليفورنيا.

التعليقات