هل هناك علاقة بين التغير المناخي وصناعة العطور؟

ما هو تغير المناخ؟

يعرف تغير المناخ بشكل عام على أنه تحولات طويلة الأمد في درجات الحرارة والأنماط المختلفة للطقس، قد تكون تلك التحولات طبيعية كما هو الحال في تغيرات دورة الشمس، ولكن بعد بداية القرن الـ19 أصبح نشاط الإنسان سببا رئيسيا في تغير المناخ نتيجة الآثار السلبية لحرق الوقود الأحفوري كالنفط والفحم والغاز.

تطال آثار التغيرات المناخية الكثير من المجالات ولا سيما صناعة العطور، فخلال وقت حصاد العطور تعم الروائح في العديد من المناطق، لكن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي وتبدلات المناخ أصبحت تهدد الكثير من مناطق حصاد العطور الشهيرة عبر العالم والمصادر الطبيعية سواء الزهور أو غيرها التي تستخلص العطور من خلال روائحها.

ما هو العطر؟ وما كيمياء تكوينه؟

يتألف العطر ذو القوام السائل من ماء وكحول وجزيئات تتبخر في الهواء حسب درجة حرارة الغرفة، إضافة لذلك فإن جزيئات العطر عادة ما تكون خفيفة كفايةً كي تستطيع أن تطفو في الهواء وتنتشر، وهنا يجب الإشارة إلى قدرة خلايا الأنف على التعرف على جزيئات العطر المتبخرة لترسل إشارة بعد ذلك يدركها الدماغ.

وتختلف العطور في قوتها وتركيزها، إذ تكون زيوت العطور هي الشكل الأكثر تركيزا بتكوين العطر، ويتم تبخير تلك الزيوت أساسا من الأزهار أو النباتات أو الفواكه.

تشتمل العطور على مجموعة كبيرة من المكونات الأساسية التي تأتي ضمن تركيبها. ويعود تكوين العطر إلى عصور قديمة، حيث كانت في ما مضى تصنع من اللّبان، وتستخدم كبخور في المناسبات أو مواسم معينة من العام، وبعد ذلك تم تطوير العطور وأصبح استخراجها يتم أيضا من الأعشاب كالنعنع أو الزهور كالورد، كما يجب الإشارة هنا إلى أن صناعة العطور تتألف من ثلاثة أجزاء رئيسية، وهي كما يلي:

1. ما يتم استنشاقه من قبل المستخدم في أول الأمر، أي ما يعرف بالانطباع الشمي للعطر.
2. قلب العطر، ومعناه العطر الأساس الذي يستمر لمدة ساعات.
3. القاعدة الخاصة بالعطر، التي تدعم العطر كامله، وتتألف من المواد الكيميائية الأكثر ثباتا والأقل تقلبا، ويعد هذا الجزء هو المسؤول عن جعل العطر يدوم لفترات طويلة.

وفي الإجمال فإن العطور تتكون من نسب كبيرة من الكحول (كحول الإيثيل)، كما تتكون من الزيوت الرئيسية، وتعتمد في قوة بقائها على معدلات التبخر، إضافة إلى ذلك يتم استخدام مواد ذات صيغة كيميائية تساهم في تكثيف المواد التقطيرية على هيئة بخار، وجمعها بعد ذلك، ثم نقع المواد الخام في الزيت أو الماء أو المذيب ليتم سحب العطر منه.

علاقة تغير المناخ وصناعة العطور

كما نعلم فإن معظم العطور يتم استخراجها من الأزهار والورود وغيرها من النباتات أو المكونات الموجودة طبيعيا في البيئات المختلفة عبر العالم، فخلال فترات حصاد العطور تنتشر الروائح بشكل واسع، وهنا نذكر مثلا بلدة جراس الموجودة في فرنسا (إحدى أشهر مناطق جمع وتصنيع العطور وعاصمة عالمية لصناعة العطر).

جاءت ظاهرة الاحتباس الحراري بتأثيرات سلبية كبيرة على تلك المنطقة الصغيرة والمرتفعة مقابل شاطئ ريفيرا الفرنسي، والذي يعتبر أحد أهم المراكز الحديثة للعطور وأقدم المصادر الخاصة بالزهور المستخدمة في تصنيع العطور ضمن الشركات والبيوت العالمية كشانيل وديور.

أصبحت زهور بلدة جراس تباع بأسعار كبيرة جدا حتى أصبحت تضاهي أسعار الذهب ولا سيما أزهار الياسمين. وفي عام 2022 عانت جراس من ضربة مناخية قوية واجهت المنطقة والمدينة، إضافة إلى أجزاء من أوروبا الغربية حيث تلقت جفافا شديدا أدى إلى فقدان مساحات ضخمة من محاصيل الزهور.

وفي هذا السياق قالت كارول بيانكالانا (التي تزرع مسك الورد والياسمين والروم بشكل حصري لشركة ديور) إن محصولها أصبح أقل بنسبة 40% من مسك الروم بالمقارنة بالعام السابق.

كما شهد مزارعون في كل أنحاء المناطق الأوسع انخفاضا شديدا بمحاصيل الأزهار بنسبة وصلت إلى النصف تقريبا بعد موجة الجفاف التي أحدثها تغير المناخ وذلك حسب عمدة بلدة جراس جيروم فيود.

يهدد تغير المناخ الكثير من المدن والبلدات التي اشتهرت على مدى سنين طويلة في زراعة زهور العطور، كما هو الحال في جيفودان إحدى أكبر بيوت العطر العلمية في سويسرا والتي عانت في سنوات مضت من تطرف متقطع ومفاجئ لطقس جاف ورطب، الأمر الذي أثر سلبا على نباتات العطور فيها بشكل واضح.

لذلك ناقشت شركات العطور وصناعتها إمكانية استخدام بدائل صناعية يسهل شراؤها والتحكم بها عبر براءات اختراع ليتم تجنب الاحتباس الحراري في الصناعة العطرية.

تأثيرات تغير المناخ

باختصار فإن تأثير المناخ وتغيراته تتضمن الآتي:

• الجفاف.
• المواسم المتغايرة.
• تطرف الطقس المتكرر للمطر والصقيع ودرجات الحرارة المنخفضة أو المرتفعة جدا.

عوامل تأثير تغير المناخ على صناعة العطور

يؤثر سلبا على صناعة العطور انخفاض ما يلي من عوامل ومستويات:

• كميات المحاصيل العطرية.
• جودة مكوناتها.
• مقادير الروائح التي تُنتج من مختلف النباتات.

ومع استمرار تلك التأثيرات السيئة ستحتاج عملية صنع العطر إلى فكر جديد وآليات محدّثة تناسب تلك التغيرات المناخية.

ما هي أنواع روائح العطور؟

يعطي العطر بشكل عام رائحة زكية مفعمة بالطاقة والحيوية لمستخدميه، الأمر الذي يؤدي إلى تغيير المزاج لديهم نحو الأفضل، لذا وجب التنويه إلى ضرورة اختيار النوع الأنسب وذو الرائحة الجميلة، فهناك الكثير من الأنواع للروائح العطرية نذكر منها ما يلي:

الروائح الشرقية

تستخرج تلك الروائح من الحيوانات كالعنبر والمسك، ويتم خلطها مع الروائح المأخوذة من الأزهار لزيادة رونقها.

روائح الحمضيات

ينبثق من هذه الروائح النشاط والحيوية ولا سيما في الصباح إذ تجعل من الشخص منطلقا للحياة ومنتعشا بالطاقة.

روائح الأزهار

تمتاز تلك الروائح بأنها مليئة بعبق الرومانسية، وتعطي جمال للحظات المميزة.

روائح الفواكه

تستخلص من مختلف أنواع الفواكه، وتمزج مع روائح الزهور لتزداد قوتها وجمالها المنعش للمرء.

الروائح الطبيعية

مثل روائح العشب الطازج أو الأوراق الطازجة، لذا سميت العطور الخضراء.

روائح محيطات

ظهرت تلك الروائح كأول مرة من كثبان الرمال وهي تمثل مزيج من مركبات صناعية لاستحضار روائح الطبيعة كهواء الجبل أو الرذاذ المنتشر من المحيطات.

الروائح الحارة

هذه الروائح مشابهة لأنواع التوابل كالقرنفل والقرفة والزنجبيل والهيل، وتعتبر هذه الروائح من الطراز القديم في استخدام العطور.