ما بعد العاصفة: بنية تحتية متآكلة وإهمال متعمد في البلدات العربية

مازن غنايم: الميزانيات تذهب للمستوطنات وعلينا أن لا نعول على الوزارات كثيرا فنحن لسنا "مودعين" أو "هرئيل".

ما بعد العاصفة: بنية تحتية متآكلة وإهمال متعمد في البلدات العربية

كشفت العاصفة الأخيرة عن الخلل الكبير الذي تعاني منه البلدات العربية في البنى التحتية والتي ألحقت أضرارا كبيرة جراء العواصف في عدة مناطق مثل سهل البطوف ومجد الكروم وشفاعمرو وغيرها، كما وكشفت أيضا العاصفة الضعف في عمل طواقم الطوارئ وعدم توفر العتاد اللازم لذلك، وتوجه أصابع الاتهام للحكومة الإسرائيلية التي تماطل في رصد ميزانيات للسلطات المحلية العربية لتطوير شبكات البنى التحتية وتمتنع عن دفع تعويضات للمواطنين العرب عن الخسائر جراء الكوارث الطبيعية والفيضانات.

محمد حيادرة، عضو إدارة جمعية سهل البطوف، تحدث لـ'عرب 48' معتبر أن حالات الغرق المتكررة لأراضي ومزروعات سهل البطوف تؤكد للمرة الألف الحاجة الملحة لإيجاد حل جذري يعالج غرق سهل البطوف والخسائر الفادحة التي تلحق بالمزارعين.

 واعتبر حيادرة أن 'عدم الاستجابة لمطالبنا المتكررة منذ سنوات طويلة بإيجاد حلول لغرق المزروعات يتم بشكل مقصود'.

حيادرة: الأمور ما زالت عالقة في دوائر الحكومة

 وأكد حيادرة: 'إن المزارعين لم يتلقوا في السابق أي من التعويضات وإن الجمعية عندما توجهت لوزارة الزراعة قبل سنتين قالوا لنا عليكم 'بتأمين مزروعاتكم' أما حول إصلاح الطرقات المنتشرة بين مساحات من آلاف الدونمات فقد رصدوا لعرابة وسخنين مبلغ زهيد جدا لا يتعدى 195 ألف شيكل لكل منهما، وهذا لا يفي بجزء بسيط لإصلاح المساحات الكبيرة من الشوارع'.

وحول فيما إذا طرحت حلول جذرية على الوزارات المختصة قال حيادرة: 'طرح هذا الأمر منذ العام 2000 لإقامة مجمعين لمياه الشتاء لحل مشكلة الغرق من جهة واستخدامها للري في الصيف، إلا أن كافة الدوائر الحكومية مثل البيئة والسياحة ولجنة التخطيط والبناء جميعها اعترضت على المشروع بتسويغات واهية وغير مقنعة مما يدل على نوايا خفية، هذا ناهيك أن 95% من اصحاب الاراضي وافقوا على اقتطاع 6%من أراضيهم لصالح المشروع ووقعوا على عريضة قدمناها للوزارة منذ العام 2005 ألا أن الأمور ما زالت عالقة في دوائر الحكومة، لكننا مصرون على متابعة الأمر'.

حصري: أضرار بالمنازل والبنى التحتية وعلينا أن نستخلص العبر

 وتسببت العاصفة بفيضانات في العديد من القرى والمدن العربية بخسائر فادحة بالممتلكات الشخصية للمواطنين ولمشاريع البنى التحتية، وكشفت انعدام الجاهزية وحجم المعاناة التي يواجهونها خلال فصل الشتاء والأضرار التي تسببها لمصالحهم وبيوتهم جراء مياه الأمطار والفيضانات.

واسنعرض الناطق بلسان بلدية شفاعمرو، رياض حصري، الأضرار التي لحقت بأحياء وحارات في مدينة شفاعمرو، وقال: 'إن العاصفة كشفت خللا كبيرا بالبنى التحتية حيث تسببت الفيضانات بغمر عدد من المنازل وحدوث حفر بالشوارع وتطاير بعض لافتات الشوارع وغيرها من الأضرار'.

 وأضاف حصري: 'نحن سنقوم بجرد الخسائر والتوجه لأصحاب المنازل المتضررة ومعاينة مواطن الخلل في البنى التحتية لإصلاح الأضرار'.

ولفت حصري إلى أن هذه الأضرار هي نتيجة عدم إصلاح وصيانة البنى التحتية على مدار سنوات، وقال: 'بطبيعة الحال أن ما حدث له علاقة أيضا بشح الميزانيات لحد كبير، ولو كانت قد توفرت الميزانيات لكانت البنى التحتية في حال أفضل بكثير. إن الاضرار ليس جميعها بسبب البلدية، لكن من جهتنا سنبحث عن أفضل حلول عملية لإصلاح كل خلل، وأن نعمل قدر الإمكان بألا تكون أضرار أخرى مستقبلا. بعض المنازل والمرافق التي غمرتها المياه حدثت لربما بسبب خلل هندسي وتخطيطي، لكننا سنعاين كل مكان ومكان وفحص خطوط تصريف المياه وكل ما يحتاج إلى تغيير وإصلاح، لكن تبقى الميزانيات التي يجب أن تخصص من الوزارات للبلدات العربية مهمة جدا لتوفير البنى التحتية القادرة على الصمود في مثل هذه الحالات وغيرها، وبالتالي علينا أن نستخلص العبر ونعيد ترميم البنى التحتية'.

صليبي: نعمل ما بوسعنا ومجد الكروم تغرق بسبب الإهمال..

وقال سليم صليبي، رئيس مجلس مجد الكروم: 'إن مجد الكروم تغرق كل عام في بحر من المياه وذلك بسبب موقعها السهلي وسوء حال البنية التحتية من حيث الشوارع والطرقات وخطوط تصريف المياه. مجد الكروم تحيطها الجبال التي تشكل حالة سيول كبيرة تصب في مجد الكروم، ناهيك عن إهمال الإدارات السابقة التي لم ترمم شبكات المياه وخطوط التصريف لكميات هائلة من المياه المتدفقة أيضا من الجبال المحيطة، وكذلك شح الميزانيات بسبب سياسات الوزارات، وبالتالي فإن البلدة تحتاج إلى حلول جذرية ومن نوع خاص، وهذا مكلف جدا، ويحتاج إلى ملايين الشواقل، لكن خلال العاصفة جندنا طواقم طوارئ من البلدة مع جميع المعدات واستطعنا التغلب عليها، ونحن بإمكانياتنا المتواضعة نقوم بإصلاح ما يمكن إصلاحه، وعلينا استخلاص الدروس والنضال من أجل تحرير ميزانيات في ظل تآكل البنى التحتية وإلزام الجهات الرسمية بتحمل مسؤولياتها تجاه أمن المواطنين وسلامتهم وسلامة ممتلكاتهم'.

غنايم: الميزانيات للمستوطنات!!

وقال مازن غنايم، رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية ورئيس بلدية سخنين: 'واضح أن الميزانيات لها دورها الأساسي، إن إصلاح وترميم البنى التحتية للبلدات العربية المهملة يحتاج ميزانيات ضخمة، هناك سياسة معروفة وواضحة من الإهمال والإستخفاف، وإن الميزانيات تذهب للمستوطنات وعلينا أن لا نعول على الوزارات كثيرا فنحن لسنا 'مودعين' أو 'هرئيل'.

 وطالب غنايم السلطات المحلية والمواطنين 'القيام بواجبهم في تسديد الضرائب كي لا نترك ذريعة للحكومة بتكريس هذا التمييز'.

 وأكد غنايم: 'إننا جميعا نواكب ونمارس الضغط على الوزارات لتخصيص الميزانيات إلا أن الأمر صعب جدا وسنواصل الضغوطات على الحكومة بالتوازي مع تحسين مستوى الجباية في قرانا'.

التعليقات