عكا في ذكرى النكبة: عبد الفتاح يحذر من الانخراط مجددا في المفاوضات العبثية

ويضيف: الأخطر أن الانخراط مجدداً في عملية مفاوضات عبثية من شأنه أن يُكرس التعطيل المستمر لممارسة واجب مواجهة الاحتلال ومشروعه الاستيطاني المتسارع بصورة شاملة

عكا في ذكرى النكبة: عبد الفتاح يحذر من الانخراط مجددا في المفاوضات العبثية

حذر أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح من الانخراط مجددا في المفاوضات العبثية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، باعتبار أن أي اتفاق في الظروف الحالية سيؤدي إلى تصفية الحقوق الفلسطينية بحدها الأدنى.

جاءت كلمة عبد الفتاح هذه في مهرجان إحياء الذكرى الـ65 للنكبة، نظمه تجمع عكا الوطني الديمقراطي، الثلاثاء، في باحة السور الشرقي من المدينة، وذلك في مهرجان شارك فيه النائبان حنين زعبي ود. باسل غطاس، وأمين عام الحزب عوض عبد الفتاح، وأعضاء من بلدية عكا، من بينهم أدهم جمل، نائب رئيس البلدية، وسليم نجمي والشيخ عباس زكور وعدد اخر من الشخصيات الاعتبارية في المدينة.

تولى عرافة المهرجان الشاب خالد السيد، وافتتحت المهرجان  سكرتيرة الفرع  نورا منصور التي تحدثت عن سياسة التهويد ومحاولات طمس معالم المدينة التاريخية وطمس الهوية الفلسطينية لأهالي عكا إلى جانب استهداف الوعي بغرض تشويه الهوية والانتماء لدى الأجيال.

وقالت إن عكا لا تختلف عن سائر المدن والقرى العربية في البلاد، فعكا ما زالت تعيش النكبة وتداعياتها، النكبة كحدث هو حدث مفصلي شديد الأهمية والدلالة، ليس فقط لشعبنا الفلسطيني إنما لكل الشعوب العربية، النكبة كحدث هي إحدى العوامل التي شكلت الهوية الفلسطينية في الداخل وفي الشتات، ولا شك أن النكبة كانت ضربة عميقة وصدمة مؤلمة لنا كشعب فلسطيني.

أما سكرتير منطقة عكا محاسن قيس فقال في كلمته: "عكا التاريخ، عكا الشهداء، الشهداء غسان كنفاني وقاسم أبو خضرة وفوزي النمر واحمد الشقيري.. وأهل عكا صامدون. لقد حمل أهالي عكا هذه الأمانة فأخذوا من أسوارها معنى الصبر والصمود برغم سياسة التمييز والقهر، وظلوا صامدين في مدينتهم وأحيائهم، متمسكين بوحدتهم. لقد مر على نكبتنا 65 عاما وهذا الحق المقدس هو امتحان لكل النظام العالمي.

وتخلل الأمسية فقرة شعرية لمظهر خلايلة حيث ألقى أمام الحضور قصائد تناولت صورا من معاناة الاقتلاع والتهجير وكذلك حلم العودة والأمل.

وكانت الكلمة الأخيرة للأمين العام لحزب التجمع الوطني عوض عبد الفتاح الذي تحدث في معرض كلمته حول الصراع على الوعي بعد أن سلبت الأرض، وكيف سعت المؤسسة الإسرائيلية بكل الوسائل لطمس الرواية الحقيقية للنكبة لتتمكن من السيطرة على الإنسان بحيث تواصلت هذه السياسات عن رواية النكبة منذ نشأتها ومرورا بقيام الحركة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير وسياسة التمييز العنصري التي تنتهجها إسرائيل بحق فلسطينيي الداخل.

عبد الفتاح يحذر من الانخراط مجددا في المفاوضات العبثية

و حذّر عبد الفتاح من مغبة الانخراط مجدداً في مفاوضات عبثية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وقال إن أي اتفاق يمكن أن ينتج عن هذه المفاوضات، في ظروف ميزان القوى القائم وبوساطة أمريكية وفي ظل استمرار الانقسام الفلسطيني، سيكون بالضرورة تصفية للحقوق الفلسطينية بحدها الأدنى.

وأوضح عبد الفتاح أن معالم التسوية التي يجري الحديث عنها معروفة حدودها، مثل الاستعداد لتبادل أراض والتخلي عن تطبيق قرار عودة اللاجئين رقم 194 إلى ديارهم في الجليل والمثلث والنقب، هذا ناهيك عن تقسيم القدس الشرقية والشكوك حول مسألة السيادة الكاملة.

وأضاف:  الأخطر أن الانخراط مجدداً في عملية عبثية من شأنه أن يُكرس التعطيل المستمر لممارسة واجب مواجهة الاحتلال ومشروعه الاستيطاني المتسارع بصورة شاملة.

وكان بدأ عبد الفتاح بالحديث عن معنى النكبة قائلاً "إن النكبة جرح نازف لم يندمل. هو جرح على ثلاثة مستويات. المستوى العربي، حيث خسر العالم العربي إقليماً عزيزاً من أقاليمه العربية هو فلسطين لصالح كيان استعماري تحول إلى قاعدة للعدوان على أهالي المنطقة وللتوسع.

والمستوى الثاني، الفلسطيني: فقد جرى تدمير وتشتيت شعب بأكمله، وتم مسح اسم فلسطين من خارطة العالم.

وعلى المستوى الفردي-الإنساني، فالنكبة هي مُعاناة يومية لكل فلسطين ولكل عائلة فلسطينية. وتتمثل هذه المعاناة في الطرد واللجوء وتشتت العائلات، والقتل، وسلب الأراضي والحرمان من العيش الكريم والتطور الطبيعي.

وأضاف لكل عائلة تقريباً أقرباء في مخيمات اللجوء والشتات، وليس بمقدور أي منهم العودة إلى وطنه وإلى بلدته.

وقال إن النكبة ليست حدثاً تاريخياً مأساوياً وانتهى فحسب، بل هو جريمة كبرى لا تزال نتائجها وتداعياتها في تصاعد على كل المستويات. فبعد النكبة تواصل العدوان على الأرض، على أملاك الغائبين والحاضرين، وعدوان على الإنسان، وعدوان على الرواية التاريخية.

محاولات محمومة لإخفاء معالم الجريمة

وقال:  لقد عملت إسرائيل بدون كلل طيلة العقود الماضية على إخفاء معالم الجريمة التي ارتكبتها في وضح النهار، عبر هدم القرى وتهويد الأرض، وعبرنة الأسماء وطمس الرواية وتدجين الأجيال الشابة. وواظبت على تقديم نفسها للعالم على أنها دولة التنور والديمقراطية الوحيدة في المنطقة.

"ولكن السنوات القليلة بعد النكبة شهدت نهوض الشعب الفلسطيني واستنهاض الحركة الوطنية، وتشكل منظمة التحرير الفلسطينية التي تحولت إلى البيت المعنوي للشعب الفلسطيني وذلك عبر الشرائح الواعية الشابة من اللاجئين".

وقال مع أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تتمكن من دحر الاحتلال وتحرير الوطن، ألا أنها تمكنت من إحياء الهوية الوطنية وإعادة مَوضعة القضية الفلسطينية في الوعي العالمي، وبالتالي أحبطت محاولات إسرائيل المحمومة لشطب اسم فلسطين من التاريخ بعد أن شطبته (ولو لحين) من الجغرافيا.

مخاطر  الوضع الراهن

وفي استعراضه الوضع الراهن، قال عبد الفتاح: إنه بسبب سوء إدارة الصراع، وغياب الإستراتيجية السياسية والميدانية المبلورة والواضحة، تحول الصراع من صراع ضد مشروع كولونيالي عنصري إلى نزاع سياسي على حدود مع "دولة جارة" حيث بدأت المرحلة الجديدة بإعلان الدولة المرحلية في الضفة والقطاع مروراً بشعار الدولتين، وانتهاءً بأوسلو الذي قلب المفاهيم والأسس التي قامت عليها القضية الفلسطينية في الأصل. وبموازاة المفاوضات الطويلة في إطارما عرف بعملية السلام، تواصل التراجع السياسي والأخلاقي والثقافي في أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية، وإذا بها تستيقظ على وقع التوغل الاستيطاني الصهيوني إلى مدى خطير. وفي ظل انقسام خطير بين قطاع غزة والضفة كانت بذوره قد زرعت في اتفاقية أوسلو التي كرست تجزئة الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً.

الطريق

وفيما يتعلق في المخرج من هذا الانسداد والانهيار قال عبد الفتاح، كل العقلاء يعرفون أن لا حل في الأفق، فإسرائيل تزداد تطرفاً ويهودية وجنوناً، والإدارة الأمريكية انتقلت من الضغط على إسرائيل إلى الضغط على الفلسطينيين للعودة إلى المفاوضات من باب "السلام الاقتصادي" أي سلام نتانياهو. وبالتالي فإنه لابد من العودة إلى نقاط قوة القضية الفلسطينية وهي:
1. عدالة القضية
2. وحدة الشعب الفلسطيني
3. الرواية التاريخية. 

وقال رغم الواقع الراهن، فهناك متسع للنضال، على المستوى الأيديولوجي والسياسي والشعبي.

وذكـّر بحملة المقاطعة الجارية والمتصاعدة التي تقودها اللجنة الوطنية الفلسطينية، للتعاون مع أصدقاء الشعب الفلسطيني في كل مكان.

وقال "إننا عبر إحياء النكبة، يجب أن نحيي الأصل، ونعود إلى الجذر. أي أن المسألة هي مسألة استعمار كولونيالي وفصل عنصري وليست نزاعا على حدود. وهذا يجري الآن في الكثير من ساحات النشاط السياسي والأكاديمي بخصوص تعريف إسرائيل. يجب المضيّ قدماً في تعرية نظام الأبرتهايد الكولونيالي الإسرائيلي. وعبر تكثيف الأضواء على واقع المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل الذين يتعرضون لأبشع عملية نهب وحصار وإقصاء وعدوان منذ عام 1948.

وأشار إلى دور هذا الجزء من الشعب الفلسطيني باعتباره دوراً إستراتيجياً في النضال الوطني الديمقراطي لتحقيق العدالة والحقوق المشروعة.

ودعا إلى تصعيد النضال ضد مخططات مصادرة ما تبقى من أراضٍ وخاصة ضد مشروع برافر الاقتلاعي الذي يستهدف أهلنا في النقب وإلى تعزيز التمسك بالهوية الوطنية الجامعة، وإقامة المؤسسات الوطنية.

التعليقات