الموازنة بين العمل والأسرة: إستراتيجيات للآباء المشغولين

ضع لنفسك جدولًا زمنيًا وسوف ترى كيف يمكنك ترتيب كل شيء، فالتخطيط ليومك بأدق التفاصيل يجعل كل شيء في حياتك منظمًا، ما يعطيك فرصة لإنهاء الكثير من المهام اليومية.

الموازنة بين العمل والأسرة: إستراتيجيات للآباء المشغولين

(توضيحية)

كلما مر الوقت وتقدمت في العمر تلاحظ أن انشغالك بالحياة والعمل أصبح أكثر، حتى أنك قد تنشغل بهما عن الأسرة لساعات وفترات طويلة، ويكون ذلك بهدف مواكبة أعباء الحياة وتلبية متطلبات الأسرة واحتياجاتها، إلا أن لنفسك عليك حق ولأسرتك عليك حق أيضًا، فالعمل مهم جدًا لكسب العيش ولكن الأسرة لا تقل عظمة أيضًا.

ومن هنا تنبثق أهميّة الحفاظ على التوازن بين كلّ من الحياة الشخصية والعمل، فالنجاح الحقيقي ليس فقط في كسب المال والترقية في العمل، وإنما النجاح أيضًا في حياتك الشخصية وتكوين أسرة سعيدة والمحافظة على علاقتك بها في جميع جوانب الحياة، ومشاركتها تفاصيلها اليومية.

كيف تخلق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟

كيف تخلق التوازن بين العمل والحياة الشخصية؟

1. وضع جدول زمني مع الالتزام به

ضع لنفسك جدولًا زمنيًا وسوف ترى كيف يمكنك ترتيب كل شيء، فالتخطيط ليومك بأدق التفاصيل يجعل كل شيء في حياتك منظمًا، ما يعطيك فرصة لإنهاء الكثير من المهام اليومية أو يجعلك قادرًا على القيام بكل شيء تريده في وقتٍ مُحدد.

وهنا سوف تجد الوقت الكافي لعملك ونفسك وأسرتك، انظر إلى هذا الجدول على أنه وعد تقطعه على نفسك حتى لا تتكاسل عن تنفيذه، وبهذا الأسلوب ستتجنب تضييع الوقت على أمور ليس لها أهمية واستثمار كل لحظة في حياتك لنفسك ولعملك ولأبنائك وهنا يكمن سر النجاح الحقيقي.

2. افصل بين جوانب حياتك عن بعضها البعض

يجب أن لا تسمح لجانب من حياتك أن يتداخل مع الجوانب الأخرى، فإذا كنت تجلس مع أسرتك خصص الوقت بالكامل لها، لا تنشغل بالعمل وأنت جالس معها، إذ أن الأمر الذي تعتبره بسيطًا اليوم سيشكل أزمة كبيرة في حياتك غدًا، فقراءة بريدك الإلكتروني خلال تناولك الطعام مع أسرتك في المنزل أو الحديث في مكالمة مع عميل أثناء عطلتك مع أبنائك، كل هذه الأمور تؤدي إلى تداخل كبير في ما بعد بين جوانب حياتك العملية والشخصية، وتأخذ من وقتك القدر الكبير وتبعدك مسافات عن أسرتك.

عليك أن تنظم الوقت وتعمل فقط في مكان العمل وتقضي وقتك في المنزل مع أبنائك، لأنه إذا وجدت نفسك تردّ على الرسائل المهنية معظم الوقت، ستشعر بعد ذلك أنّ حياتك الشخصية ليست سوى امتداد لحياتك في المكتب، وفي هذه المرحلة بالفعل سيختل توازن حياتك، وستواجه مشاكل سببها قلة التواصل مع أسرتك في المنزل.

3. استثمر الوقت ولا تضيعه

أسأل نفسك أولًا كيف تقضي وقتك؟ وكم عدد الساعات التي تقضيها في العمل؟ أو تقرأ فيها البريد الإلكتروني؟ أو حتى تلك التي تتصفح فيها وسائل التواصل الاجتماعي؟ إن أقصى استفادة من وقتك تعني قضاءه في ما يعود عليك بالفائدة، ولن تتمكن من ذلك إن كنت لا تعرف كيف تقوم بتقسيم وقتك بين عملك ونفسك وأسرتك.

تذكر أن وقتك سيكون ذو قيمة عندما تنفقه في المكان الصحيح، حاول أن لا تضيع الكثير من الوقت في المهام البسيطة، أنجزها أسرع إذا سمح لك الأمر، وبالنسبة للعمل اجعل وقت العمل مُحددًا ولا تضيعه، وذلك كي تنجز كافة مهامك في الوقت المُحدد لها بحيث لا تحتاج لأن تقوم بأي شيء بعد ذلك إلا في حالات الطوارىء، وإذا كان الأمر ممكنًا حاول العثور على طرق مختصرة أيضًا لقضاء مهامك توفيرًا للوقت، فالغرض من ذلك هو استثمار كل لحظة في حياتك بين العمل والنوم والأسرة والمتطلبات الحياتية الأخرى لتعيد توازن يومك إلى وضعه الصحيح.

4. الحضور الجسدي والذهني

أن تكون حاضرًا لا يعني أن تكون موجودًا بجسدك، ولكن يعني أن تكون حاضرًا بذهنك. فالأمران مختلفان تمامًا وقد تقضي وقتك مع أسرتك جسديًا ولكن عقلك يكون في مكانٍ اَخر فتخسر الكثير من الأشياء، أولها راحتك النفسية وأخذ هدنة من العمل، بالإضافة إلى فقد الكثير من المشاعر التي يمكنك أن تعيشها مع أسرتك.

على كل حال، إذا حدث العكس أيضًا وانشغلت بمشاكل المنزل أثناء تواجدك في العمل، ستخسر الكثير ويضيع يومك دون أن تنجز مهامك، وهنا تأتي أهمية الموازنة بين الإثنين والفصل التام بين الحضور في العمل أو المنزل.

أهمية وجود توازن بين الحياة الشخصية والعمل

أهمية وجود توازن بين الحياة الشخصية والعمل

الإنسان خلق ليعيش ويعمل ويسعد بحياته، فلا يجب أن تنهمك في العمل بالشكل الذي يفقدك ملذات الحياة، فالإنسان بإمكانه أن يعمل ويسعى ويعيش حياته بشكل طبيعي مع أسرته أيضًا، وهذا هو الدليل الحقيقي للنجاح، فالنجاح لا يعني أن تتفوق في عملك فقط بل أن تسعى أيضًا لضبط مختلف جوانب الحياة وتكمن أهمية ذلك في التالي:

  • حياة صحية أكثر لك وللأسرة

الآباء المشغولون دائمًا عن أسرتهم يشعرون طول الوقت بالتقصير، وتنشأ لديهم خلافات جسيمة مع أبنائهم نتيجة فقدان الترابط بين أفراد الأسرة، التي ستصبح عاجلًا أم آجلًا مفككة بشكل كبير؛ بالإضافة إلى ذلك هم لا يعرفون أي شيء عن حياة أبنائهم الشخصية فتقع مسؤولية هذه الأمور بشكل كامل على عاتق الأم.

ولكن عند خلق توازن بين العمل والأسرة، فإن ذلك سيجعلك على صلة دائمًا بأبنائك، فتعيش معهم مختلف لحظات حياتهم وتشاركهم مشكلاتهم، وتساعدهم على إيجاد الحلول دومًا، خصوصا أثناء أصعب مرحلة يمرون بها ألا وهي مرحلة المراهقة، التي تحتاج منك رقابة على أبنائك لكي ترشدهم إلى الصواب.

  • حياة أكثر سعادة واتزان

موازنة الأمور تجعلك أكثر سعادة، خصوصا عندما تستثمر وقتك بشكل جيد ويصبح لديك وقتا كافيا لنفسك تفصل فيه عن العمل والمشكلات المختلفة المتعلقة به والمهام المتراكمة، فتصفي ذهنك وتعيش أجواء صحية بعيدًا عن التوتر والضغط العملي، كما أن استثمار الوقت يجعل لديك وقت لكل شيء، العمل والمنزل والأصدقاء والأبناء وبضع ساعات لنفسك، إذ يمكنك التسوق أو قضاء عطلة مع الأصدقاء أو الخروج في نزهة مع أبنائك، كل هذا محسوب في حسابات الوقت المنضبطة ولن تشعر بالقلق تجاه أي شيء آخر.

  • العودة إلى العمل بكامل طاقتك

لا يوجد أي إنسان على وجه الأرض لا يحتاج إلى راحة ذهنية أو جسدية، وإلا فإنه سيهدر الكثير من طاقته ولن يتمكن من الاستفادة الكاملة منها، فالإنسان يعمل ببطاريات من الطاقة، والفصل بين العمل وأوقات الراحة يشحن هذه البطاريات بطاقة جديدة، ويجعلك تعود إلى عملك بكامل قوتك فتعمل وتُنتج أكثر، فالحصول على وقت راحة والفصل بين الأمرين يجنبك المشكلات والأخطاء الجسيمة التي قد تُحدث خسائر كبيرة في العمل، فتعود صافي الذهن ومقبلًا على العمل بكامل طاقتك.

  • الشعور بالرضا

الإنجاز هو ما يجعلك تشعر بالرضا عن نفسك وعن حياتك بأكملها، ولكي تصل إلى هذا الشعور في مختلف جوانب حياتك تحتاج إلى إتمام أمورك بتركيز، معطيًا كل جانب حقه كعملك وبيتك ولنفسك بالطبع، فاستثمارك في وقتك وتحقيق التوازن بين حياتك العملية والشخصية يُشعرك بالرضا الداخلي الأمر الذي ينعكس إيجابًا عليك وعلى أسرتك وعلاقتك بهم وعلى عملك وعلاقتك مع زملائك، وهذه نعمة كبيرة لا يستطيع الجميع تحقيقها، ولكن يمكن تحقيق ذلك إذا ما تم استثمار كل دقيقة بشكل صحيح دون إهدار للوقت والطاقة في أمور لا تستحق.

من خلال تطبيق الخطوات البسيطة التي ذكرناها لك، والالتزام بها ستتمكّن تدريجيا من التحكم في حياتك بصورة أفضل، فتجد أنّك أصبحت أكثر قدرة على تخصيص وقت مناسب لكلّ جانب من جوانب حياتك.

التعليقات