من هو مكتشف أميركا الحقيقي؟

يحتفل الأميركيون بيوم كولمبوس في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر من كل عام وهو عطلة رسمية من عام 1937 تمجد يوم اكتشاف كولومبوس للقارة الأميركية الشمالية في 12 تشرين الأول/أكتوبر عام 1492. وضع هذا المستكشف الإيطالي الجنسية قدمه على اليابسة وأعلن أنها أرض تابعة للتاج الملكي الإسباني في ذلك اليوم.

كان استكشاف قارة أميركا الشمالية الشغل الشاغل للبلدان الأوروبية ما بين القرن الخامس عشر والسابع عشر بهدف عدم تمكين أي من البلاد الأخرى من ترجيح كفة الحرب والسياسة لصالحها في حال الاستحواذ على مناطق أكبر من القارة الجديدة. ولكن ماذا يقول التاريخ عن مكتشف أميركا الشمالية؟ وهل يمكن أن يكون التاريخ على خطأ؟

كريستوفر كولومبوس وأميركا

انطلق كريستوفر كولومبوس في الثالث من آب/أغسطس من عام 1492 في رحلة بحرية من ميناء بالوس دي لا فرونتيرا في إسبانيا وكانت تعرف في ذلك الزمان بمملكة كاستيل (قشتالة) تحت راية ملكتها إيزابيلا الأولى.

اشتهر كريستوف كولومبوس في أنحاء أوروبا بعد أن اكتشف جزر البهاماس وكوبا والجزر الإسبانية في رحلته البحرية الأولى. واكتشف جزر الأنتيل في رحله الثانية، ثم اكتشف ترينيداد وتوباغو في رحلته الثالثة التي تمركزت بمحاذاة الجزء الشمالي من أميركا الجنوبية، أما رحلته الرابعة فقد قضاها يطوف سواحل أميركا الوسطى. تعتبر رحلات كولومبوس البحرية هي ما فتح العالم بشكل فعلي على بعضه وتوصلت إلى ما يعرف اليوم بالعالم الجديد.

لم يدرك كريستوفر كولومبوس أنه قد اكتشف قارة مجهولة وظن أن البلاد التي وصل إليها ما هي إلا الهند وشرق آسيا ولذلك أطلق عليها اسم جزر "الهند الغربية". وبعد سنين انطلق البحار أمريكو فسبوتشي بنفس الاتجاه من فلورنسا وأدرك أن البلاد التي وصل إليها كولمبوس لم تكن إلا قارة جديدة ولذلك تدعى بأميركا نسبة إلى هذا البحار.

بريطانيا العظمى واسكتشاف قارة أميركا الشمالية

يعود الفضل في اسكتشاف قارة أميركا الشمالية إلى الملاح والمكتشف جيوفاني كابوتو والذي يعرف بشكل أوسع في اللغة الإنجليزية باسم "جون كابوت" بتاريخ 24 حزيران/يونيو 1497 تحت بعثة هنري السابع ملك بريطانيا. ومع أن موقع نزول كابوت في أميركا الشمالية غير معروف على وجه التحديد إلا أن الحكومتين البريطانية والكندية تحددانه في جزيرة نيوفاوندلاند وقد سجل هذا الوجود البريطاني في خريطة خوان دي لا كوسا عام 1500.

البرتغال ورحلاتها الاستكشافية

أرسل الملك مانويل الأول ملك البرتغال القبطان خواو فيرنانديز لافرادور وبيرو دي بارسيلوس في 1499 وتمكن هذان البحاران من الوصول إلى غرينلاند وشاهدا الجزيرة التي تم تسميتها نسبة إلى لافرادور بجزيرة لابرادور. وقد جرى الإشارة إلى رحلة هذين البحارين وغيرهم من البحارة البرتغاليين في كانتينو بلانيسفير عام 1502.

وجود الفايكينغ في أميركا الشمالية

قد تكون نظرية وصول الفايكينغ إلى الأميركيتين أكثر النظريات المنافسة لكون كريستوف كولومبوس هو المكتشف الأول لأميركا. يعرف الفايكينغ بأنهم بحارة آيسلنديون عاشوا في القرن العاشر وتحديدا في الثمانينيات منه. قاد إريك الأحمر أسطولا من الفايكينغ حتى وصل إلى الجزيرة التي تعرف حاليا باسم غرينلاند. يذكر أن إريك الأحمر أطلق على الجزيرة الباردة هذه اسم غرينلاند ليغري الآيسلنديين بالانتقال والاستيطان فيها.

هناك دلائل حقيقية لوجود الفايكينغ في هذه المناطق وفي الجزيرة المعروفة باسم (الأرض الجديدة) Newfoundland وتحديدا في موقع لانس ويطلق عليه أحيانا اسم ميدوز وفي موقع آخر إلى الجنوب الغربي من الجزيرة. بالرغم من وصول الفايكينغ إلى هذه المواقع فلا يوجد إثبات على وصولهم إلى أراضي أميركا الشمالية في الحقيقة.

اليوم تضع اليونيسكو يدها على مواقع الفايكينغ في الأراضي التابعة لكندا وفي جزيرة نيوفاوندلاند حيث يمكن ملاحظة 8 هياكل خشبية يعتقد أنها كانت مباني أو بيوتا مكسية بالنباتات والطين.

ما علاقة البطاطا الحلوة باكتشاف أميركا؟

تعتبر البطاطا الحلوة من المحاصيل التي أصلها من أميركا الجنوبية. إذا كيف وصل هذا النوع من الخضروات إلى الشمال الأوروبي قبل اكتشاف أميركا من قبل كولومبوس بمئات السنين؟ بتحليل بسيط تمكن العلماء من إثبات أن نوعي البطاطا الحلوة يتفرعان من نفس الأصل وهذا يعني أن أحدا ما جلب معه البطاطا الحلوة من أميركا الجنوبية إلى أوروبا أو أن أحد ما أخذ معه هذه البطاطا إلى تلك القارة وانتشرت زراعتها فيها بشكل كبير.

نظريات حول وجود الصينيين في أميركا الشمالية

يقول أحد ضباط البحرية المتقاعدين "غافين مينزيز" أن الصينيين هم أول من أنشا مستعمرات في أميركا الشمالية قبل آلاف السنين. ويدعم هذه النظرية وجود آثار تم العثور عليها في أريزونا مطابقة تماما للأحرف الصينية. ووفقا لهذه النظريات فقد تواجد الصينيون في أميركا الشمالية عام 1300 قبل الميلاد. بالرغم من هذه النظريات والأدلة فإن المؤرخين وعلماء الآثار ينفون وجود الصينيين في أميركا الشمالية تماما.

ماذا عن العرب المسلمين واكتشاف أميركا الشمالية؟

إن الطريقة التي كان يحيا بها سكان أميركا الجنوبية من شعوب الأزتيك متقاربة كثيرا مع أسلوب العيش الإسلامي، كما أن هناك نظرية تقول إن بعض مرافقي كريستوفر كولمبوس وبحارته الماهرين الإسبان أصلهم عربي من أيام الأندلس. لكن ليس هذا أول تماس بين العرب والأميركيتين حيث يشير المؤرخون العرب القدماء في مخطوطاتهم التي تسبق اكتشاف كولومبوس بـ500 عام أن المغامر العربي "الخشخاش" خاض غمار بحر الظلمات، ويقصد به غالبا المحيط الأطلسي، ووصل إلى بلاد مجهولة مليئة بالكنوز والغنائم عام 889.

يذكر أن هناك أدلة تاريخية على حضور إفريقي مسلم في أميركا وثّـقه كولومبوس ذات نفسه حيث يذكر التاريخ أن إمبراطور مالي "أبو بكر الثاني" تخلى عن عرشه وجهز رحلة بحرية قادها بنفسه عبر فيها المحيط الأطلسي ومخاطره ووصل إلى أميركا. من الدلائل على الوجود الإفريقي في الأميركيتين هو اتباع السكان الأصليين هناك لنفس طريقة الأفارقة في صهر ومزج الذهب بغيره من المعادن.

هل وصل الفينيقيون إلى أميركا؟

يفضل الكثيرون الإيمان أن الفينيقيين القدماء الذين تفوقوا في مجال الملاحة استطاعوا بالفعل الوصول إلى الأميركيتين ويستندون في نظرياتهم هذه إلى بعض الدلائل غير الموثقة والتي تحتاج إلى دراسة وإثباتات إلا أنه من الممكن أن تكون هذه النظرية صحيحة ويثبتها العلم فيما بعد.