سعيد غنايم.. من أجير إلى ملاك أراضي ببلدة يهودية بالجليل

عاش سعيد غنايم من مدينة سخنين في السبعينيات من العمر، أربعة عقود من الشقاء والتحديات والعمل كأجير في فلاحة الأرض في الكيبوتسات الإسرائيلية بالجليل الأعلى.

سعيد غنايم.. من أجير إلى ملاك أراضي ببلدة يهودية بالجليل

عاش سعيد غنايم من مدينة سخنين -في السبعينيات من العمر-، أربعة عقود من الشقاء والتحديات  والعمل كأجير في فلاحة الأرض في الكيبوتسات الإسرائيلية بالجليل الأعلى، وخاض نضالا بالمحاكم لتثبيت ملكيته على الأرض التي اشتراها من مشغله الإسرائيلي الذي غرق بالديون، حيث دفع غنايم من تعبه وعمله بالأرض مبالغ طائلة لجدولة ديون مشغله الذي تنازل بدائرة الطابو عن الأرض مقابل الأموال التي دفعها غنايم، لكنه تنكر لذلك، إلا أن المحكمة أقرت بحق غنايم وملكيته للأرض.

 عمل غنايم على أربعين عاما كمزارع في سهل الحولة وبالذات في كيبوتس 'اييلت هشاحر' الواقع بين مدينتي كريات شموني(الخالصة) ، روش بينا (الجاعونة)، وساندته أسرته لسنوات طويلة في   زراعة البساتين وقطف الثمار والفاكهة، عمل غنايم أجير وتارة كان مقابل حصة من المحصول.

واستطاع لاحقا وبعد مسيرة العناء والجهد وعقود من مكوثه وسكنه بين كروم التفاح والرمان بالكيبوتس أن يتملك مساحة كبيرة من هذه الأرض ليتحول من عامل أجير إلى مشغل ومالك للأرض، ولتسليط الضوء على هذه التجربة، قام مراسل 'عرب 48' بجولة ميدانية للمكان لرصد فصول الحكاية..

بداية المسيرة لتملك الأرض

بدت ملامح الرضا والسكينة والحيوية على السبعيني سعيد غنايم الذي كافح طيلة أربعة عقود لتوريث أبنائه وتمكينهم مواجهة المعيشة القاسية بعد رحلة من شقاء العمر، وانطلق متحدثا لنا بحماسة رغم معارضة أفراد من العائلة الذين تحفظوا على الحديث خوفا من الانكشاف والتعرض لمضايقات أخرى من المواطنين اليهود الذين علموا لمنع تملكهم الأرض والعمل بالمكان.

 تملك غنايم وعائلته 25 دونما من الأرض الخصبة من بساتين الرمان والخوخ والتفاح، لحظات مفعمة بالأمل تعيشها العائلة ومشاعر لا توصف، يقول غنايم: 'تحقق ذلك، بعد أن عملت وأسرتي لسنوات طويلة في هذه البساتين التي أصبحت اليوم بملكيتي'.

وحول تمسكه والتصاقه بهذه الأرض تابع: ' بأواخر سبعينيات القرن الماضي كانت ظاهرة لتوجه أهالي سخنين والمنطقة للعمل بالزراعة في الكيبوتسات في الجليل الأعلى والحقول في سهل الحولة، وكان لك أن تشاهد عشرات الخيم للعمال العرب في محيط البلدة اليهودية 'اييلت هشاحر'، بين الكروم والحقول بحثا عن الرزق، إلا أنه في اواسط الثمانينات لم يعد الأمر يروق للكثيرين من المواطنين اليهود المحتجين على هذا الوجود وانتشار المواطنين العرب الذين اقاموا شبه بلدة عربية بالمكان'.

الإخلاء والبقاء..

ووسط الحضور العربي بالحقول توالت المضايقات من اليهود على المزارعين والعمال العرب ومع الوقت أخذت منحا عنصريا ومطالب عدم تشغيل العرب حتى كأجيرين بالكيبوتسات، ومع تزايد احتجاجات المواطنين اليهود وضغوطاتهم على المسؤولين هناك حمل ذلك  يقول غنايم :'المجلس المحلي إلى إصدار أمر بإخلاء كل المواطنين العرب من المكان، وأشرف على هذا الاخلاء قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود، ولم يتبقى بالمكان سواي، وذلك يعود لاهتمام مشغلي 'عوزي' ببقائي هناك لأنه مستفيدا من عملي وكذلك العلاقة التي ربطتنا'.

وأضاف غنايم: ' قام مشغلي بإسكاني في بيت له بالمستوطنة رغم إنني أعتقد أنه تعرض لضغوطات بسبب إسكاني بالمكان الذي مكثت به لمدة ثلاث سنوات، إلا أنه بعدما ضاقوا بوجودي تم إخراجي من البلدة بذريعة التسبب بالإزعاج، والأمر كان في غاية الصعوبة، لأنني ارتبطت بهذه الأرض وأصبحت جزء منها وسلخي عنها يعني الكثير لي...'.

فرصة ذهبية..

ومضى غنايم بالقول: 'سنحت لي الفرصة التاريخية للحفاظ والالتصاق بهذه الارض لأعيش واعتش كامل حياتي منها، علمت أن مشغلي يمر في ضائقة مالية صعبة واستدان مني مبالغ لم يتمكن من تسديدها، توجه إلي لشراء الأرض وقمنا بإتمام كل  المعاملات لنقل ملكية الارض بالطابو مع تنازله الرسمي'.

بعد هذه الفرصة الذهبية بتملك الأرض لم يتنفس غنايم الصعداء وخاض معركة وجودية لتثبيت حقه وملكيته للأرض، إذ تعرض مشغله الإسرائيلي بسبب بيع البساتين لمواطن عربي يقول غنايم: 'إلى ضغوطات جمة لدرجة أن بنات عمومته وصلوا من أمريكا إلى البلاد لمنعه من ذلك، وتحت حجم الضغوطات تراجع صاحب الأرض ونفى أن يكون قد باعني الأرض أو أستلم ثمنها'.

رفض الموظفون في دائرة الطابو تسجيل الأرض مما دفع بغنايم للتوجه للمحاكم التي نفى الرجل في جلساتها أن يكون قد أستلم منه ثمن الأرض رغم  علاقة الصداقة والثقة التي سادت بينهما.

اقتنعت المحكمة المركزية في الناصرة في رواية سعيد غنايم وأصدرت قرارها في العام 1996 الذي يثبت حقه بالأرض وتبنت إفادته حول هذا الحق، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تابع   المشغل الإسرائيلي الذي كان مالكا للأرض معركته ضد غنايم، ليتوجه بالتماس للمحكمة العليا التي أكدت وصادقت على قرار المركزية بتثبيت حق غنايم بملكيته للأرض .

معركة لم تحسم

رغم كل ذلك يؤكد غنايم أن العلاقة مع صاحب الأرض الأول تم استعادتها بعد أن تم تسجيل سابقة ربما لم تحدث من قبل، بأن يتم بيع أرض لمواطن عربي، لأن الجاري والمتبع، كما يقول غنايم  'هو العكس، مع منع العرب من التملك، لأنه يتنافى مع سياسات المصادرة ونزع ملكيتهم على الأرض'.

سابقة غنايم فتح الباب لشراء المزيد من الأراضي، خاصة وأن هناك مواطن عربي من قرى الجليل الغربي استطاع أن يملك 83 دونما، حيث سار على خطاه مواطن  من قرى البطوف الذي تعرض أيضا لمضايقات من عنصريين يهود الذين قاموا بالاعتداء على ممتلكاته وقطع عشرات من الاشجار، إلا أن الشرطة تجاهلت الأمر ولم تفعل شيئا.

وشدد غنايم على أن حق التملك وفي كل مكان هو حق طبيعي وقانوني لكل مواطن في هذه البلاد، ولا يجوز أن يستمر هذا التمييز، داعيا إلى مواصلة النضال لتثبيت كافة الحقوق وأهما شراء الأرض وحق التملك.

التعليقات