التواصل الفعال مع المراهقين: بناء الثقة وتقوية العلاقات

الشجار الدائم بين الأبوين والخلافات العائلية الدائمة تتسبب في تدمير كيان الأسرة، وتؤثر على نفسية الأبناء وثقتهم بنفسهم وتصيبهم بالاكتئاب والحزن وتجعلهم يبحثون عن الأمان في الخارج.

التواصل الفعال مع المراهقين: بناء الثقة وتقوية العلاقات

(توضيحية)

مرحلة المراهقة من أصعب المراحل التي يمر بها الأبناء، إذ يعاني العديد من الآباء من مشكلات متعلقة بدخول الأطفال في سن المراهقة، كما أنه في هذه المرحلة العمرية يحدث اضطراب حول كل شيء فتختلف المفاهيم لديهم، فلا هو طفل صغير ولا هو شاب كبير، وتكون لغة التواصل مع الأهل مهمة للغاية.

ويبدأ الأطفال في هذا العمر باتخاذ القرارات الخاصة بهم دون رغبتهم بتدخل الآخرين، ويشعرون بأنهم أشخاص بالغون، كما تحدث لديهم الكثير من التغيرات الهرمونية والجسمية. وللأسف يصعب على البعض التعامل مع هذه التغييرات إلا من خلال فهم الطريقة السليمة والأساليب الحديثة للتعامل مع هذه المرحلة.

فإذا شعر المراهقون أن اَباءهم لا يساندونهم في هذه المرحلة وينتقدونهم باستمرار ويعاقبونهم دائمًا ولا يستمعون إليهم، مصدرين أحكامًا متسرعة على قرارات أبنائهم دون محاولة فهم الأسباب وراء ذلك، فإن هذا يفقدهم الثقة في أنفسهم ويدفعهم نحو تجنب الحديث مع اَباءهم، ويجعلهم أصحاب شخصية ضعيفة ومهزوزة تعاني من الارتباك.

أسباب ضعف الثقة بالنفس عند المراهقين

1. إهمال الاَباء لأبنائهم

الإهمال يقتل العلاقات خاصة عندما تكون هذه العلاقة بين الاَباء والأبناء، وعندما تُهمل الأم ابنها ولا يرعى الأب أبنائه، ولا يجدون الحب والاهتمام بكل تفاصيل حياتهم، ومن هنا يفقد الطفل ثقته بنفسه.

2. عدم الاستقرار الأسري

الشجار الدائم بين الأبوين والخلافات العائلية الدائمة تتسبب في تدمير كيان الأسرة، وتؤثر على نفسية الأبناء وثقتهم بنفسهم وتصيبهم بالاكتئاب والحزن وتجعلهم يبحثون عن الأمان في الخارج.

3. النقد الحاد والمتواصل

النقد الحاد والمتواصل

صراخ الأم والأب دائمًا على الأبناء وإصرارهم على رأيهم فقط وتوجيه النقد الدائم لهم يجعلهم غير قادرين على اتخاذ أي قرار، بل يخافون دائمًا من ردود أفعال والديهم، أو توبيخهم وتوجيه الكلام القاسِ لهم بسبب اتخاذهم لأي قرار في حياتهم.

4. مطالبة الطفل بتحقيق أحلام الأبوين

يحلم الكثير من الآباء أن يحقق الأبناء حلمهم في الدراسة أو المهنة التي يفضلونها هم، دون النظر إلى ما يريده الطفل نفسه أو محاولة اكتشاف أحلامه، لذلك يعيش الطفل وهو غير قادر على معرفة حلمه الحقيقي وكيفية تحقيقه.

5. المرور بتجربة فشل في بداية حياتهم

لأن أبناءك صغار يعتقدون أن التجربة الفاشلة هي نهاية العالم بالنسبة لهم، وذلك بسبب قلة خبراتهم في الحياة وعدم قدرتهم على التعامل معها، لذلك عليك أن تكون صديقًا لهم، وتعرف تمامًا كيف تتعامل معهم فتشجعهم نحو الأفضل.

6. الاعتداء بالسب أو الضرب

الاعتداء بالسب أو الضرب

بعض الآباء يستسهلون ضرب أبنائهم عند القيام بأي خطأ وفي أي وقت، وهي أكثر وسيلة يستخدمونها لمعاقبة أبنائهم، ما يسبب ضعف الثقة لدى الأبناء، ويجعلهم غير قادرين على اتخاذهم لأي قرار ويخافون من كل شيء أو من التعامل مع من حولهم.

علامات تدل على انعدام الثقة لدى الأبناء وضعف شخصيتهم

  • إذا كان طفلك انطوائيا وغير اجتماعي ولا يرغب في حضور التجمعات العائلية وليس لديه أصدقاء.
  • إذا كان طفلك يعاني من سوء التغذية سواء بكثرة الأكل والبدانة أو قلة الأكل التي تسبب له النحافة.
  • التوتر الدائم تجاه أي كلام يوجه له سواء بالسلب أو بالإيجاب.
  • عدم التفاعل مع أي مشكلات أو مناسبات أو احتفالات تدور من حوله.
  • لا يعبر عن رأيه علانية ويكتفي في التواصل مع الناس على شبكات التواصل الاجتماعي.

كيف تبني شخصية قوية لأبنائك المراهقين

1. الاستماع الجيد للأبناء

يعاني كثير من المراهقين من عدم فهم اَبائهم لهم، والمشكلة تكمن في عدم الاستماع لهم وإهمال جلسات النقاش مع الأبناء، ويُنصح هنا بتخصيص وقت من أجل الاستماع والتحدث مع المراهقين، إذ يجب الحرص على جعلهم يتحدثون بأريحية دون مقاطعة، ومحاولة فهم ما يدور في عقلهم من أفكار ومعتقدات وتطلعات ومناقشتهم في كل أمور حياتهم اليومية، وذلك بدون مقاطعة أو انتقاد أو سخرية، ولكن مع تقديم النصيحة بهدوء.

2. الاهتمام بالصحة البدنية للأبناء

يجب على الاَباء توفير كل مقومات الحياة الصحية للمراهقين، وذلك من خلال جعلهم يتبعون نظامًا غذائيا صحيا يعتمد على الخضروات والفواكه لتوفير المعادن والفيتامينات لهم، والبُعد عن الأكلات الجاهزة السريعة والمشروبات الغازية التي تتسبب في تلف خلايا الدماغ وتؤدي إلى زيادة الوزن ومشكلات صحية خطيرة، بل إذا كان طفلك يُعاني من زيادة في الوزن أو مصاب بمرض السمنة، يجب أن تساعده في فقدان وزنه، وذلك لأنه قد يعاني من التنمر وقلة الثقة في نفسه وعدم الرضا عن شكله ومظهره الخارجي.

كما يجب أن يحصل الأبناء على فترة نوم كافية لتساعدهم في ترتيب أفكارهم وتوفير الراحة البدنية لهم، وزيادة قدرتهم على التحصيل الدراسي والتركيز في كافة نشاطاتهم اليومية.

3. تقبل اختلاف الاَراء مع الأبناء

يواجه العديد من الاَباء صعوبة كبيرة في تقبل اَراء أبنائهم المراهقين، وذلك بسبب صغر سنهم واتباعهم لأفكارهم وشعورهم رغبة منهم في الاستقلال بعيدًا عن أهلهم، كما يرغبون أيضًا في اتخاذ القرارات وحدهم دون تدخل من الاَخرين؛ لذلك يجدر بهم تقبل اختلاف رأي المراهقين وإيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين وعدم إجبار الأبناء على فعل أي شيء، بل يجب مناقشتهم بهدوء والوصول إلى أنسب الحلول.

4. إعطاء الأبناء المراهقين مساحة من الخصوصية

لتعزيز ثقة أبنائك بأنفسهم ينصح بمنحهم الخصوصية التي تزيدهم ثقة بأنفسهم، ولكن مع مراقبة تصرفاتهم لتوفير الأمان لهم وحمايتهم من الوقوع في أي خطأ، ما يساعدهم على تحمل المسؤولية وتحفيزهم على اتخاذ القرارات السليمة دون رهبة أو خوف.

5. يجب أن تتحلى بالصبر والهدوء

في بعض الأحيان يقوم المراهقين ببعض التصرفات والأفعال العدوانية أو الاستفزازية التي تثير غضب الاَباء، ولكن يجب هنا التحلي بالصبر والهدوء والتصرف بحكمة وعدم تحديهم بشكل كبير، وأن لا تتصرف بعصبية معهم لأن التعامل مع المراهقين بعنف يفقدهم الثقة بأنفسهم، ويؤدي إلى نتائج سلبية قد يصعب حلها، لذلك يجب التصرف بحكمة مع مختلف المواقف التي تحدث بينك وبين أبنائك.

6. مصاحبة الأبناء كالأصدقاء

من المهم جدًا أن تصاحب أبنائك وتعاملهم كأصدقائك في مرحلة المراهقة، وتظل هناك قنوات اتصال مفتوحة بينك وبينهم ومعاملتهم كأشخاص كبار والتحدث والاستماع إليهم والتقرب دومًا منهم، ومشاركتهم في نشاطاتهم المختلفة كالرياضة مثلا، ومشاركتهم في حل مشكلاتهم بحكمة ودون انتقاد.

7. وضع القواعد والعقاب في المنزل

لكي تحكم السيطرة على كل تصرفات أبنائك، يجب أن يتحلى المنزل بالنظام وأن توضع قوانين وقواعد يلتزم بها كافة أفراد الأسرة، وأن تكون واضحة للكبير والصغير ومناقشتها مع أبنائك بشيء من المرونة، والالتزام بها من قبل الجميع وهذا يجعل المراهقين مُدركين لأخطائهم وحجم العقاب في وقت الخطأ.

8. امنحهم فرصة لحل مشكلاتهم

يجب أن تمنح أبنائك فرصة صادقة وبعضًا من الحرية لحل مشكلاتهم، وعدم التدخل إلا إذا استدعى الأمر ذلك، وهذا يكسبه خبرات في الحياة وطريقة للتعامل معها.

الخلاصة هي أن التربية الإيجابية والحفاظ على الصداقة والنقاش الصحي بينك وبين أبنائك يساعدك على بناء شخصيتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، لذلك يجب أن تحرص على تخصيص جزء من وقتك يوميًا للنقاش والحوار الراقي بينك وبين أسرتك وتشجيعهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

التعليقات