أساليب الأبوة والأمومة الإيجابية: تعزيز الانضباط بالتعاطف والاحترام

أسلوب العاقبة من أفضل طرق تهذيب الأطفال، إذ يعتمد على أن تجعل لكل تصرف خاطئ عاقبة تناسب الموقف الذي حدث بطريقة مباشرة ومنطقية.

أساليب الأبوة والأمومة الإيجابية: تعزيز الانضباط بالتعاطف والاحترام

(توضيحية - Gettyimages)

الأبوة والأمومة الإيجابية أحد أبرز المصطلحات التي ظهرت في الفترات الأخيرة، والتي يهتم بها الكثير من الآباء لتساعدهم على تربية أبنائهم وتكوين شخصياتهم بطرق صحية لا تؤثر على نفسيتهم، وجعلهم أصحاء في مختلف مراحل نموهم وحتى الكبر، ولذلك يسعون دائمًا إلى استخدام الأساليب والتقنيات الحديثة والحازمة في التعامل مع أطفالهم.

هذه التقنيات لا تشمل فقط أسلوب الثواب بل أسلوب العقاب، لكي تُرشد الآباء إلى كيفية التعامل مع سلوكيات الطفل المختلفة، ومكافأته عندما يصيب في تصرفاته ومعاقبته بطرق حديثة عندما يُخطئ دون أن يؤثر ذلك بالسلب على نفسيته أو يجعله ضعيف الشخصية.

أساليب الأبوة والأمومة الإيجابية في التعامل مع الأطفال

أساليب الأبوة والأمومة الإيجابية في التعامل مع الأطفال:

1. الاحترام بين الطرفين

تربينا جميعًا منذ الصغر على أهمية احترام الكبير وخصوصا الوالدين، إلا أن الاحترام المتبادل بين الاَباء وأبنائهم أمر ضروري في تكوين شخصية الطفل واحترامه لنفسه، فالحزم يجب أن يكون أيضًا من خلال احترام متطلبات الطفل وتقدير المواقف وتلبية احتياجاته، فالطفل ينشأ بشكل صحي أكثر في البيئة التي تحكمها القوانين والمبادئ الواضحة التي يلتزم بها الجميع، كما أن تطبيق القوانين على الجميع تولد ثقة كبيرة بين الأطفال والأبوين، ويجنبك أيضًا الغضب الشديد في المواقف الصعبة.

ومن مسببات الاحترام أيضًا هو وجود ثقافة الاعتذار بين الأبوين عند الخطأ، والتي تؤكد للطفل أن المخطئ عليه أن يعتذر مهما كان سنه، وتجعله يشعر بالرضا الداخلي لوجود العدل، وأنه ليس فقط الطرف المسؤول في المنزل الذي يُحاسب ويُطالب بالاعتذار عن أفعاله، كما أن هذا يُرسخ لديه صفة الاحترام ويجعله أكثر قدرة على التعامل مع أخطائه والاعتراف بها.

2. مواكبة عالم الطفل وفهم تصرفاته

أحيانًا يفسر الاَباء تصرفات أبنائهم في مراحل عمرية مختلفة بطريقة خطأ، فالطفل الذي يبلغ عامين ليس عنيدًا كما نظن ولكنه يحاول الاستقلال، والطفل ابن أربعة سنوات ليس كاذبًا ولكنه صاحب خيال واسع، وهذا الأمر يتطلب من الاَباء إدراك المرحلة التي يمر بها الطفل ومعرفة كيفية التعامل معها، ففهم متطلباته في كل مرحلة يُجنبك الكثير من الصدمات التي تنشأ نتيجة تصرفات الطفل العشوائية، إذ لا يجب أن يتم التعامل معه بقوة أو تعنيف لأن الطفل غير قادر على تفسير مشكلته كما تفسرها أنت، ولكنه يعتقد تمامًا أنه على صواب، ويحتاج إلى إلى تقويم وليس إلى تعنيف.

3. الانصات الفعال والقدرة على حل المشكلات

الانصات الفعال والقدرة على حل المشكلات

الطفل حساس للغاية وخصوصا إذا واجهته مشكلة ما، ومن الواجب هنا أن يستمع إليه والديه بإنصات شديد وإظهار التعاطف معه قدر الإمكان من خلال تعابير الوجه ونبرات الصوت ومشاركة الطفل مشاعره وأفكاره عند الحاجة، وعدم إصدار الأحكام عليه بسرعة ولكن يجب إعطاءه الفرصة للتبرير والتعبير عن مشاعره، كما يجب إعطاء الطفل الفرصة لإيجاد الحلول من تلقاء نفسه أولًا، ليعتاد الاعتماد على نفسه ومواجهة مشكلاته، مع مراقبة تصرفاته وتوجيهه قبل أن يلحق الضرر بنفسه، ولكن من المهم إعطاءه الثقة لمواجهة مشكلاته بمفرده.

4. التشجيع المستمر للطفل

من منا لا يحتاج إلى تشجيع؟ ما بالك بالطفل الذي يعمل على تكوين شخصيته، فالتشجيع هو أحد وسائل تهذيب الطفل وجعله يستمر بإصرار نحو تحسين سلوكه وإبراز مهاراته وتنميتها، فالتشجيع يُعطيه الشعور بالانتصار الشديد عند تحقيق أي هدف مهما كان صغيرًا، وفي حالة عدم تشجيع طفلك فإنه سيبحث دائمًا عن حافز خارجي، وربما يصبح مُعتمدًا على غيره حتى يشعر بالرضا النفسي والإنجاز، وينتج عن ذلك شخصية ضعيفة تسعى لإرضاء غيرها ولا تسعى لإرضاء نفسها.

5. فهم السبب الحقيقي وراء السلوك

عليك أن تفهم السبب الحقيقي وراء سلوك طفلك، خصوصا السلوكيات السيئة مثل الغصب، فربما يكون هذا الفعل الغاضب ناتج عن تعنيف الأبوين أو شعور الطفل بالإحباط من الانتقاد المتكرر منهم، فيبدأ الطفل في إبراز مشاعر الغضب لإظهار قوة شخصيته ومحاولة أن لا يبدو ضعيفًا أو هشًا أمامهم.

التربية الإيجابية تحث على تغيير المعتقدات بدلًا من التركيز على تغيير السلوك الظاهري، فعلى سبيل المثال يمكنك أن تعطي الطفل ما يطلبه ليهدأ، ولكن سيكون هذا حلًا مؤقتًا وسيتخذه الطفل ضدك في تكرار غضبه الشديد كل مرة لتلبية احتياجاته، بينما الحل الفعال على المدى البعيد هو أن تخبره بحقيقة الأمر وهو أنك لا تستطيع تلبية طلبه، فسيعرف مع الوقت أنه ليس أمامه إلا أن يهدأ ويتناقش معك.

6. أسلوب العواقب لا العقاب

أسلوب العاقبة من أفضل طرق تهذيب الأطفال، إذ يعتمد على أن تجعل لكل تصرف خاطئ عاقبة تناسب الموقف الذي حدث بطريقة مباشرة ومنطقية، فمثلا إذا كان الطفل يقوم بكسر ألعابه، فيمكنك أخذها منه وأن تخبره أنك سوف تُعيدها له عندما يلعب بها دون كسرها، وذلك بدلًا من العقاب البدني أو اللفظي أو إهانته بشكل نفسي، أو أن تقوم بتجاهله أو حبسه في غرفة للعقاب، كل هذه الأساليب تؤثر في نفسية الطفل بشكل أو بآخر وتولد لديه كبتا رهيبا وتمردا وشخصية مشوهة.

7. النقاش واعطاء الحلول وعدم اللوم

عندما يخطئ الطفل فإنه يشعر بالذنب تجاه ما قام بفعله، ولكن لومك الدائم سيزيد لديه الشعور بالذنب دون أن يحاول تحسين تصرفه في ما بعد، فالطفل في هذه المرحلة ينتظر منك أن تشاركه في إيجاد حل للمشكلة التي وقع فيها مع نصحه وإرشاده ليتفادى بعد ذلك تكرارها أو يتمكن من تفاديها في المرات المقبلة فييُعزز ثقته بنفسه ويقوي مهارات حل المشكلات، ما يجعله قادرًا على تجاوزها.

فوائد التربية الإيجابية للأطفال والاّباء

  • دعم استقلال الطفل وتعزيز اعتماده على نفسه وتحسين التكيف والاندماج وزيادة القدرة على التفكير المنطقي وتحسين الأداء الاجتماعي له.
  • الشعور بالأمان والحب بين الطرفين من خلال التعامل باحترام بينهما وإعطاء الطفل ثقة في نفسه حتى عند وقوعه في الخطأ مدركا أن والديه يدعماه في كل وقت ويقفان خلف ظهره.
  • انخفاض السلوكيات السيئة للطفل، فيبدأ بالميل إلى التصرفات التي تدفعك إلى تشجيعه باستمرار والمدح فيه.
  • تلاشي نسبة كبيرة من المشكلات السلوكية والاضطرابات التي تحدث بين الطرفين.
  • تحسين التماسك الأسري والتواصل بين الاَباء والأبناء، فيكون هناك مرونة أكثر في الحديث والتفاهم.
  • تعزيز خصال التسامح لدى الطفل وتنظيم العواطف المختلفة لدى الأطفال والمراهقين.
  • تلاشي الكثير من المشكلات النفسية المُدمرة التي يتعرض لها الأطفال نتيجة التربية الخاطئة والتعنيف.
  • يكون الطفل أقل سلبية ومشارك بنسبة كبيرة في اتخاذ قراراته فتتكون لديه شخصية قوية وحازمة وصاحبة قرار ولا يعتمد على من حوله.
  • تعزيز العلاقة بين الأبوين والأبناء القائمة على الحب والديمقراطية تعني انخفاض السلوكيات الخطرة وخاصة في مرحلة المراهقة التي يُعاني فيها الكثير من الاَباء.
  • دعم التواصل الفعال في الأسرة وحب الأبناء لحلقات النقاش والاجتماع مع الأبوين.
  • استجابة الطفل للاَباء على المدى البعيد والبُعد عن الصراخ والعصبية للحصول على طلباتهم في كل مرة.

من المهم أن يقرأ الأبوين جيدًا عن أهمية التربية الإيجابية الحديثة في حياتهم الأسرية وفي التواصل مع أبنائهم، وخلق تفاهم وعلاقة أسرية إيجابية ومُريحة للطرفين، وتكوين طفل بسلوكيات ونفسية جيدة وغير متوترة او تعاني من اضطرابات نفسية.

التعليقات