أفلام الكرتون والأطفال: ما بين البناء والهدم السلوكيّ والعاطفيّ

على الرغم من الفوائد العديدة للرسوم المتحرّكة، هناك أيضًا عيوب محتملة، بحسب باحثين، فأحد الشواغل الرئيسيّة هو مستوى العنف الّذي غالبًا ما يتمّ تصويره في الرسوم الكاريكاتوريّة، إذ تتميّز العديد من الرسوم الكارتونيّة بشخصيّات تنخرط في سلوك عنيف

أفلام الكرتون والأطفال: ما بين البناء والهدم السلوكيّ والعاطفيّ

(Getty)

لعدّة عقود، كانت أفلام الرسوم المتحرّكة جزءًا لا يتجزّأ من ترفيه الأطفال، وكان تأثيرها على عقول الشباب موضوع بحث مكثّف، إذ تمّ إجراء العديد من الدراسات لدراسة تأثير أفلام الكرتون على الأطفال، بما في ذلك تطوّرهم المعرفيّ والعاطفيّ والسلوكيّ.

وتتوفّر أفلام الكرتون على نطاق واسع على التلفزيون وخدمات البثّ المختلفة، وفي أشكال أخرى من الوسائط، بما في ذلك ألعاب الفيديو والكتب، وفي حين أنّ الرسوم الكرتونيّة يمكن أن تكون مسلّية وممتعة للأطفال، إلّا أنّ بعض الباحثين يعتقدون أنّها يمكن أن تكون ضارّة.

وبحسب خبراء، فإنّه يمكن لأفلام الكرتون مساعدة الأطفال على تعلّم المهارات الاجتماعيّة، مثل التعاطف والتعاون والتواصل، ويمكن أن توفّر مساحة آمنة لهم لاستكشاف وفهم المشاعر المختلفة وكيفيّة التعبير عنها، بالإضافة إلى ذلك، يمكنها مساعدتهم على تعلّم اللغة والمفردات، بالإضافة إلى تطوير مهاراتهم المعرفيّة، بما في ذلك حلّ المشكلات والتفكير النقديّ.

وبحسب باحثين، فإنّ الرسوم المتحرّكة يمكن أن تمنح الأطفال شعورًا بالدهشة والفضول، ممّا قد يلهمهم لاستكشاف العالم من حولهم، وعلى سبيل المثال، قد يصبح الطفل الّذي يشاهد رسومًا كاريكاتوريّة عن استكشاف الفضاء مهتمًّا بعلم الفلك والعلوم، وبالمثل، فإنّ الطفل الّذي يشاهد رسمًا كاريكاتوريًّا عن الطبيعة قد يهتمّ بالحيوانات والبيئة.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للرسوم المتحرّكة، هناك أيضًا عيوب محتملة، بحسب باحثين، فأحد الشواغل الرئيسيّة هو مستوى العنف الّذي غالبًا ما يتمّ تصويره في الرسوم الكاريكاتوريّة، إذ تتميّز العديد من الرسوم الكارتونيّة بشخصيّات تنخرط في سلوك عنيف، مثل القتال أو إطلاق النار أو الضرب، وبينما يدّعي البعض بأنّ هذه الصور غير ضارّة وغير واقعيّة، فإنّ هناك فريقًا يعتقد أنّها يمكن أن تزيل حساسيّة الأطفال تجاه العنف، وتجعلهم أكثر عدوانيّة، وعلاوة على ذلك، بحسب باحثين، فإنّه يمكن لبعض الرسوم الكاريكاتوريّة أن تديم القوالب النمطيّة السلبيّة والتحيّزات. على سبيل المثال، قد تصوّر الرسوم الكاريكاتوريّة مجموعات معيّنة من الأشخاص في صورة سلبيّة، مثل النساء أو الأقلّيّات أو الأشخاص ذوي الإعاقة. يمكن أن تعزّز هذه الصور المعتقدات والمواقف الضارّة، وتساهم في التمييز والتحيّز.

واحدة من أكثر الدراسات شهرة حول تأثير أفلام الكرتون على الأطفال هي تجربة "بوبو دول" الّتي أجراها ألبرت باندورا في عام 1961، وهدفت الدراسة إلى فحص تأثير المحتوى العنيف على سلوك الأطفال.حيث تعرّض الأطفال في التجربة إلى مقطع فيديو لشخص بالغ يهاجم دمية بوبو، ثمّ تمّت ملاحظة الأطفال، وهم يلعبون بالدمية نفسها، ووجدت الدراسة أنّ الأطفال الّذين شاهدوا الفيديو العنيف كانوا أكثر عرضة لتقليد السلوك العدوانيّ الّذي شاهدوه.

وفي دراسة أخرى أجرتها الدكتورة جوان كانتور في عام 1998، حول آثار الرسوم الكرتونيّة العنيفة على سلوك الأطفال، وجدت أنّ الأطفال الّذين تعرّضوا لرسوم كرتونيّة عنيفة كانوا أكثر عرضة للانخراط في سلوك عدوانيّ، ووجدت الدراسة أنّ تأثيرات المحتوى العنيف كانت أكثر أهمّيّة بالنسبة للأولاد منها للفتيات.

وعلى عكس المحتوى العنيف، يمكن أن يكون للمحتوى الاجتماعيّ الإيجابيّ في أفلام الكرتون آثار إيجابيّة على سلوك الأطفال، حيث وجدت دراسة أجريت في عام 1983، أنّ الأطفال الّذين تعرّضوا لرسوم كاريكاتوريّة ذات محتوى اجتماعيّ إيجابيّ كانوا أكثر عرضة لإظهار سلوك اجتماعيّ إيجابيّ.

التعليقات