الأسير حسن هاني دلاشه من البعينة يخرج الى الحرية تاركا وراءه العشرات من أسرى الداخل

الأسير حسن هاني دلاشه من البعينة يخرج الى الحرية تاركا وراءه العشرات من أسرى الداخل
عام 2000، كانت الهبة، حملت أسم "هبة القدس والاقصى"، عندما أرسل يومها رئيس الحكومة، إيهود براك، قوى البطش التي قتلت 13 زهرة من شبابنا. كان المشهد مرعبا وسالت دماء الشهداء مختلطة بدماء الجرحى. أعتقالات بالجملة، والمسؤولية كما في كل مرة حملت لابناء شعبنا وعلى رأسهم قياداتنا التي نعتوها بـ "المحرضة". شكلت ما عرفت بلجنة "أور"، ولم يخرج منها سوى أوراق سوداء محملة الجاني والضحية المسؤولية "بالمناصفة". مضت الأيام بمذاقها المر ولازم جرحى الرصاص أسرتهم في المستشفيات.. كان من بينهم حسام خليل أبن قرية البعينة يتنقل ما بين العفولة وهداسا في القدس في رحلة "انقاذ" رجليه، لكن شاء القدر أن "يحكم" عليهما بالشلل.

مرت سنوات والجرح لم يلتئم ولم تصدق عائلة خليل كيف هبط الظلام عليها في "عز الظهيرة". "وسام" شقيق حسام لم يحتمل الصدمة فقام وثلاثة من رفاقه في كانون أول من عام 2000 بألقاء زجاجة حارقة "مولوتوف" على أحد البيوت في مستوطنة "متسبي نطوفه" المجاورة لقرية البعينة النجيدات... كان الثمن باهضا : أحد عشر ربيعا خلف القضبان فيما تفاوتت محكومية رفاقه بين أربعة وثمانية أعوام.

تموز عام 2003... كان حسن هاني دلاشة أبن خالة وسام في عامه الـ 24، حكمت عليه المحكمة المركزية في الناصرة بالسجن 5 خمس سنوات. التهمة: خطف سلاح جندي من الجيش الاسرائيلي عند مفترق مسكنة القريب من قرية طرعان وحرق مركبة مستوطن في مستوطنة "متسبيه نطوفا"، ليلحق برفاقه من القرية في السجن وهم ( وسام خليل ومحمد شاكر، اللذين لا زالا يقبعان خلف القضبان بالاضافة الى الاسرى الذين فك أرعم لاحقا وهم:عمر بكر وربيع بكر وربيع خليل الذي أطلق سراحه في تموز الماضي).

التقيت حسن هاني في منزله، حيث خرج الى النور مطلع الاسبوع، بعد أن قبلت المحكمة تخفيض محكوميته بخمسة أشهر تقريبا، "انا فرح جدا.. كم انتظرت هذه اللحظة لعيش مع عائلتي من جديد، بعد ان ذاقت وذقت عالتي الألم ومرارة الغربة، حتى في زيارتهم لي في السجن كان اللقاء يتم عبر الواح الزجاج" يقول حسن. "لكن يوجد لي عائلة أخرى تركتها خلف القضبان، بعد ان عشت معها أربعة اعوام ونصف، تقاسمنا الهم والألم ، وكم أتمنى أن تفتح أبواب السجون لأراهم هنا".

يحدثنا حسن: "كان السجن بمثابة مدرسة تعلمت فيها حب الناس أكثر، وضرورة التكاتف، والاكتفاء بالقليل، بالاضافة الى ذلك فقط تعلمات اللغة الروسية وقليلا من الالمانية بفضل رفاقي السجناء، كما ومارست الاشغال اليدوية التي أهواها، ويضيف: "أكثر ما كان يصبرني هو وحدة الاسرى وحرصنا على بعضنا وتقاسم الهم والأمل، لقد كان مشوارا صعبا تنقلت فيه من سجن الى آخر من الجنوب حيث سجن بئر السبع وحتى سجن "جلبوع"، أيام لا تنسى، كان الأسرى من عرب الداخل ممن يقضون محكوميات طويلة (كالاسير وليد دقة، سامي ماهر وكريم يونس، صالح أبو مخ، يوسف سرساوي، وصفي منصور... والقائمة طويلة)، يشكلون دعما نفسيا لنا بفضل رباطة جأشهم وصلابتهم".


وعن ظروف السجن يقول دلاشه: " كنا نتنقل من سجن الى آخر، أما فترة الاعتقال في سجن الجلمة حيث قضيت 26 يوما فكانت الاصعب، فلم أعرف يومها الليل من النهار داخل الزنزانة المظلمة وفي ظروف يصعب على الحيوان أن يعيش بها، فما بالك بالبشر؟!"، ويضيف: " داخل السجون كانت الظروف تختلف من سجن الى آخر، عشنا الاستفزاز والتحرشات وعشنا الظروف القاسية، تخيل أن تكون الاستراحة في ساحة مساحتها امتارا قليلة ويتواجد فيها عشرات الاسرى في آن واحد".

أما عن الاسرى من الاراض الفلسطينية المحتلة يقول حسن: " كانت تسود علاقة حميمة بين جميع الاسرى، في بداية سجني صنفت من أسرى حركة فتح، في سجن جلبوع كانت العلاقات رائعة بين أسرى فتح وحماس على الرغم من الاوضاع التي كانت تسود في الخارج حيث الاشتباكات بين نشطاء الحركتين".

وعن اضراب الاسرى عن الطعام التي شهدتها السجون أحتجاجا على الظروف، يقول دلاشه: "هذه أيام لن انساها، كان الاضراب وسيلة ضغط على سلطات السجون، حاولت السلطات كسره بكل الوسائل، وحاولت زرع الفتنة بين الفصائل ووزعت البيانات لكسر معنوياتنا عن طريق بث الاشاعات حيث كتبوا "أن الأسرى في بعض السجون لم يلتزموا بقرار الاضراب وهم يأكلون ويشربون"، كما وتم تهديننا بالمس بظروفنا داخل السجن اذا ما استمر الاضراب، محملينا مسؤولية تدهور صحتنا بسبب عدم تناول الطعام".

وفي نهاية اللقاء لم ينسى حسن أن يبعث بتحياته الحارة الى كافة الاسرى وأسرى الداخل والجولان السوري المحتل، والى ألاسير وسام خليل ومحمد شاكر من قرية البعينة، متمنيا أن تفتح السجون أبوابها لينعم الاسرى بالحرية"


...

التعليقات