النائبة زعبي: هدف القضاة كان تفسير أقوالي بشكل مشوه ومغرض

وتؤكد أن إبعادها عن الكنيست تأتي في إطار "محاولات وسياسات إسرائيلية، حكومية وغير حكومية، لرسم حدود عملنا وسقفنا السياسي، ونحن لن ندع لا للإجماع الإسرائيلي، ولا حتى ليساره أن يحدد لنا تلك الحدود وذلك السقف"

النائبة زعبي: هدف القضاة كان تفسير أقوالي بشكل مشوه ومغرض

بعد جلسة المحكمة العليا، الثلاثاء المنصرم، التي بحثت استئنافها على قرار إبعادها عن جلسات الكنيست لمدة ستة أشهر، التقينا النائبة عن التجمع حنين زعبي، وطرحنا عليها الأسئلة التالية:

لماذا قدمت الاستئناف، ولماذا لم تقومي بإلغائه بعد تبكير موعد الانتخابات؟

جاء قرار إبعادي عن الكنيست في أجواء من التحريض الدموي خلال الحرب على غزة، وقررت لجنة الآداب في الكنيست بأغلبية أربعة ضد واحد، إبعادي لمدة ستة أشهر عن جلسات الكنيست وجلسات اللجان. كان ذلك قرارًا غير مسبوق من حيث المدة، إذا أن أطول إبعاد حتى اليوم لم يتعدى أسبوعين، وكان غير مسبوق من حيث أنه لأول مرة يعاقب فيها عضو كنيست على تصريحات سياسية خارج الكنيست.

لقد تخطت لجنة الآداب صلاحيتها، إذ لا يوجد أي بند إجرائي في قانونها يسمح بفرض أي عقوبة في حالة من هذا النوع، ومن حقها فقط معاقبة عضو كنيست في حالات الشتم والقذف والتشهير والإهانة والسلوك المشين داخل الكنيست وضد نواب آخرين.

كان واضحا للجميع أن القرار ليس قانونيا ولا علاقة له بالآداب وبالسلوك البرلماني، بل هو قرار سياسي، به تتحكم الأغلبية في الكنيست برأي الاقلية. القرار هو جزء من مسار انتقام سياسي، تريد به الكنيست التأكيد على سقف وشكل التعبير السياسي للنواب العرب تحديدًا، بالتالي أي 'عقاب' ومحاولة تدجين، مرفوضة بالنسبة لي وللتجمع، وتحديها وفضحها هي  مسؤولية سياسية، لذلك قررت الاستئناف على القرار، مستندة إلى حقي السياسي والى قاعدة قانونية صلبة، وإلى بينات واضحة بأن الكنيست لم تتخذ في تاريخها قرارًا من هذا القبيل وبهذه الشدة.

حتى بعد قرار تبكير موعد الانتخابات، بقيت المسألة المبدئية قائمة، لأن قرار الإبعاد المجحف قد يشكل رادعًا للنواب بعدم التعبير عن موقفهم السياسي صراحة خشية التعرض للإبعاد، فالقضية ليست شخصية بالمرة بل تخص الجميع وبالأخص النواب العرب، الذين هم الأكثر عرضة للتنكيل والتحريض ومن ثم التعرض لهم ومعاقبتهم بسبب مواقفهم السياسية. كما أنه جزء من محاولات وسياسات حكومية وغير حكومية  لرسم حدود عملنا وسقفنا السياسي، ونحن لن ندع لا للإجماع الإسرائيلي، ولا حتى ليساره أن يحدد لنا تلك الحدود وذلك السقف.

 في جلسة المحكمة طرح القضاة عشرات الأسئلة، ما رأيك بهذه الأسئلة وبتعامل القضاة مع القضية؟

الحقيقة أني فوجئت بوابل الأسئلة التي طرحها القضاة على محامي الدفاع، وفوجئت بأنها أسئلة سياسية محضة. المحامي بطبيعة الحال يمثل الجانب القانوني ولكنه ليس مخولًا بالرد على اسئلة سياسية، التي لا مكان لها أصلًا.  لقد تصرفت المحكمة وكأنها إحدى اللجان السياسية في الكنيست، مع الفارق أن هناك كنت أستطيع الرد ولو بالمقاطعة، أما داخل المحكمة فالمحامي فقط هو الذي يتكلم.

وقامت المحكمة بتكرار ادعاءات نواب الائتلاف الحكومي، الذين قرروا إبعادي عن الكنيست. حتى المستشار القانوني للكنيست، الذي مثل الكنيست في المحكمة مدافعًا عن قرار الإبعاد، صعق من التدخل السياسي الواضح للقضاة ومن أسئلتهم السياسية، ومن سهولة انجرارهم إلى تفسير مواقفي وتحميلها ما لا تحمله، لم نكن أمام قضاة، بل أمام مجموعة محللين سياسيين محافظين، لا يرون أمامهم مدعية لها حقوقها، بل شخصية قرروا أن يناصبوها العداء لاعتبارات لا علاقة لها بالقانون وبالعدالة'.

ما هو ردك على أسئلة القضاة، حتى لو كانت سياسية؟

ليس ردًا على القضاة تحديدًا، بل تعبيرًا عن موقف سياسي أقوله في كل مكان وفوق كل منصة وفي كل وسيلة إعلام، وإنني أؤكد تمسكي بمواقفي، وأؤكد حق الشعب الفلسطيني، كما شعوب العالم، في النضال ضد الظلم والقمع والاحتلال والحصار والملاحقة والتنكيل. لكنني لا أستغرب محاولات تشويه مواقف أخلاقية وإنسانية من قبل جهات إسرائيلية بمن فيهم القضاة، الذين ليسوا بمنأى عن أجواء التحريض السائدة في الرأي العام الإسرائيلي.

لقد قام  القضاة  واحدًا تلو الآخر ب 'تفسيري' بشكل مشوه ومغرض،  لا يحق لهم أصلا تفسيري، بل فقط فحص إذا ما كنت قد قمت  بمخالفة القانون، وهذا ما لم أفعله.  هذا النهج هو جزء من الملاحقة السياسية المتواصلة للقيادات العربية، فحين لا توجد 'مادة' للمحاكمة تجري صناعتها من خلال تأويلات وتفسيرات مغرضة لتصريحات عادية.

ما الذي توقف عنده القضاة؟

استغربت واستغرب كثيرون حضروا جلسة المحكمة أن القضاة طرحوا أسئلة سياسية كثيرة حول ما جاء في مقالات كتبتها ومقابلات أجريتها، وتوقفوا عند استعمال تعبير 'حصار إسرائيل' في مقال لي.  وتحدث القضاة وكأن أساطيل وجيوش فلسطينية جرارة ستحاصر إسرائيل، مع العلم بأن هذا التعبير كما فهمه الناس باللغة العربية يقصد منه الحصار السياسي، ومحاسبة إسرائيل على جرائمها،  والضغط عليها دوليًا للجمها عن شن الحروب العدوانية وإجبارها على تغيير سياساتها بكل ما يتعلق باستمرار الاستيطان والاحتلال.

 فالمحاصر هو الشعب الفلسطيني في 'سجن' غزة، المحاصر هو الإنسان الفلسطيني، وحصاره غير شرعي وغير إنساني،  والذي يقوم بالحصار هو حكومة إسرائيل، وآن الأوان لمحاصرة هذا الحصار وإنهائه، وهذه مهمة حكومات العالم وواجب كل ذي ضمير حي في البلاد والعالم.

ثم جاء القضاة وسألوا عن مفهوم تعبير المقاومة الشعبية، مع العلم أن لها تفسيرا واحدا ووحيد بلغتنا العربية وهو كفاح الشعب بجماهيره الواسعة في نضال غير مسلح وغير عنيف، والشعب، الذي هو ضحية عنف الاحتلال، لا يخضع ولا يركع بل  يناضل بخروجه للشارع، وبمواجهة للاحتلال بأجساده العارية.

 لقد عرف الشعب الفلسطيني النضال الشعبي خلال  الانتفاضة الأولى، وعرفها العالم العربي في ثوراته في تونس ومصر، وثورة ميدان التحرير وشبابه، الذين هم نموذج لشباب العالم العربي ولي شخصيا. ولكن القضاة لا يقرأون ما أقول بل التحريض والتشويه عن أقوالي.

وقد بلغ الأمر بقضاة المحكمة العليا أن سألوا حتى عن دعوتي لوقف التنسيق الأمني، وهو مطلب شعبي فلسطيني عام، يرى في التنسيق أداة لتعميق الاحتلال وقمع النضال ضده، المطلوب هو إنهاء الاحتلال وليس التنسيق الأمني معه.

ولكن قرار إبعادك جاء على خلفية تصريحك: 'هم ليسوا إرهابيين'؟

لقد قامت حكومة إسرائيل بقتل أكثر من ألفي فلسطيني في غزة بادعاء أنهم إرهابيون، وهي تقتل وتدمر وتنكل بالناس بادعاء أنهم 'إرهابيين'، ويتم التعامل مع نضال البشر تحت الاحتلال، على أنه إرهاب. هذه الكلمة تستعمل في الخطاب والوعي الإسرائيلي  لتبرير العدوان الإجرامي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني، ولاستباحة الطفل والشاب والبنية التحتية والاقتصاد وحرية الحركة.

نحن لا نقبل مصطلحات وتعريفات نتنياهو وغيره عن الفلسطينيين وعن النضال الفلسطيني، الذي نرى فيه تحررًاوطنيًا وليس غرهابًا، ما بقي لشعب يرزح تحت الاحتلال هو النضال، وهو حق مشروع يكفله القانون الدولي، وهو برفضه لكبت حريته يحافظ على إنسانيته وعلى علاقته بالحياة.

 في مشروع التحرر الوطني، هناك أمور نوافق عليها وهناك أمور نعارضها ولا نقبل بها، ولكنه يبقى نضالا للتحرر وليس إرهابًا.

التعليقات