رابرز أم رجال عصابات إجراميّة؟

كانت القضيّة قد أثارت واحدة من أكبر المدن الأميركيّة، مع تساؤلات بدأت تظهر على السطح، حول ما إذا كان يجب اعتبار كلمات الأغاني مجرّد تعبيرات فنيّة أنّها تسعى إلى تصوير واقع قاسٍ، أم يمكن اعتبارها دليلًا على جرائم فعليّة

رابرز أم رجال عصابات إجراميّة؟

Young Thug (Getty)

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا حول مشهد موسيقى الأندرغراوند والراب في أتلانتا،، يناقش قضيّة تدور الآن في أروقة المحاكم الأميركيّة، لكلّ من "ليل دوكي" و"أنفوونك" و"سليم لايف شاوتي"، وهم نجوم راب وقفوا مؤخرًا بملابس السجن أمام القاضي، واضطرّوا للإجابة عن أسمائهم الحقيقيّة بدلًا من ألقابهم في عالم الراب.

واعترف سليم لايف شاوتي، في جلسة الاستماع الخاصّة به، بأنّ بعض رفاقه كانوا قد ارتكبوا على الأقلّ واحدًا من الأفعال التالية لكلّ منهم؛ القتل والاعتداء والسرقة وحيازة أسلحة ناريّة غير قانونيّة.

وكانت القضيّة قد أثارت واحدة من أكبر المدن الأميركيّة، مع تساؤلات بدأت تظهر على السطح، حول ما إذا كان يجب اعتبار كلمات الأغاني مجرّد تعبيرات فنيّة أنّها تسعى إلى تصوير واقع قاسٍ، أم يمكن اعتبارها دليلًا على جرائم فعليّة. هذه القضيّة التي تُناقش الآن في المحاكم، ضدّ 14 عضوًا من المشهد الموسيقيّ المتعلّق بالراب، متّهمين بالتآمر والابتزاز وانتهاكات للأنظمة، وحسب التقديرات، فإنّ القضيّة يمكن أن تستمر حتّى 9 أشهر.

ويواجه جيفري ويليامز كذلك (31 عامًا) عقوبة قد تصل إلى 120 عامًا، وتناقش المحكمة عددًا من القضايا، تصفه بأنّه زعيم عصابة عنيف، ويمكن أن يقضي بقيّة حياته في السجن، وحسب لوائح الاتّهام، فهو متّهم بالمشاركة في أنشطة عصابة إجراميّة في الشوارع، والمشاركة في مؤامرات إجراميّة، بالإضافة إلى مشاركته في العديد من الأعمال غير القانونيّة، منها مشاركته بمقتل زعيم عصابة منافسة والتدبير للجريمة.

هذه القضيّة، هزّت المشهد الموسيقيّ بأكمله، خاصّة في مدينة أتلانتا، والتي تعتبر عاصمة الهيب هوب في العالم، وأبدى كثير من متابعي القضيّة تعاطفهم مع ويليامز بعد إنكاره لكلّ التهم الموجّهة إليه، وقال محاميه، برايان ستيل "جيفري هو شخص طيّب وذكي وأخلاقي، واستهدف بالخطأ من قبل سلطات إنفاذ القانون… على الرغم من الظروف القمعيّة والفقيرة والقاسية التي واجهها، فقد تمكّن من تنمية عبقريّته الإبداعيّة لتحقيق نجاحات هائلة في جميع أنحاء العالم بشكل قانونيّ".

وبالنسبة لبعض المسؤولين في أتلانتا، فإنّه أصبح من الصعب تمييز الفروقات بين فرق الراب وعصابات الشوارع، ومن الصعب فصل المواضيع التي يتداخل فيها هذا الشكل الفنيّ مع الإجرام. وتعاني أتلانتا من وباء عنف العصابات، وتبلغ نسبة جرائم العنف التي ترتكبها العصابات إلى نحو 80٪، ومن المعروف، أنّ حربًا دامت لثماني سنوات بين عصابة "ي س ل" وعصابة "واي ف ن"، تسبّبت بأكثر من 50 حادثة عنف.

من جهته، قال محامي مكتب المدّعي العام في المحكمة "نعتقد أنّ السيّد ويليامز يغنّي عن أعمال العصابات، التي هو جزء منها بالفعل".

حدود فاصلة

(Getty)

وقالت نيويورك تايمز في تقريرها، إنّ أتلانتا لم تكن معقلًا للعصابات الكبرى التي تجذّرت في السجون، مثل نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلس، ولكن كمدينة سريعة التطوّر، تمثّل أعلى نسبة في عدم المساواة في الدخل في الولايات المتّحدة الأميركيّة، فقد تغيّرت ثقافة العصابات فيها، ويقول خبراء، إنّ الأمر الأكثر شيوعًا الآن في المدينة، هي العصابات الهجينة، والتي تتشكّل من عصابات مختلفة، وتختلف اختلافًا جذريًا عن العصابات التقليديّة، مثل المافيا، التي تمتلك مؤسّسات صارمة وهرميّة.

وتقول المحقّقة في شؤون العصابات المحليّة في أتلانتا، ماريسا فيفيريتو، إنّ اللون الجديد الآن في أتلانتا هم مغنّو الراب. وتؤكّد السلطات، على أنّها لا تستهدف المشاهير أو الرابرز، وإنّما من انخرطوا في أعمال إجراميّة، حتّى لو كانوا متداخلين في شكل فنيّ.

وفي عام 2020، ضجّت مدينة أتلانتا بخبر مقتل فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات، بالإضافة إلى مقتل صبيّين (12 عامًا) و(15 عامًا) بالرصاص بالقرب من مركز أتلانتيك التجاريّ، ونُسبت هذه الجرائم إلى أعمال العصابات في المدينة.

ويشعر بعض النقّاد بالقلق، بسبب أنّ نظام العدالة يركّز على الشباب السود في مثل هذه القضايا، ويغضّ الطرف عن الجماعات القوميّة البيضاء.

وتداخلت القضيّة فيما يعرف شركات التسجيل، وهو ما جادل فيه فريق الدفاع عن السيد ويليامز حول شركة Young Stoner Life، وعلاقاتها بجماعة "Blood Outshoot Sex Money Murder"، والتي أدّت إلى أعمال إطلاق نار انتقاميّة في جميع أنحاء أتلانتا.

وبدأت هذه الفرق بالانتشار منذ منتصف الثمانينات، عندما لاقت كلمات أغاني الراب المليئة بالعنف واللهجة العدائيّة انتقاد المجتمع اليمينيّ المحافظ في منتصف الثمانينيات، ومن بين الفرق التي كانت قد برزت وقتها فرقة باسم NWA، وبعد أن ازدادت حفلات الفرق شعبيّة بين الجماهير، كان على الطرف الآخر من المشهد، الشرطة التي تشتبه بمرتادي هذه الفرقة، حيث ردّت الفرقة على هذا الأمر في عام 1988 بأغنية مليئة بالشتائم تطال شرطة لوس أنجلس، وهو ما أسفر عن مناوشات عديدة حينها، ورفعت القضايا من أجل منع الفرقة من الغناء، إلّا أنّه في نهاية المطاف حكمت المحكمة لصالح الفرقة، بموجب حريّة التعبير عن الرأي.

التعليقات