عائلة «أبو الفضل»: الزيارة الأولى لفلسطين شوق وغصة وحسرة

-

عائلة «أبو الفضل»: الزيارة الأولى لفلسطين شوق وغصة وحسرة
كانوا يوثقون كل لحظة بالتصوير العادي والفيديو. ثلاث كاميرات كانت تعمل في آن واحد. يصورون الأقارب والأماكن والمداخلات الطريفة واللحظات المميزة. ستكون تلك الصور ومقاطع الفيديو في الأيام المقبلة ذكريات أول زيارة لفلسطين منذ التهجير عام 1948.

عائلة «أبو الفضل»، الأب حسين يوسف، ابن عائلة مهجرة من الناصرة، والأم آمنة، ابنة عائلة مهجرة من قرية الياجور القريبة من حيفا، واربعة أولادهم الجيل الثالث للنكبة.

لم تجد آمنة في الياجور الصورة التي نسجت في ذهنها من أحاديث والدها المتكررة، بل وجدت أحراشا ومستوطنة مقامة على أراضي القرية، مما اثار في نفسها الغصة، خاصة حين تذكرت والدها الذي توفي قبل عام في الإمارات العربية المتحدة دون أن يستعيد حقه في فلسطين، ودون أن يرى الياجور، وبلده الأصلي كفر مندا.. ودون أن يقبل ثرى فلسطين.

وصفت، الأم آمنة زيارتها لفلسطين بأنها مزيج من الشوق والغصة والحسرة. الشوق للقاء الأقارب ورؤية البلد. الغصة لرؤية الواقع الذي هو عليه. والحسرة لأنها ترى الآخرين يسلبونها أرضها وبلدها وينعمون بخيراتهما ويمنعونها عنها.

حصلت عائلة «أبو الفضل» على الجنسية السويدية منذ سنوات، وتحلم منذ ذلك الوقت بزيارة فلسطين، وها هو حلمها يتحقق..

تنقلوا ما بين الناصرة ويافة الناصرة وكفر مندا وقرى أخرى لزيارة أقاربهم، وزاروا الياجور وحيفا والقدس وجنين.

بالنسبة للأب – حسين (أبو الفضل) كانت زيارة الناصرة، مدينته المسلوبة، هي الأكثر إثارة. ولكن بالنسبة لآمنة، الأم، كانت زيارة القدس ذات نكهة خاصة لن تنساها أبدا.. ووصفتها بأنها أجمل اللحظات، لكن يشوهها الحضور العسكري الإسرائيلي المكثف في السوق وعلى مداخل الحرم. "أستطيع أن أقول أنني زرت القدس وصليت فيها.. أستطيع أن أقول أنني رأيت فلسطين"، قالت.

خلال زيارة حسين للناصرة اصطحبه أبناء عمه لمشاهدة ارض والده المصادرة، وتقع في المنطقة المقامة عليها مستوطنة "نتسرات عيليت (الناصرة العليا)". لم يستطع حسين الاقتراب من أرضه، واكتفى بالنظر إليها من بعيد. هذه هي أرض والدك قال له ابن عمه... وحدق حسين فيها صامتا ولم ينبس ببنت شفة.

تقيم عائلة «ابو الفضل» في السويد منذ عقد ونصف، وقبلها في الإمارات وقبل ذلك في لبنان، وطوال تلك الفترة يتابع الوالدان أخبار فلسطين بشكل متواصل، ويتفاعلان مع الأحداث والتطورات.

تصف العائلة الحرب على غزة بأنها الأكثر إيلاما منذ مجزرة صبرا وشاتيلا. "تابعناها على مدار الساعة" تقول آمنة، وكنا مشدودين لشاشة التلفاز ومتسمرين في مقاعدنا طوال أيام العدوان الوحشي.. تابعناها لحظة بلحظة.. وتألمنا بشكل لا يوصف".

كيف تصفين شعورك إزاء الزيارة، أسأل آمنة ابنة الـ41 عاما، فتقول إنها في غاية السرور لرؤية الأقارب وزيارة البلد، وأردفت: اشعر بالحزن لأنني أرى بلادي كسائحة بجواز سفر أوروبي، وأرى أرضنا وبلادنا ممنوعة عنا ومستباحة للآخرين.. ولكن بالمجمل أنا سعيدة لأن الفرصة أتيحت لي لزيارة بلدي ورؤية أقاربي".

وقالت آمنة إن ما لفت انتباهها هو الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة في المطار وفي القدس وفي كل مكان. وتابعت: أعرف أن ثمة هاجسا إسرائيليا اسمه الأمن ولكن لم أتصور أنه بهذه الصورة. يخافون.. يبدون مرعوبين. هكذا هو السارق.

يصف حسين الإقامة في السويد بأنها مريحة على كافة المستويات، ويصف وضعه الاقتصادي بأنه مريح. فأسأله إذا كان شخص مثله يفكر بالعودة إلى فلسطين إذا ما اتيح له ذلك. فيجيب: " لدي حق لن أتنازل عنه أبدا، اما تحقيقه أي العودة بشكل فعلي فهو يخضع لعوامل وظروف عديدة كفرص العمل والإقامة والوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. ولكن بكل الأحوال أنا متمسك بهذا الحق ولن أتنازل عنه وسأورثه لأبنائي.

حسين- المتابع للتطورات السياسية، والملم بمجريات الأمور يبدو متشائما إزاء الحلول السياسية المطروحة ويصفها بأنها حلول كاذبة، ولا يخفي غضبه من الدول العربية التي وصفها بأنها المسؤولة عن الوضع العربي والفلسطيني المتردي.

حسين، سعيد بزيارة فلسطين، وحين سألت الزوجين ما هي أسوأ اللحظات في الزيارة قالا.. يوم الخميس، موعد انتهاء الزيارة ومغادرة فلسطين..

.

التعليقات