كيف اختفى السيرك من العالم فجأة؟

تزايد الوعي بحقوق الحيوان ومعاملته في السيرك منذ عدّة عقود، حيث جاء أوّل تحوّل مهمّ نحو الاعتراف بحقوق الحيوان ومعاملتها في السيرك في الستّينيّات، مع نشر كتاب بعنوان "استخدام الحيوانات في السيرك وحدائق الحيوان: منظور تاريخيّ" من تأليف بيل جوردان

كيف اختفى السيرك من العالم فجأة؟

(Getty)

لعقود طويلة ماضية كان السيرك عنصرًا أساسيًّا في الترفيه، بأزيائه البرّاقة وألعابه البهلوانيّة وعروضه الّتي تضمّ مختلف الحيوانات البرّيّة، إلّا أنّ صناعة السيرك شهدت في السنوات الأخيرة تدهورًا واختفاء من معظم بلدان العالم.

ويقول مدافعون عن حقوق الحيوانات، إنّ أحد الأسباب الرئيسيّة لاختفاء السيرك هو الوعي المتزايد والاهتمام بحقوق الحيوان. ففي الماضي، اعتمد السيرك إلى حدّ بعيد على استخدام الحيوانات البرّيّة مثل الأسود والنمور والفيلة من أجل الترفيه عن الجماهير. ومع ذلك، ونظرًا لأنّ الجمهور أصبح أكثر وعيًا بالقسوة وسوء المعاملة الّتي تتعرّض لها هذه الحيوانات في الأسر، فقد كان هناك ردّ فعل عنيف متزايد ضدّ استخدام الحيوانات في السيرك، إذ قامت العديد من منظّمات الرفق بالحيوان بحملات لحظر استخدام الحيوانات فيه، وأصدرت عدّة دول قوانين تحظر استخدامها، وعلى سبيل المثال، في عام 2018، حظرت المملكة المتّحدة استخدام الحيوانات البرّيّة في السيرك.

من العوامل الأخرى الّتي ساهمت في تراجع السيرك، ظهور الترفيه الرقميّ، فمع ظهور التلفزيون والأفلام والإنترنت، أصبح لدى الناس خيارات للترفيه أكثر من أيّ وقت مضى. عوضًا عن الذهاب إلى السيرك، ممّا زاد من صعوبة بقاء السيرك مربحًا. وكانت التكلفة الباهظة لإدارة السيرك هي سبب آخر لاختفائه، إذ يتطلّب السيرك الكثير من المعدّات، بما في ذلك الخيام والإضاءة وأنظمة الصوت والمركبات المتخصّصة لنقل الحيوانات وفنّاني الأداء، بالإضافة إلى ذلك ، يجب أن يدفع القائمون على السيرك تكاليف سفر وإقامة فنّاني الأداء والحيوانات، ويمكن أن تتراكم هذه التكاليف بسرعة لا يمكن تحمّلها في الزمن الحاضر.

وخلال السنوات الأخيرة، تسبّبت جائحة كورونا ضربة قاسية لصناعة السيرك، ممّا أدّى إلى إلغاء العديد من العروض والفعاليّات، حيث تسبّبت الإغلاقات بعد الوباء في انخفاض كبير في الحضور والإيرادات، ممّا أجبر العديد من السيرك على الإغلاق بشكل دائم، وعلى الرغم من هذه التحدّيات، تمكّنت بعض السيرك من التكيّف والبقاء، وعلى أثر ذلك، فقد توقّفت كثير من العروض عن استخدام الحيوانات في عروضهم، وركّزوا بدلًا من ذلك على الممثّلين البشريّين، كما استخدمت هذه العروض تقنيّات جديدة، ودمجت عناصر مثل الليزر والإسقاطات ثلاثيّة الأبعاد والواقع الافتراضيّ لخلق تجربة أكثر تفاعليّة للجماهير.

وتزايد الوعي بحقوق الحيوان ومعاملته في السيرك منذ عدّة عقود، حيث جاء أوّل تحوّل مهمّ نحو الاعتراف بحقوق الحيوان ومعاملتها في السيرك في الستّينيّات، مع نشر كتاب بعنوان "استخدام الحيوانات في السيرك وحدائق الحيوان: منظور تاريخيّ" من تأليف بيل جوردان، حيث كشف الكتّاب المعاملة اللاإنسانيّة للحيوانات في السيرك وحدائق الحيوان، وأدّى ذلك إلى تشكيل العديد من منظّمات رعاية الحيوانات، بما في ذلك جمعيّة الرفق بالحيوان في الولايات المتّحدة والصندوق العالميّ للحياة البرّيّة.

وعلى مرّ السنين، قامت هذه المنظّمات بحملات من أجل تحسين معاملة الحيوانات في السيرك، ورفعت الوعي العامّ حول هذه القضيّة، ومن أهمّ القرارات والقوانين المتعلّقة بحقوق الحيوان في السيرك، والّتي تمّ سنّها خلال السنوات القليلة الماضية:

في عام 2018، أصدرت المملكة المتّحدة قانونًا يحظر استخدام الحيوانات البرّيّة في السيرك. كان القانون انتصارًا كبيرًا لمنظّمات الرفق بالحيوان، والّتي كانت تناضل من أجل الحظر لسنوات.

وفي عام 2017، أصدرت مدينة نيويورك قانونًا يحظر استخدام الحيوانات البرّيّة في السيرك. كان الحظر نتيجة سنوات من الحملات الّتي قامت بها منظّمات رعاية الحيوانات، والّتي جادلت بأنّ استخدام الحيوانات البرّيّة في السيرك كان قاسيًا وغير إنسانيّ.

وفي عام 2019، قدّم كونغرس الولايات المتّحدة قانون حماية الحيوانات البريّة المتنقّلة، والّذي من شأنه حظر استخدام الحيوانات البرّيّة في السيرك وعروض السفر. لم يتمّ تمرير مشروع القانون بعد، لكنّه أثار نقاشًا وطنيًّا حول معاملة الحيوانات في السيرك.

وكان الاتّحاد الأوروبّيّ قد سنّ العديد من اللوائح لحماية رفاهية الحيوانات، بما في ذلك تلك المستخدمة في السيرك، تحدّد لائحة الاتّحاد الأوروبّيّ الخاصّة برعاية الحيوان، والّتي تمّ تقديمها في عام 2005، المعايير الدنيا لمعاملة الحيوانات في السيرك.

في عام 2017، أغلق سيرك Ringling Bros. وBarnum & Bailey أبوابه للأبد، والّذي كان أحد أكبر السيرك وأكثرها شهرة في العالم، ويرجع الإغلاق جزئيًّا إلى انخفاض الحضور، ولكن أيضًا بسبب الوعي المتزايد والاهتمام برعاية الحيوان.

التعليقات