شبيبة التجمع في النقب: العراقيب معادل موضوعي لوجودنا

علي مواسي: لا يمكن الصمت على البكاء في العراقيب صباحا والرقص في عرس يشاي وبيرس مساء * مجد حمدان: قضية العراقيب ليست قضية النقب بل قضيتنا جميعا

شبيبة التجمع في النقب: العراقيب معادل موضوعي لوجودنا
نظم اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي جولة ميدانية لدعم نضال وصمود أهلنا في النقب، شملت برنامجا تثقيفيّا مكثفا حول موضوعة "النقب: الأرض والمسكن والإنسان"، شارك فيها عشرات الشباب من الجليل والمثلث والنقب، وذلك يوم السبت الماضي.

تضمّن البرنامج زيارة ميدانيّة إلى عدد من قرى النقب غير المعترف بها من قبل السلطات الإسرائيلية، أشرف عليها عضو اللّجنة المركزيّة في التجمع، السيد عبد الكريم عتايقة، والذي قدم بدوره شرحا مفصلا عن تاريخ النقب منذ ما قبل النكبة، مرورا بالتهجير ومصادرة الأراضي عام 1948، وسياسات التجهيل والتهميش الصحي والاقتصاديّ والخدماتي، وإبادة المحاصيل الزراعية، انتهاء بسياسات الهدم المستمرة للقرى غير المعترف بها، مشيرا إلى الأجهزة والأدوات الإسرائيلية التي تعمل يوميا على تهويد أراضي النقب، ومن ضمنها " الدوريات الخضراء " وغيرها.

كانت المحطة الأولى للمشاركين مدينة رهط، حيث تعرفوا على أحد نماذج المدن السبع التي أقامتها المؤسسة الإسرائيلية لتجميع المواطنين العرب البدو، وإخراجهم من أراضيهم، لتتقلص ملكيتهم من 13 مليون دونم عشية النكبة، وفق الوثائق التي يملكون، إلى عشرات آلاف الدونمات فقط.

هذا وتوجّه المشاركون بعد ذلك إلى قرية (( خشم زنّة )) غير المعترف بها إسرائيليّا، ومن بعدها قرية (( أم متنان – أبو قرينات ))، والتي انتزعت الاعتراف بها انتزاعا من المؤسسة الإسرائيلية بعد سنواتٍ من النضال المستمر، حيث جال المشاركون في أرجاء القريتين، ووقفوا على الظروف الحياتية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها الناس فيهما، إذ لا ماء ولا كهرباء ولا خدمات صحيّة ولا مرافق حكوميّة ولا مجالات عمل ولا مدارس ولا تعليم، مقارنين كلّ ذلك مع الظروف المرفهة التي يعيشها المواطنون اليهود في الكيبوتسات والمزارع المحاذية للقرى العربية في النقب.

وقد التقى الوفد المشارك بأهالي القريتين من شباب ونساء وأطفال وشيوخ، وذلك بغية خلق تواصل بين الشبيبة وأهلهم في النقب والاستماع إلى آرائهم حول ظروف حياتهم ومطالبهم، وكان من بين مستقبليهم في قرية ( أم متنان ) السيد علي أبو عشيبة في بيته، مقدما شرحا حول أوضاع القرية المعيشية، ومسلسل اضطهادهم ومصادرة حقوقهم ومسيرة نضالهم المستمرة في الدفاع عن أراضيهم وبيوتهم، وبناء قراهم المرّة تلو المرّة بعد أن تهدمها قوات الأمن الإسرائيلية.

أمّا المحطة الأخيرة، فكانت قرية العراقيب التي هدمتها المؤسسة الإسرائيلية أربع مرات خلال أسابيع قليلة، كان آخرها في شهر رمضان، وفيها التقى الوفد بالسيد جمعة الزبارقة، عضو المكتب السياسي للتجمع، الذي رحب بالمشاركين وأثنى على نشاطهم، مبينا دور التجمع النضالي من أجل النقب، ومؤكدا على ضرورة استمرار مثل هذه النشاطات وتكثيفها، لمساهمتها في تعزيز الوعي واللحمة الوطنية والنضال السياسي والأهلي، حماية للوجود وللأرض وللإنسان.

هذا واستمع الوفد إلى محاضرة قدمها الدكتور عواد أبو فريح، ابن قرية العراقيب وعضو اللجنة المحلية للقرية، مبينا تفاصيل هدم العراقيب وإعادة بنائها في كل مرة يتم هدمها، وما رافق ذلك من اعتقالات وترويع وقتل للحيوانات والطيور وجرف لـ 4000 آلاف شجرة زيتون "هي أقدم من مقتلعيها بكثير"، على حد تعبيره.. مؤكدا أن أهل العراقيب سيستمرون في نضالهم ليبقوا في أرضهم بكل الوسائل الممكنة قانونيا، فهم سكان الأرض وأصحابها الأصلانيون، وأن استهدافهم يأتي لعروبتهم وفلسطينيتهم، وأنهم يرحبون بكل من يتسجيب لواجب الإنسانية والوطنية ويدعمهم في نضالهم.

ثم جال الوفد في قرية العراقيب واقفين على أطلال البيوت المهدمة، وذلك بمرافقة مجموعة من أهلها، والتقوا بنسائها وأطفالها، ووقفوا على مقبرتها الإسلامية التي يمتد تاريخها إلى أكثر من مئة عام وفق شواهد قبورها.

وانتهت الجولة بإفطار جماعي تبعه مؤتمر ختامي للنشاطات الرمضانية لدعم صمود العراقيب، ألقيت خلاله كلمات عدة لممثلين عن أحزاب وقوى عربية شاركوا في الإفطار، كان بينهم النائبان محمد بركة وطلب الصانع، والشيخ حماد أبو دعيبس والسيد جمعة زبارقة، وغيرهم.
هذا وقدم علي مواسي كلمة باسم اتحاد الشباب أكد خلالها أن قضية العراقيب وهدم البيوت في النقب نتيجة مباشرة للنكبة، وأن وجود أبناء التجمع في العراقيب اليوم لا يعني التضامن مع أهلها، إذ لا يتضامن الإنسان مع نفسه، فهي قضية كل عربي في هذه البلاد، لأنها المعادل الموضوعي لوجود كل واحد منا، مثلها مثل قضايا أخرى كالروحة وهدم البيوت في اللد والرملة وغيرها، فجميعها يدخل ضمن الإطار نفسه، مستذكرا أهم المحطات التاريخية العربية الإسلامية التي حدثت في رمضان فوق الأرض الفلسطينية، ومن بينها النقب، مثل معركة حطين وعين جالوت التي اندحر فيها غزاة البلاد العربية، ومشيرا إلى المجازر وانتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني خلال شهر رمضان، مثل مجزرة اللد عام 1948، ومجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، ومنع الآذان في عكا عام 2007، وجرف مقبرة مأمن الله، وانتهاء بهدم قرية العراقيب مؤخرا.

وأضاف: " إن الدفاع عن النقب أرضا وهوية وإنسانا، يستلزم منا أن ندعم نضال أهالي القرى التي ترفض السلطات الاعتراف بها، وأن نعزز بناء لجنة المتابعة مؤسسة قومية تنطق بالضاد وتفكر بالضاد وتعمل من أجل أهل الضاد في البلاد "، وقد طالبهم بأن "يخرجوا عن صمتهم تجاه بعض قيادتنا وممثلينا الذي يبكون في مأتم العراقيب صباحا، ثم يرقصون في عرس يشاي وبيرس مساء".

هذا وقدم خليل غرة، عضو اتحاد الشباب الوطني الديموقراطي، درعا باسم الاتحاد للشيخ صياح الطوري، رئيس اللجنة الشعبية في العراقيب، وذلك تقديرا له ولأهل العراقيب على نضالهم وصمودهم وثباتهم في أرضهم.
وفي حديث مع عضو اتحاد الشباب الوطني الديمقراطي مجد حمدان، وأحد المنظمين للزيارة، قال: "هذا الوفد لم يكُن في سياق تضامُن، فالضحية لا تتضامن مع نفسها، قضية العراقيب ليست قضية النقب، بل هي قضيتنا جميعا، وما قمنا به في إتحاد الشباب هو واجب علينا".

وأضاف حمدان "التواجد والتطوع هناك وعدم إهمال الموضوع هو واجب وطني وأخلاقي من الدرجة الأولى، لأن إهماله سيؤدي إلى إعادة سيناريو التهجير والتشريد مثلما حدث عام 1948".

هذا وأكد حمدان على استمرار نشاط اتحاد الشباب في النقب، وكان آخرها تأسيس فرع شبيبة اللقية. وعقّب بالقول: "ستكون هذه الخطوة ضمن مشروع تواصل دائم بين الشباب في النقب بالذات ومع باقي المناطق، وسنكثف عملنا على التواصل العربي - العربي في الداخل في وقت تصبّ فيه بعض الأُطُر الأُخرى كل طاقاتها على التعايش والتواصل العربي - الإسرائيلي قبل التواصل مع أبناء شعبهم".
.......

التعليقات