اللجنة الشعبية للسكن والمسكن في حيفا تتصدى لمخطط توطين المستوطنين في الحليصة..

"دائرة أراضي إسرائيل" تمتلك هذه الأراضي لكونها "أملاك غائبين" وتدعي بأن البيوت بملكية جلانتي * العشرات من المستأجرين العرب المحميين مهددين بإخلائهم من منازلهم

اللجنة الشعبية للسكن والمسكن في حيفا تتصدى لمخطط توطين المستوطنين في الحليصة..
عقدت اللجنة الشعبية للسكن والمسكن في حي الحليصة بمدينة حيفا، الأربعاء الماضي، اجتماعا بهدف التصدي لمخطط أفراهام جلانتي، وهو رجل اعمال من تل أبيب، الذي يتضمن إخلاء عرب من حي الحليصة، وتوطين مستوطنين مكانهم، بعد أن ادعى أنه يملك 60 منزلا في الحي على الأقل.

وكان المستثمر نفسه قد تمكن بتاريخ 24/02/2009، وبمساعدة قوات الشرطة المدججة، والتي تجاوز عدد أفرادها 250 شرطيا، من احتلال حي "الحليصة" وإخلاء افراد عائلة أبو شملة التي تعرض أفرادها للضرب المبرح ولمحاولة إخلاء عدد من العائلات العربية من منازلهم.

ويهدد جلانتي الذي لا يستطيع أن يثبت ملكيته على الشقق بعملية إخلاء جماعية قريبة، وتوطين مستوطنين في البيوت فوراً عقب إخلاء السكان المحميين العرب، وذلك أن المستوطنين هم الوحيدون المستعدون للسكن في منازل عربية بحي الحليصة ودفع أموال طائلة لتحقيق أهدافهم لتهويد حيفا كما يحصل في الأحياء العربية في المدن المختلطة من خلال البؤر الاستيطانية كالتي أقاموها في عكا، يافا، القدس، اللد والرملة.

المثير للجدل هو أن رجل الأعمال المذكور رغم أنه لا يستطيع أن يثبت ملكيته على هذه الشقق كونه لا يملك عقود ملكية، وذلك لأن هذه العمارات التي تقع في شارع رازيئل، العمارات 4 و6 و6 ب، وفي شارع جوش عتصيون العمارة (23 أ ) تعتبر "أملاك غائبين"، وما يسمى بـ"دائرة أراضي إسرائيل" تمتلك هذه الأراضي، وتدعي أيضا بأن البيوت بملكية جلانتي، مما دفع المحكمة إلى قبول أحكام النقض التي تقدم بها جلانتي ضد السكان المحميين الذين توجهوا مرارا للقضاء ليثبتوا حقهم كـ "مستأجرين محميين".

اللجنة الشعبية التي تشكلت قبل حوالي خمسة شهور فور احتلال حي الحليصة وإخلاء عائلة "أبو شملة" من منزلها وتهديد العشرات من المستأجرين المحميين العرب بإخلائهم من منازلهم، ومنذ تاريخ 24.2 باشرت بالمفاوضات مع السيد جلانتي وانبثقت لجنة مفاوضات عن اللجنة.

ويقول المحامي وليد خميس وعضو بلدية حيفا أحد هؤلاء المفاوضين: "طرحنا على جلانتي إمكانيات مختلفة للتوافق على حل، منها بيع البيوت لسكانها (في حال تثبيت ملكيّته) أو تثبيت السكن المحمي ودفع كل المستحقات أو الموافقة على تعيين وسيط قانوني بين الطرفين. لكن المثير للجدل هو أن جلانتي صرح أخيرا لكل من وليد خميس عضو لجنة السكن والمسكن ويوآف بار الناشط السياسي وعضو لجنة حي الحليصة بأنه غير معنيّ بالحل التوافقي، وكشف عن خطته القيام بعملية إخلاء جماعية وتوطين مستوطنين في البيوت فوراً عقب إخلائها.

ويضيف خميس أن هذا الشخص هو رجل أعمال، ويعلم أن هنالك طلباً من قبل المستوطنين لاقتناء منازل في الأحياء العربية وتحديدا بالمدن المختلطة، ولذلك فقد تكون فرصة بالنسبة له لجني مكاسب مادية طائلة.

ويحذر من جهتها أمير مخول، المدير العام لاتحاد الجمعيات العربية "اتجاه" ورئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات"، هو أيضا عضو اللجنة الشعبية للسكن والمسكن، مما يجري على مستوى الدولة برمتها من خلال مخطط لتوطين المستوطنين في الأحياء العربية في المدن المختلطة. ويقول:"كنا نأمل أن تحل القضية من خلال الجانب القانوني، لكن هنالك العديد من الفجوات خاصة بالنسبة لموضوع الملكية. كما أن مجابهة "دائرة أراضي إسرائيل" للمستثمر المذكور تقلل من إمكانيتنا القانونية".

ويتابع مخول: "نحن نعتمد الآن على إرادة الأهالي العرب سواء في الحليصة وغيرها للتصدي لمخطط الإخلاء الوشيك. وللأسف لقد نجحوا في المرة السابقة بالإخلاء، لكن عائلة "أبو شملة" عادت إلى منزلها فور الإخلاء.

وأضاف أنه "يجب ألا ننسى أن مخطط توطين المستوطنين هو نموذج يمتد من القدس وحتى حيفا وعكا، وأهالي الحليصة قادرون على التصدي لهذه المخططات. وحتى لو كان المواطنون العرب في الحليصة ضعفاء اقتصاديا، إلا أن الاعتماد هو على قوة الإرادة لنؤكد على وجودنا في هذا الحي".

ويؤكد الناشط السياسي يوآف بار، عضو لجنة حي الحليصة واللجنة الشعبية للسكن والمسكن، على استمرار المسار القانوني رغم فوز جلانتي في معظم أحكام النقض التي تقدم بها، بالإضافة إلى المسار الشعبي لمنع تكرار ما حصل لعائلة أبو شملة من اعتداء ومصادرة أملاك وترهيب حي بأكمله من خلال الزج بالمئات من رجال الشرطة والملثمين واقتحام البناية المذكورة وإغلاق الحي بأكلمه.

ويقول: "قد لقينا دعمًا من "مشروع المرافعة القانونية" في كلية الحقوق في جامعة حيفا، وسيقدّمون باسم السكان إلى "إدارة أراضي إسرائيل"، التي تسجل هذه الأراضي على اسمها، مطالبة بتوضيح موقفها وكشف كل الأوراق المتعلقة أمام السكان المتضررين وتحمّل مسؤولياتها أمام القانون والعدالة".

ويضيف: "لقد قمنا بتجميع أرقام هواتف مئات الأشخاص الذين هم على استعداد للتصدي لإخلاء لأي عائلة محمية من منزلها، وهذه المرة إذا تكرر مشهد 24.2 سيكون بالمرصاد المئات من الأهالي للتصدي لهذا المخطط المجحف".

ويؤكد بار على أن القضية ليست داخلية ولا تقتصر على الحليصة فحسب، بل إن الخطورة تكمن في إدخال هؤلاء المستوطنين إلى كافة الأحياء وبشكل خاص للأحياء العربية، ولذلك يجب على جميع أهالي حيفا التصدي لهذه المخططات الخطيرة

وكانت اللجنة الشعبية للسكن والمسكن قد أخذت منحى إيجابيا خلال الاجتماع الأخير، خاصة بعد أن انبثقت عدة لجان عنها تعمل بمسارات مختلفة وتتألف من مواطنين عرب ويهود ومن كافة الأحزاب والحركات السياسية، حيث أكد القائمون على اللجنة بأن المشهد الذي حصل في شباط/ فبراير الماضي لن يتكرر مرة أخرى في الحليصة، ولن يتم السماح لمستثمر مشكوك بملكيته بإخلاء أهالي الحي الأصليين لتوطين مستوطنين لن يتورعوا عن إثارة المشاكل ومضايقة السكان العرب.

ويلخص المحامي وليد خميس: "لا نزال نحاول التوصل لحل توافقي مع السكان والمستثمر رغم معارضة الأخير، عملنا الآن في عدة مسارات سواء محلية وقطرية. ويجب على بلدية حيفا وقائدة شرطة حيفا أن يتخذوا موقفا لكي لا يتكرر المشهد الذي حصل في 24/02/2009. أما على المستوى القطري فسنتوجه للجنة المتابعة العليا والجمعيات الأهلية الحركات والأحزاب السياسية المختلفة لكون القضية تأخذ أبعادا مختلفة كقضية توطين المستوطنين في الحليصة التي يجب أن نتصدى لها بكل قوانا. وقضيتنا الأساسية هي عدم إخلاء المواطنين الأصليين من منازلهم".

التعليقات