الدائرة النقابية في التجمع الوطني الديموقراطي: ما وراء الاتفاق مع قائمة "عوجانيم" في الهستدروت

-

  الدائرة النقابية في التجمع الوطني الديموقراطي: ما وراء الاتفاق مع قائمة

يثير الائتلاف بين التجمع الوطني الديموقراطي وقائمة "عوجانيم" في الهستدروت نقاشا حادا محقا في بعض جوانبه وآخر يصح فيه القول "كلام حق يراد به باطل"، فالأمر أثار ومنذ البدء نقاشا داخل هيئات التجمع المنتخبة وحسم ديمقراطيا برأي الأكثرية، وهذا لا يعني أن رأي الأقلية خطأ ورأي الغالبية صحيح، والأيام ستثبت صحة الخطوة أو خطأها. ولكن وعلى ضوء النقاش الذي استجد بعد خروج الاتفاق الائتلافي إلى حيّز التنفيذ ترى الدائرة النقابية إصدار هذا البيان (التوضيح).


  


المشاركة في الانتخابات:


الهستدروت (النقابة العامة للعمال) ومنذ زمن تحولت إلى جسم يضم في صفوفه لجان العمال المختلفة والتي تضم في صفوفها الناشطين النقابيين دون الالتفات إلى خلفيتهم الحزبية، توحدت كلها في قائمة نقابية تحت اسم "عوجانيم"، ومن رأى أن يبقى تنظيميا خارج هذه القائمة مثل الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وبقية القوائم العربية التي كانت ممثلة في الهستدروت، دخل مع هذه القائمة في ائتلاف شامل تم بناء عليه عدم إجراء الانتخابات في العشر سنوات الاخيرة، و"قسّمت الكعكة" بين المركبات المختلفة، ومن منطلق أن "الحكي" يدور عن منظمة نقابية غير حزبية وإلا كيف يصح ائتلاف الجبهة والقوائم العربية الأخرى مع "عوجانيم" إذا كانت هذه ائتلاف الاحزاب الصهيونية؟


عندما أعلنت الهستدروت عن موعد الانتخابات حسب نظامها الداخلي، كان يمكن أن لا تجري الانتخابات إذا تم التوافق بين جميع مركباتها على ذلك(يكفي أن لا يوافق مركب واحد لتجري الانتخابات) ، وإذا وافقت القوائم الجديدة مثل "التجمع" بعد أن تجمع 5000 توقيع تزكية، وقد تم الأمر (عدم إجراء الانتخابات) إلى أن قرر حزب "الليكود" أن يخوض الانتخابات اسبوعا قبل آخر موعد لتقديم القوائم. وهكذا تمت الانتخابات التي خاضها التجمع لأول مرة منذ نشأته قناعة منه أن معيشة الآلاف من مصوتيه تتأثر بعمل هذه النقابة، ولا يمكن أن يبقى بعيدا عن هذه المعركة إذا أراد أن يخدم فعلا العمال بشكل عام ومصوتيه بينهم.


فتم إقرار خوض المعركة انتخابيا أو توافقيا بعد مناقشته في هيئات الحزب وحسمه ديموقراطيا، وانطلق ناشطو الحزب جامعين أكثر كثيرا من العدد المطلوب من التواقيع، وبعدها خائضين المعركة محققين انجازا متواضعا لكنه هام جدا.


 


الائتلاف مع "عوجانيم" :


 


إذا كان هذا الائتلاف عبور خطوط حمراء أم لا، وبغض النظر عن صراخ هذا الحزب أو ذاك أو هذا الواعظ أو ذاك، يقرره الآتي:


أولا: الائتلاف لم يتم مع حزب معيَن لا العمل ولا غير العمل ف"عوجانيم" ليست حزبا إنما تجمع عدة لجان عمال، انتماءات أعضائها الحزبية لا علاقة لها بعضويتها، وكونها كذلك هل يعتبر الائتلاف معها قطع خطوط حمراء أم لا أمر قابل للاجتهادات المختلفة، وليس موضوعنا الآن إقناع هذا أو ذاك ممن يحمل هذا الرأي أو ذاك، ومع هذا حبّذا لو أفادنا المعارضون ما هي الخطوط الحمراء المحرّمة علينا المحلّلة لغيرنا !؟


ثانيا: الائتلاف مع "عوجانيم" لم يشمل أي بند سياسي بل على العكس تماما، فقد شمل بندا واضحا صريحا أن الائتلاف هو نقابي محض، بمعنى ائتلاف على القضايا النقابية التي تخص العمال، ومع هذا، الامتحان هو في تنفيذ هذا الاتفاق لاحقا بروحه النقابية وهذا منوط بدائرتنا النقابية، في يدها ترجمة هذا الاتفاق لانجازات لعمالنا مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية أو الحزبية.


أم أن حقوق عمالنا ونحن نشهد اليوم هجمة شرسة عليهم بشكل عام وعلى جزئهم العامل في سلطاتنا المحليّة أهلنا وأقاربنا في خطط "الإشفاء"، ليست من شأننا، وشأننا هو فقط القضايا الوطنيّة والقوميّة ؟  أليس علينا المزج بين حقوق أهلنا القوميّة واليوميّة؟


فهل المحاولة للدخول في مواقع التأثير صارت كفرا؟ أم أن حقوق آلاف عمال مجالسنا تحَصّل فقط من موقع المعارضة في مجالس عمال قروية هامش عملها لا يتعدى حقوق العمال في مناطقها؟ فهل الدخول في ائتلاف مجلس العمال هو مس في ثوابت شعبنا الوطنية؟


ثالثا: من المعروف أن التجمع الوطني الديمقراطي يقيم تحالفات من أجل النجاح في تمرير قوانين اجتماعية إقتصادية مثل قانون التمثيل الملائم في الشركات الحكومية وقانون البوليو (شلل الاطفال) وغيرها، وهذا لم يكن ممكنا لولا التحالفات العينية مع أحزاب لا نتحالف معها سياسيا، فكم بالحري والحديث هنا يدور عن تحالف نقابي مع مجموعة لجان عمال هي قائمة "عوجانيم".


 


نحن نعرف أن لكل سؤال طرحناه عند المعارضين ألف جواب، ولكن في نهاية الأمر نحن أمام خطوة ليست سهلة والبتّ فيها لم يكن سهلا، ولكن على ضوء رؤيتنا لمبدأ العدالة الاجتماعية فالاتفاق الائتلافي هو ترجمة لهذه الرؤية لخدمة عمالنا.                     


 


الجبهة وموقفها:


الجبهة كما يعلم القاصي والداني أقامت تحالفا طيلة الوقت مع قائمة "عيني"، وما زالت مستميتة لاستمرا ر التحالف معه، وإلا ماذا يصنع حتى الآن النقابي الرفيق جهاد عقل في قيادة الهستدروت؟!  


لم يفاجئنا رد الجبهة بتاتا لا بل كنّا توقعناه، ولا يظننّ البعض  أن ردها أو موقفها المتوقعين كانا بالنسبة لنا في الدائرة النقابية ومن ثم اللجنة المركزية عاملا مهما في اتخاذ القرار، ولكن للحقيقة التاريخيّة نسجل الآتي إضافة لما جاء في بيان رئيس دائرتنا النقابية الأخ مصطفى طه وبالأساس حول الاتصال مع الجبهة ليس فقط من أجل الائتلاف إنما من أجل تشكيل قائمة حتى مشتركة، ومن باب من فمك ندينك، فمراجعة مداخلات ممثلي الجبهة في جلسات تشكيل المجالس الجواب القاطع، فقد جاء في موقع الجبهة عن افتتاح جلسة مجلس عمال شفاعمرو الآتي:


"وقد دعا رئيس الهستدروت المنتخب حسيب عبود كتلة الجبهة إلى ائتلاف شامل، وثمّن بكلمته عاليا التعاون المشترك بين الجبهة وكتلة عبود (هكذا في مجلس عمال شفاعمرو كتلة عبود، أما في مجلس عمال الناصرة فكتلة حزب العمل!) في الفترة السابقة مؤكدا أنها تجربة ناجحة ومفيدة."


أما ممثل الجبهة فرد "مهاجما رئيس الهستدروت "عيني" على عدائه للجبهة واستثناء الجبهة من أي ائتلاف". هل سمعتم لم يهاجم عيني على عضويته في حزب العمل أو عدم احترامه حقوق العمال، ولم ينقض شهادة عبود عن تثمينه التعاون، إنما فقط هاجم  استثناء الجبهة. فهل هنالك حاجة لتفسير هذا الكلام!؟


ويتابع الموقع:


"هذا وقد تغيّب عن الاجتماع الأول الذي تم فيه انتخاب هيئات المجلس ممثلي كتلة التجمع"


أما النقابي أبو يونس فيقول:


"كنا نتوخى كممثلي الجبهة من هذا المؤتمر أن يكون وحدويا (هكذا!) لكل الكتل التي شاركت وتمثلت في الانتخابات، خاصة وأن مصلحة الطبقة العاملة تستوجب ذلك".


ويضيف:


" ما قام به السيد عوفر عيني رئيس الهستدروت لهو أمر مستغرب ومستهجن، فخطوته هذه لا تتماشى مع شعار وحدة الطبقة العاملة. وهو بذلك قام بمعاقبة آلاف الناخبين من أعضاء الهستدروت العرب ممن منحوه أصواتهم لا لسبب إلا لأنهم منحوا أصواتهم لقائمتهم قائمة الجبهة".


هل قرأ ممثلو الجبهة في مجلس عمال الناصرة هذا الكلام؟!


لا تهمنا ما هي الأسباب ألتي أوقعت "الطلاق" بين عوفر عيني والجبهة بعد طول عقد قران، رغم أننا نعرفها، ما يهمنا هو السؤال: لماذا هذا الاستقتال على الائتلاف معه إن كان حزب عمل ومع قائمته التي اسميتموها قائمة عبود؟


هذا الكلام الجبهوي لم يكن هو دافعنا لاتخاذ هذه الخطوة أو تلك، ولا نتخذ منه تبريرا لخطوتنا، خطوتنا تبررها قناعاتنا التي كانت وراء خوض الانتخابات وعقد الائتلاف لما نراه في مصلحة أهلنا العمال  انطلاقا من رؤيتنا مزج الوطني والقوميَ باليومي، ففي نهاية الأمر أهلنا يريدون منّا أن نخدمهم كذلك في قضاياهم اليوميّة تماما كما نعتقد من أهميّة في الخدمة في القضايا الوطنيَة والقومية.    


نؤكد للجميع أن التجمع لم ولن يقيم أي تحالف سياسي مع حزب صهيوني، مهما كانت الظروف والسؤال هل هذا هو موقف الآخرين؟!!!


 


 


   الدائرة النقابية


التجمع الوطني الديموقراطي


      


 


          


 

التعليقات