"المجلس التربوي خطوة متواضعة جدًا نحو الإدارة الذاتية"..

البروفيسور أمارة: جهاز التعليم العربي لايتمتع بأي نوع من الاستقلالية لأنه يرتبط عضويا بجهاز التعليم الرسمي إلى جانب تدخلات الأذرع الأمنية لضبطه والتحكم به وفق رؤية معينة"..

في أعقاب الإعلان عن تشكيل المجلس التربوي المنبثق عن لجنة متابعة التعليم العربي والجدل الدائر حول عددٍ من المسائل التنظيمية والفكرية المتعلقة بعمل المجلس وارتباطاته، أكد رئيس المجلس التربوي بروفسور محمد أمارة على استقلالية عمل المجلس بالقول: „في المرحلة التأسيسية من الناحية التنظيمية هناك ارتباط مع لجنة قضايا التعليم ولجنة رؤساء السلطات المحلية، ولكن من الناحية الفكرية والعملية فإن المجلس يتمتع باستقلاليته التامة”.


أكدّ بروفيسور محمد أمارة في حديث خاص بعد انتخابه رئيسًا للمجلس التربوي المنبثق عن لجنة متابعة قضايا التعليم أنَّ "المجلس هو بالأساس إطار مهني، ونسعى لأن يشكل مرجعية مهنية للمجتمع العربي كافة ولا يوجد استثناء لأي فئة، وسنسعى جاهدين لعملية تشبيك في إطار عملية تنسيق حقيقية وفعلية مع لجنة المتابعة العليا لشؤون عرب الداخل ومع كافة الحركات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بشؤون التربية والتعليم. لكننا من الناحية المهنية نحن مستقلون تمامًا ومن يريد استعمال نتاجاتنا ومواقفنا والدفع بها سياسيًا قدمًا فنحن نرحب به".

وحول أجندة ورؤية المجلس الإستراتيجية والإمكانيات العملية المتاحة في ظل سياسة التمييز القومي، أجاب بأنه ليس على القاصي والداني ما يعانيه التعليم العربي من إشكاليات بما فيها التحصيل المتدني. كما أنَّ هناك إشكالية كبيرةً متصلة بالمنظومة القيمية، إضافة إلى أن المحاولات مع وزارة التربية والتعليم عبر السنين لم تأتِ بالتغيير المرجو لأننا نختلف مع المؤسسة حول المنظومة القيمية وحول دوائر الانتماء التي نريد التي ننميها ونرسخها لدى طلابنا.

وأوضح أنه على سبيل المثال الهوية الجمعية العربية الفلسطينية، فهي إما مغيبة أو مشوّهة في المناهج التعليمية، والكتب التدريسية ولا تلبّي حاجات الطالب العربي الأساسية حول ماهية هويته، فمسألة المواطنة الجوهرية لا تأخذ حقها في منهاج التعليم الرسمي، وهناك حديث عن المواطنة الشكلية المنقوصة والمشتقة من رحم رؤية الدولة اليهودية الصهيونية، والمعنى أن الطالب العربي يجب أن يفهم أن حقوقه منقوصة وحدوده واضحة في هذه الدولة، وأن لا سبيل إلى مساواة حقيقية، وأن دوائر الانتماء لا تجد لها سبيلا في جهاز التعليم العربي، وإن وجدت فهي لاتعبر عن شخصيته الفردية ولا عن شخصيته الجمعية، وهذا غيض من فيض.
وحول ما هو أبعد من تغييب الرواية التاريخية والوطنية في مناهج التعليم الرسمي وتداعياتها على المستوى الثقافي والاجتماعي كجزء من منظومة قيمية متكاملة، يوضح د.أمارة بالقول: „إنَّ هناك منظومةً قيميةً ليست فقط تاريخية وسياسية، إنما أيضا اجتماعيه أسماها أمارة بالرواية الاجتماعية „والتي لاشك في أنها ترتبط عضوياً بالرواية التاريخية السياسية، ويعني انتقالنا من مجتمع تقليدي إلى مجتمع ميزاته حداثية وتقليدية، لكنه يعاني من أزمات كثيرة تنعكس على المستوى المجتمعي، وتفرز ظواهر سلبية مثل العنف والفقر والبطالة والجريمة الأمر الذي يزيد من حدة الإشكاليات لدرجة الأزمة، وتجعلنا نتساءل اليوم هل المدرسة العربية مؤهلة اليوم للتعامل مع هذا الواقع مع الرواية الاجتماعية بفاعلية؟”.

ويؤكد أمارة على أنه „لا توجد رؤية في جهاز التعليم العربي للتعامل مع هذه القضايا ولا آليات ولا استراتيجيات، وكذلك فإن المعلم العربي لم يؤهل لأن يتعامل مع هذه القضايا والمسائل إذ هنالك إشكالية في التعامل مع الرواية الاجتماعية والرواية التاريخية السياسية التي تؤثر على نماء وتطور الطالب والتي بدورها تؤثر على البيئة التعليمية، وبالمحصلة النهائية فمن أراد تحسين التحصيل العلمي فلا بد من أن يكون هناك تعامل جدي مع الروايات المذكورة وهنا يكون دور المجلس التربوي بصفته إطاراً مهنياً.”

وحول الأدوات والآليات التي ستعتمد في عمل المجلس التربوي والعلاقة مع المؤسسات ذات الصلة أشار أمارة بالقول: „سنقوم بإسماع صوت نقدي جماعي للسياسات التربوية المؤسساتية وسنتبع أدوات مختلفة للتأثير في منهاجيه عمل توعوية محليًا وقطريًا للتأثير على السياسات، وكذلك سنطرح البدائل، ولن نكتفي بالموقف النقدي منها، وكذلك سنشرع بإجراء أبحاث تطبيقية لتكون رؤانا وعملنا مبنية على أرض صلبة.”

أما حول ما يسمح للجان أولياء الأمور بإدخال تعديلات على المناهج بنسبة 25 بالمائة من المنهاج الرسمي وعدم استغلالهم لهذا الحيز، أضاف أن „استغلال هذا الحيز يكون بشكل عام عندما تكون المدارس تنتمي إلى طبقات عليا ووسطى حتى في المجتمع اليهودي. أما في المدارس العادية ولانشغال الأهل بالأمور الأساسية فلا يستغلون هذا وإما لايعرفون حقوقهم في ذلك، وفي هذا الشأن يجب أن يكون للجنة أولياء الأمور دور، وكذلك لجنة قضايا التعليم العربي والسلطات المحلية وأقسام المعارف فيها وفي هذه القضية بالذات فإن هذه المؤسسات تقع عليها المسؤولية الكبيرة”.

وفي ردٍ على ما إذا كان تشكيل المجلس التربوي يعبرّ عن خطوة نحو الاستقلال الذاتي الثقافي، قال إن هناك من تحدث عن إدارة ذاتية للتعليم العربي، وطبعا فإن الفكرة لم تأت من فراغ لأن هناك أيضا إدارة ذاتية لليهود المتدينين والمتشددين، وجهاز التعليم العربي لايتمتع بأي نوع من الاستقلالية لأنه يرتبط ارتباطا عضويا بجهاز التعليم الرسمي إلى جانب تدخلات الأذرع الأمنية في جهاز التعليم العربي لضبطه والتحكم به وفق رؤية معينة.

وأضاف "لكن نحن العرب لنا الحق الجماعي لإبراز خصوصيتنا الثقافية والقومية والتربوية إذ أن أهل مكة أدرى بشعابها ونحن فاهمون ومدركون لقضايانا وحقوقنا، وتربيتنا أفضل من أي جهة أخرى، لذلك فالإدارة الذاتية واستقلالية القرار تستطيع أن تلبي هذه الحاجات التي ضمنتها الحقوق الدولية أيضا، وهنا بيت القصيد فالدولة لا تريد إدارة ذاتية للعرب لأنها تخاف من هذه الاستقلالية .”

التعليقات