التعامل مع ذنب الوالدين: تعويض النقص وإعطاء الطفل الرعاية

لكي تعوض طفلك عن كل المشاكل النفسية التي قد يكون تعرض لها نتيجة التربية الخاطئة أو حكمك على الأمور من منظور مختلف، يمكنك أن تصلح كل شيء وتتعامل مع طفلك وفقًا لخطة جديدة وطرق وأساليب علمية.

التعامل مع ذنب الوالدين: تعويض النقص وإعطاء الطفل الرعاية

(توضيحية)

الظروف الحياتية المختلفة قد تجبر الوالدين على الابتعاد عن أطفالهم في الكثير من الأوقات، والمقصود بالبعد ليس البُعد المكاني فقط بل والنفسي، فقد يكون انشغال الاَباء بشكل متكرر وعدم سماعهم لأبنائهم وتعنيفهم باستمرار سببا كبيرا في تشويه نفسية الطفل وشعوره بأنه شخص غير مرغوب فيه وأن أهله لا يعطونه الحب والحنان المطلوبين كي يكون سويًا نفسيًا فلا يبحث عنهما في الخارج.

ويبدأ هنا الأهل في ملاحظة سلوكيات سيئة على الطفل ومن ثم يأتي السؤال لماذا وصل طفلنا إلى هذه المرحلة؟ وكيف يمكن معالجة هذا الأمر دون أن نُفسد أمرًا آخر؟ وما هي الطرق المثلى لمواجهة المشاكل النفسية التي تراكمت داخله؟ كل هذا سنناقشه بوضوح في النقاط التالية من هذه المقالة.

أبرز المشكلات التي تؤدي إلى إيذاء الطفل نفسيًا

أبرز المشكلات التي تؤدي إلى إيذاء الطفل نفسيًا

1. الانشغال الدائم بالعمل وعدم الحديث مع الطفل

جميعنا لدينا أعمال مختلفة وقد ينغرس الآباء في أكثر من عمل ووظيفة بغرض تأمين حياة كريمة لأبنائهم، إلا أن الموضوع يعكس آثارًا سلبية أخرى، فحين ينشغل الوالدين عن الأبناء طوال الوقت ولا يجدون وقتًا لهم، يصبحون أشخاصًا يمولون متطلبات أبنائهم الشخصية فقط، وستبرد العلاقة بين الطفل ووالديه، ولن يشعر بالحنان والمحبة التي من المفترض أن يحصل عليها، لأنه ببساطة يحتاج إلى أكثر من ذلك فالمتطلبات النفسية أكثر من المادية بكثير، وتحتاج من الأهل إلى مزيد من الاهتمام.

2. التحكم الزائد في جميع مسارات حياتهم

قد يبرر بعض الأهل التحكم الزائد في الأطفال بأن ذلك خوفًا عليهم، ولكن الشيء الذي يزيد عن حده ينقلب ضده فالطفل سيصبح شخصًا مهزوز الثقة في نفسه وينفر من تحكمات الوالدين المستمرة ويبدأ في الابتعاد عنهم بل والكذب عليهم في بعض الأحيان، أو عدم إخبارهم بما يريدون فعله، وذلك كي لا يقع تحت وطأة التحكمات الزائدة والإجبار على فعل ما يريده والديه فقط دون النظر إلى اَرائه الشخصية؛ من أجل ذلك من المهم ترك مساحة شخصية للطفل بعيدًا عن القلق والمخاطر لكي تعطيه الثقة في نفسه وفي تصرفاته.

3. المديح الزائد للطفل يعكس أمرًا سلبيًا

محاولتك لتعويض انشغالك عن طفلك بالمدح الزائد قد يفسده، فالطفل يعتقد أن كل ما يفعله صحيح بل ويصاب في بعض الأحيان بالنرجسية التي قد تشكل خطورة على تصرفاته في المستقبل، من أجل هذا لا يجب للمديح أن يزداد عن حده، وبدلًا منه قم باستبداله بالتشجيع ليعلم أن تصرفاته الجيدة هي وسيلة لتشجيعه وليس لمدحه.

4. الألفاظ الخارجة تؤذي طفلك نفسيًا

التلفظ وإيذاء طفلك بألفاظ خارجة هو جريمة ترتكبها بحقه وحق نفسك مستقبلًا، لأن الإيذاء النفسي الذي يتعرض له طفلك نتيجة لذلك كبير للغاية، ويصيبه بندوب نفسية من الصعب إصلاحها؛ فطفلك لن ينسى الإهانة بسهولة وسوف يتذكرها ملايين المرات، لأنك ببساطة كان من الممكن أن تتعامل مع خطأه بطريقة أخرى، وقد يكلفك ذلك ذهابه إلى دكتور نفسي وستلقى منه جحود على المدى الطويل نتيجة عدم صفاء قلبه تجاهك وبسبب تراكمات نفسية سيئة أثرت عليه بشكل كبير.

5. ضرب الطفل

مثلما يكون الإيذاء اللفظي جارحا للطفل، فإن الضرب من أكبر الجرائم التي ترتكبها تجاه طفلك جريمة يوضع لها عقاب فعلي في الكثير من دول العالم، فطفلك إنسان في النهاية ولا يستحق الإيذاء الجسدي مهما كانت فعلته، وعليك أن تتخلص من تلك العادة إذا كنت تقوم بها تجاه طفلك وأن تكف عن ضربه تمامًا بل وتقوم بإصلاح ما أفسدته ولو كان ذلك سيكلفك الكثير من الوقت والمحاولات وربما تفشل فتحتاج إلى أطباء متخصصين لحل مشاكل طفلك النفسية بسبب الضرب.

وفي صدد هذه النقطة نقدم لك بعض النصائح خاصة عندما يتملكك الغضب.

  • فكر بهدوء عندما يثير الطفل غضبك سواء أتلف شيئا في المنزل أو تعدى على أخوته بالضرب.
  • تأكد أن غضبك لن ينفع في تأديبه ولكن سيزيد من شعوره بالعناد.
  • لا ترفع يدك عليه بالضرب فورًا وابتعد عنه قليلًا لتستعيد نفسك وتتخلص من الغصب.
  • أشغل نفسك بأي عمل في المنزل إذا حاول طفلك استفزازك ولا تتحدث معه في خطأه في هذا الوقت.
  • استغل الوقت الذي يهدأ فيه طفلك وقم بتقويمه بشكل سليم.
  • إذا كانت تصرفاته تستحق العقاب فكر في عقاب مناسب للتصرف ولا تكن قاسيًا فتفرغ غضبك فيه.
  • الجأ إلى العقاب البسيط في البداية ومن ثم زد العقاب تدريجيًا ولا تستخدم ألفاظًا مُهينة.

6. الخوف الزائد على الطفل

قد تعتقد أن هذا نوع من الحماية لطفلك ولكن في الحقيقة هذا أسوأ ما يمكنك فعله، فمحاولات الحماية الزائدة والخوف الشديد لا تتيح لطفلك فرصة أن يتعرف على العالم الخارجي بدونك، وسيكون كل شيء يقوم به فقط من خلالك، وبالتالي يصبح اعتماديًا بشكل كبير ولا يعرف كيف يتصرف في أموره الشخصية بعد ذلك.

نصائح الخبراء في تربية طفلك على الانضباط والحب

نصائح الخبراء في تربية طفلك على الانضباط والحب

لكي تعوض طفلك عن كل المشاكل النفسية التي قد يكون تعرض لها نتيجة التربية الخاطئة أو حكمك على الأمور من منظور مختلف، يمكنك أن تصلح كل شيء وتتعامل مع طفلك وفقًا لخطة جديدة وطرق وأساليب علمية وإيجابية تقلل من الأثر النفسي السلبي الذي تعرض له بعدة خطوات نذكر منها:

  • الاحترام المتبادل بين الطرفين

عود طفلك على الاحترام المتبادل بينكما، وذلك في مرحلة متقدمة من عمره لكي يعتاد أن الحب والدلال لا يعني أن يكسر كل قواعد الاحترام بينكما، واطلب منه أنت أيضًا الأشياء بطرق مهذبة عن طريق قول "لو سمحت، من فضلك، أعتذر" كل هذه الكلمات تُعزز الاحترام بينكما وتجعله يتأكد من أنك تعامله كشخص كبير وتحترم تصرفاته ورغباته، وتجعله يعترف بأخطائه ويحترم غيره ومن هنا ستجد معاملة الطفل مليئة بالأدب والاحترام معك أو مع غيرك.

  • الثبات والحزم

عليك أن تكون ثابتًا وحازمًا في الكثير من الأمور ولا تتراجع في رأيك مع الطفل مهما كلفك الأمر إلا إذا استمعت له وتيقنت أنه على حق، ولكن في حالة الطفل العنيد الذي قد يضر بنفسه لا تتراجع مهما قام الطفل بالصراخ أو البكاء من أجل تحقيق طلبه، وكن ثابتًا على موقفك تمامًا تجاهه.

  • ضبط النفس في التعامل مع الأخطاء

لا تؤذي طفلك بالألفاظ أو الضرب في حالة قيامه بخطأ معين، ولكن تعامل مع الأمر بهدوء وبساطة ولا تتسبب في إيذائه، واتخذ موقفًا تجاه ما حدث أو امنعه من اللعب أو عاقبه بالحرمان من شيء يحبه لفترة صغيرة، ولكن لا تستخدم الأساليب التي تجعله يشعر بالإحباط والخزي فتدمر نفسيته.

  • قضاء أوقات ممتعة والتعبير عن الحب

لا تجعل طفلك يبحث عن الحب في الخارج وأنت منشغل دومًا عنه، كن أنت مصدر الحب والأمان له وعاملة بالإحسان لتجد منه كل الإحسان ولا تكن صامتًا في حبك، بلغه دومًا بذلك وعبر له عن مشاعرك كاملة وقل له أنك تحبه وترعاه وأنه يجب أن يكون مطمئنًا دومًا لوجودك إلى جانبه، وأن لا يخشى شيئًا أبدًا وأن يعترف بأخطائه دون خوف وبادله الحب واحتضنه.

في النهاية يجب أن تعلم أن طفلك مراَة لتصرفاتك، ستظهر عليه كل ما تقوم به تجاهه، فعامله بالحب والاحترام والاحسان دون أن تؤذي مشاعره، وقم بتعوضيه عن انشغالك الدائم وساعات عملك المتواصلة بقضاء أوقات ممتعة معه.

التعليقات