كتابة أفكارك السلبية أفضل خدمة تقدمها لنفسك

الأفكار السلبية تعلق في الذهن

يحدث أن يخرج شخص ما في رحلة مع مجموعة من الأشخاص الجدد عن دائرته الاجتماعية ويستمتع بوقته ويتعرف على أصدقاء رائعين ويمضي يوما جميلا بالفعل ثم يفكر بموقف واحد غريب أو غير سعيد حصل خلال النهار، مثل نكتة فاته فهمها أو سوء تفاهم بسيط حول مكان الجلوس أو غير ذلك من مسائل لا تعكر صفو الرحلة وليس لها تأثير حقيقي.

كذلك الأمر مع موظف ما يخضع لتقييم سنوي حيث يشيد مديره المباشر بالتزامه وأدائه وأخلاقه ومهاراته ومساهمته في نجاح الشركة وتعاونه مع زملائه. كل شيء يبدو رائعا إلى أن يشير المدير إلى أن هذا الموظف الكفؤ بحاجة لتطوير مهاراته على برنامج إكسل مثلا. لاحقا لا يستطيع الموظف تذكر أي من الإيجابيات التي ذكرها المدير ويركز فقط على السلبية الوحيدة التي ذكرها، لماذا يا ترى؟

يشير اختصاصيو علم النفس إلى أن الدماغ البشري مبرمج ليرى الجوانب السلبية من أي شيء. قد تكون هذه الخاصية في دماغ البشر واحدة من العوامل التي ساهمت في الحفاظ على بقاء الإنسان في قديم الزمان، إلا أنها غير ضرورية في زمننا المعاصر ومع ذلك فقد حافظت عقولنا على طريقة التفكير هذه.

تكمن المشكلة في طريقة التفكير هذه بأن التركيز على الأفكار السلبية يعيق رؤية الأفكار الإيجابية ويؤثر على أداء الشخص ومزاجه وحتى على شخصيته. وخصوصا أن الأحداث والأفكار السلبية وفق ما يفيد المختصون لها 3 أضعاف التأثير الذي تملكه الأفكار الإيجابية. ولذلك من المهم البحث عن طرق للتخلص من الأفكار السلبية وتخفيف تأثيرها على العقل.

الكتابة للتخلص من الأفكار السلبية

هناك الكثير من التقنيات التي يمكنك استخدامها لكسر أنماط السلبية إلا أن واحدا من أنجحها هو "المذكرات السلبية". تعتمد هذه الطريقة على تدوين الأفكار والأحداث والقصص السلبية التي يعمل دماغنا على تكرارها وإعادتها لنفسه. بكلمات أخرى تتمحور كتابة المذكرات السلبية على كسر الأفكار السلبية عبر تقفي مصدرها الأساسي.

فعندما نقوم برد فعل سلبي على حدث معين أو شخص ما، عادة ما ترجع أسباب هذه الردود إلى أمر أكثر عمقا لدينا مثل إحساس بالنقص نحاول أن ننكره أو ندفنه في شخصيتنا، أو قد يرتبط الأمر بحدث آخر مر معنا في الماضي وجعلنا نشعر بطريقة معينة، أو حتى بشيء نخافه ونحاول أن ندافع عن أنفسنا منه. تمكننا كتابة المذكرات السلبية من معرفة مصدر القلق والسلبية الأساسي وقطع السلسلة من البداية.

لوازم كتابة المذكرات السلبية

يلزمك بالطبع دفتر مذكرات أو أي دفتر عادي أو حتى بعض الأوراق البيضاء. ما يهم بالأمر هو أن تكون قادرا على التخلص من هذه الأوراق التي تقوم بتدوين أفكارك السلبية عليها لأن ذلك جزء مهم جدا من المذكرات السلبية. ويفضل أن يتوفر مكان هادئ أو خال من الأشخاص المزعجين قدر المستطاع.

طريقة كتابة المذكرات السلبية

يمكنك استخدام هذه التقنية في أي وقت تشعر أنك عالق فيه بنمط من الأفكار السلبية مثل التفكير المتواصل بالتجارب السيئة التي مررت بها أو في حال تعرضت للإهانة أو الأذى من قبل شخص ما، أو حتى إذا كنت تواجه صعوبة في الوصول إلى حالة الرضا والسعادة. كل ما عليك فعله هو تناول قلم وورقة واتباع الخطوات التالية:

ابدأ بشكل بسيط

اكتب عن مشاعرك وإحساسك في البداية وسيكون ذلك بمثابة نقطة البداية للمذكرات السلبية. من الأمثلة الناجحة عن البدء في المذكات السلبية هناك "لقد شعرت بالأسى عندما قام (فلان) بالتعليق على (أمر معين)" أو "أشعر اليوم بالإحباط لأن...".

الكتابة الحرة

بعد أن تكتب الأمر الذي يزعجك بشكل مباشر لا تحاول تقييد أفكارك أو ما تكتبه وإنما قم بكتابة أي شيء يخطر على بالك. لا تقلق بشأن الخط أو القواعد أو التهجئة السليمة أو وحدة الفكرة وتوافق الضمائر فكل ذلك غير مهم. لا يفترض بأحد أن يرى هذه المذكرات، وأهميتها تكمن بإفراغ مشاعرك وأفكارك على الورقة.

انتبه لمصدر السلبية

عندما تقوم بكتابة كل ما يخطر في بالك من أفكار، فلا بد أنك ستمر على مصدر السلبية الذي تنشأ منه الحالة التي تمر فيها. قد يستغرق الأمر ثانيتين لتصل إلى المصدر هذا وتحدده أو قد يستغرق نصف ساعة أو أكثر، إلا أنه من المؤكد أنك ستضيء على زاوية كانت مظلمة في عقلك الباطني أو تجاربك الماضية وستعرف في النهاية ما الذي يجرك إلى الخلف عوضا عن التقدم.

التخلص من المذكرات

تعتبر هذه الخطوة بغاية الأهمية عند اتباع اسلوب المذكرات السلبية لأنك لا تقوم بصب أفكارك ومشاعرك السلبية كي تتمكن من العودة إليها فيما بعد واستعادتها. عندما تشعر أنك بالفعل قد قلت كل ما تريد قوله، وأنك فرغت من توضيح وجهة نظرك ووصف شعورك وردة فعلك تجاه الفكرة أو الحدث السلبي، قم بالتخلص من كل شيء كتبته. يمكنك حرق الأوراق أو تمزيقها أو رميها في سلة المهملات، إلا أنه من الضروري أن يكون لديك النية لرمي الأوراق وكل ما فيها من عقلك أيضا وليس فقط من طاولة الكتابة.

لماذا تعتبر المذكرات السلبية مفيدة؟

يمكن القول إن المذكرات السلبية تعطي اسما وشكلا وصورة وقالبا للأفكار السلبية التي عبر تشخيصها وتحديدها يمكننا الوصول إلى مصدرها ومعرفة ما يعيق تقدمنا. بالرغم من أن هذه العملية قد تكون غامرة في لحظة الكتابة إلا أن إعطاء اسم أو قالب لأنماط السلبية يجعلها أمرا يسهل مواجهته. غالبا بعد أن يفرغ الشخص من كتابة أفكاره السلبية يدرك أن ما يعيق تقدمه وتخلصه من هذه الأفكار هو مجرد خوف غير منطقي وغير فعال بمجرد إلقاء الضوء عليه.

من الصحيح أن الأفكار السلبية في بعض الأحيان تأتي من مصدر حقيقي لا يمكن وصفه بأنه غير منطقي أو سخيف، وحتى في هذه الحالة تعتبر كتابة المذكرات السلبية مفيدة لأن الشخص يميز هذا الخوف المنطقي في المرات القادمة عندما تراوده الأفكار السلبية فيستطيع اتخاذ إجراءات وخطوات حقيقية لعكسه.