من العمامة إلى الخوذة... كيف تتعامل المؤسّسات مع المظاهر الدينيّة؟

حسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، فإنّ خطّة الجيش الهندي أثارت انتقادات من كبار القادة الدينيّين السيخ، وذلك بعد أن أعلن الجيش، عن خطّته لشراء نحو 12 ألف خوذة مصمّمة لهم

من العمامة إلى الخوذة... كيف تتعامل المؤسّسات مع المظاهر الدينيّة؟

(Getty)

على مدى قرنين من الزمان، اشتهر السيخ في الهند التي كانت تحت الاستعمار البريطانيّ قبل استقلالها، بـ"براعتهم القتاليّة وعاداتهم"، ومنها الدخول إلى المعركة بغطاء الرأس الخاصّ بهم، حيث يعتقدون أنّ الاحتفاظ بالشعر الطويل، الملفوف في عمامة، جزء لا يتجزّأ من دينهم ومعتقداتهم، وهو ما دفعهم خلال عقود، لمقاومة ضغط الحكومات المتعاقبة لارتداء الخوذات، بدلًا من العمامات، حتّى وصل النقاش إلى ارتداء خوذة الدراجات الناريّة.

وحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة، فإنّ خطّة الجيش الهندي أثارت انتقادات من كبار القادة الدينيّين السيخ، وذلك بعد أن أعلن الجيش، عن خطّته لشراء نحو 12 ألف خوذة مصمّمة لهم، ومن المعروف عن السيخ، تغطيتهم لشعرهم بقطعة قماش، قبل ربطها في عقدة فوق رؤوسهم، ويبلغ طول هذه القماشة من 5 إلى 8 أمتار، والتي تعتمد على وصايا جورو ناناك، مؤسّس السيخيّة عام 1469.

ومن المفترض حسب خطّة الجيش، ارتداء الخوذة بدلًا من العمامة، وحسب تصميمها، فإنّها تحتوي على انتفاخ لوضع العقدة العلويّة فيها.

وكتبت السلطة الدينيّة الأولى للسيخ، لجنة شيروماني جورداوار، إلى وزير الدفاع الهنديّ في بيان، تطالب سحب خطّة شراء الخوذ، مبرّرين رفضهم بأنّ العمامة هي رمز مقدّس وتراثي للسيخ، وتابع البيان "إنّ أمر جندي من السيخ بخلع عمامته وارتداء خوذة، هو جهل".

وعلى جانب آخر، وحتّى وقت قريب، فقد كان سلاح مشاة البحريّة الأميركيّة، يحظر على السيخ التدريب إلّا بشرط حلق اللحية، والتي تتداخل مع علامات السيخ المقدّسة، وفي كانون الأوّل/ ديسمبر الماضي، ألغى قاض فيدرالي هذا الحظر.

وخلال الشهر الماضي، أمرت محكمة أميركيّة "قوّات المارينز"، بالسماح للمجنّدين السيخ بالإبقاء على عمائمهم ولحاهم، رافضة المزاعم التي قدّمت بأنّ الإعفاءات الدينيّة، تقلّل التماسك داخل الجيش، بعد أن رفض سلاح البحريّة منح 3 مجنّدين من السيخ كانوا قد اجتازوا اختبارات التجنيد، إطلاق لحاهم ووضع عمائم، وكان التبرير القانوني الذي تقدّم به الجيش هو أنّ المجنّدين بحاجة إلى "تجريدهم من فرديّتهم".

وبدأت النقاشات الدينيّة وتداخلها في المجال العامّ، تأخذ حيزًا واسعًا، خاصّة عند الحديث عن "إعفاء السيخ من ارتداء الخوذة" في كندا، لركوب الدراجات الناريّة، وعلى العكس، فإنّه في ألمانيا يمنع على هذه المجموعات ارتداء العمامة على الدراجات الناريّة، وهو ما أثار احتجاجات من قبل مجموعات السيخ.

ويشكّل السيخ جزءًا كبيرًا من الجيش الهندي، كما يشكّلون "حجر أساس" مهمّ في بعض الوحدات القتاليّة الأكثر شهرة، بما في ذلك "فوج البنجاب"، و"المشاة".

وفي عام 2014، قرّر الجيش الأميركي تخفيف القيود المفروضة على الزيّ العسكريّ الموحّد، وهو ما "يضمن السماح بالالتزام بمظاهر دينيّة"، وهو ما مكّن العديد من الجنود من مختلف الأديان والطوائف مثل المسلمين والسيخ تقديم طلبات إعفائهم من الالتزام بالزيّ العسكريّ، إلّا أنّ هناك عدد من الحالات، رفض فيها إطلاق اللحى أو إطلاق الشعر الطويل، بسبب أنّها "كانت تعوق الاستعداد العسكريّ". وتقول إحصائيّات نشرتها قناة "إن بي سي نيوز"، إنّ الجيش الأميركي يضمّ قرابة 3700 مسلمًا، و1500 من طائفة الويكا.

وشهدت عدّة دول أوروبيّة، تجاذبات واسعة فيما يخصّ "المظاهر الدينيّة" وارتباطها بالحياة المدنيّة، كان آخرها القرار الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبيّة، في تشرين أوّل/ أكتوبر 2022، والذي يقضي بالسماح بـ"حظر الحجاب"، في حال أنّه لا يميّز بين الموظّفين. وجاء في القرار، إنّ أيّ نشاط اقتصادي، يمكنه حظر ارتداء العلامات الدينيّة أو الفلسفيّة أو الروحيّة، في حال تمّ تطبيقها على جميع العاملين بطريقة عامّة وغير تمييزيّة، وكانت المحكمة قد أقرّت في عام 2020، بأنّ شركات الاتّحاد الأوروبيّ، يمكنها منع الموظّفين من وضع غطاء الرأس في ظلّ ظروف معيّنة.

التعليقات