مظاهرة يافا الاحتجاجية: "يافا تضع الضواحي في المركز، والسكن أولاً"

النائبة حنين زعبي: المشترك بين يافا والعراقيب وجنين أكبر من المشترك بين يافا وروتشيلد

مظاهرة يافا الاحتجاجية:

انطلقت مساء أمس السبت، 27.08.2011، في مدينة يافا المهجر أهلها، مسيرة احتجاج شعبية وشبابية، ثنائية القومية، تحت شعار "يافا تضع الضواحي في المركز، والسكن أولاً"، وقد شارك فيها المئات من العرب واليهود، وسيطر على مشهدها حضور الفئة الشبابية، إذ شاركت حركة الشبيبة اليافية فيها، بالإضافة إلى مشاركة كبيرة من أعضاء (أشود)، اتحاد الشباب الوطي الديموقراطي، وهو الذراع الشبابي لحزب التجمع الوطني.

وكان المنظمون أعلنوا سابقا أن تنظيم هذه المظاهرة يأتي "لرفع صوت يافا المختلف عن صوت روتشيلد، بسبب السياسات العنصرية التي يعاني منها العرب."

وشارك في المظاهرة عدد من القيادات العربية في الداخل الفلسطيني وأعضاء كنيست عربا، كان من بينهم د. جمال زحالقة، وحنين زعبي، عن التجمع الوطني، وسكرتير التجمع عوض عبد الفتاح، ومحمد بركة، عن الجبهة، وسكرتيرها أيمن عودة، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الحركات الشبابية والطلابية واللجان الشعبية وممثلي الخيام، والحركات اليهودية المتضامنة مع حقوق الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل، ومع عدالة قضيتهم الفلسطينية.

انطلقت المسيرة من قرب ملعب "بلومفلد" وانتهت في "حديقة الغزازوة"، حيث أقيم هناك مهرجان ختامي خطابي وفني.

وتخللت شعارات تؤكد على "العدالة الاجتماعية"، و"الحق في الأرض والمسكن"،  و"مبدأ المواطنة الحقيقية القائمة على المساواة التامة"، و"إنهاء الاحتلال"، وضد سياسات الأبرتهايد والتمييز العنصري بحق المواطنين العرب، وحق السكان العرب بشكل عام، وأهالي يافا بشكل خاص، بحياة كريمة، وأراض ومساكن لائقة وكريمة، وإيقاف هدم البيوت، والتهويد، وسياسات الاخلاء والشتريد، كما لم يكن اللاجئون الفلسطينيون غائبين في الشعارات، فانطلقت شعارات مثل "عودة، حرية، كرامة وطنية"، وأخرى تؤكد على العودة إلى البيوت المهجرة والأراضي المغتصبة من أهلها، وغيرها.

ورقة موقف ومطالب شعبية

افتتحت المهرجان وتولت عرافته، الناشطة هناء عموري من يافا، عضوة "دارنا" - اللجنة الشعبية للحفاظ على الأرض والمسكن في يافا، ومن الناشطات المركزيات في خيمة الاعتصام الخاصة بيافا.

توجهت عموري بالشكر إلى جمهور المشاركين، مرحبة بالجماهير العربية التي جاءت من الجليل والمثلث والنقب لدعم أهالي يافا في نضالهم الحقّ والعادل، وخصوصًا ممثلي اللجان الشعبيّة وخيام الاحتجاج في القرى والمدن العربية.

كما توجهت بالشكر إلى من استجاب من الشارع اليهودي لنداء يافا، وجاء ليدعم ويتضامن قضايا أهلها، وقد تحدثت عن حالة يافا العينية، ومعاناتها فيما يتعلق بالأرض والمسكن، والمشكلات التي تواجه أهلها مع البلدية والحكومة والشركات الخاصة، والتي أقيمت خيمة الاعتصام لتعبر عنها ولتعارضها وتطالب بحلول من أجلها.

وبينت عموري أن خيمة الاعتصام خرجت بورقة موقف ومطالب بالنسبة لقضايا الأرض والمسكن، وعلى رأسها بناء مساكن شعبية، ووقف أوامر الهدم والإخلاء، وبناء خطط هيكلية عادلة.

يذكر أن خيمة الاعتصام في يافا، تقع في محورها اللجنة الشعبية في المدينة، بالإضافة إلى البعض من سكان يافا اليهود، ويهود تل أبيب، وهي خيمة نضال مشتركة عربية – يهودية.

"أعضاء الكنيست العرب قيادة حقيقية لا تخجل من أن تتواجد في الشارع في هذا الوقت"

بعد هناء عموري، تحدث سامي أبو شحادة، عضو المجلس البلدي تل أبيب - يافا، وعضو اللجنة المركزية للتجمع، وهو أحد النشطاء المركزيين في خيمة الاعتصام، فقال إن مشاركة أعضاء الكنيست العرب في المظاهرة اليوم، "يشير بوضوح إلى ما هي القيادة الحقيقية، والتي هي موجودة مع الناس دائما في الشارع"، مبينا أن "غالبية أعضاء الكنيست من الشارع الاسرائيلي، وبعض العرب، يخجلون من النزول إلى الشارع، لأنه لا يمثلون شارعهم بشكل حقيقي، أما أعضاء الكنيست العرب فينزلون إلى الشارع وبقوة، لأنهم ممثلين حقيقيين لجمهورهم، ومرحب بهم."

وأكد أبو شحادة أنه "لا يوجد نضال أهم أو أشرف من النضال من أجل العدالة الاجتماعية، وهذا النضال سينتصر لأننا نناضل من أجل عدالة اجتماعية للجميع، من أجل السكان العرب في دولة إسرائيل، ومن أجل السكان اليهود أيضًا، مواطني دولة إسرائيل"، مركدا أن الفئات "الأحق والأجدر بهذا النضال هم العرب الفلسطينيون داخل دولة إسرائيل، واليهود المستضعفين فيها، لأن أعلى نسب الفقر موجودة في صفوف هذه القطاعات."

وحول شعار المظاهرة قال: "السكن أوّلا هو شعارنا، لأن كل الأمور الأخرى في حياتنا تبأ من البيت، التعليم، والثقافة، وبناء النفسية السليمة، وكل الأمور الهامة الأخرى، ولذلك نحن نضع مطالبنا فيما يتعلق بالأرض والمسكن على رأس سلم المطالب لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية."

البعد التربوي للاحتجاجات

وأوضح أبو شحادة البعد التربوي لحركة الاحتجاج، مبينا أن "حركة الاحتجاج الاجتماعية التي انتشرت بقوة في الشارع الاسرائيلي، ليست فقط حركة مطلبية، إنما هي أيضًا حركة احتجاج تربوية، فنحن كمواطنين نتعلم يومًا بيوم كيف نحارب من أجل حقوقنا، وما معنى أن تكون العدالة الاجتماعية متوفرة لجميع المواطنين في الدولة، خرجنا إلى الشوارع لنتظاهر ونحتج ونناضل من دون تفرقة عنصرية على أساس ديني، أو جنسي، أو مذهبي أو أي فوارق أخرى."

ووجه أبو شحادة كلامه إلى حكومة إسرائيل قائلاً: "نناضل منذ سنوات طويلة من أجل قضايا الأرض والمسكن، ولنا مطالب عادلة، على حكومة إسرائيل أن تلبيها، لأن هذه الأزمة حدثت بسبب تجاهل حكومات إسرائيل المتعاقبة لمطالبنا العادلة، ولذلك فالمسؤولية ملقاة على عاتق حكومة نتنياهو، والحكومات السابقة له"، وأضاف: "نرفض أن تستمر هذه الحكومة بالكذب على المواطنين بكل الادعاءات المتعلقة بالسوق الحر، فعندما تخلق السوق الحرة ظلما، أو غبنا معينا، فإن دور الحكومة يكمن في إصلاح هذا الظلم أو الغبن، وليس إضافة ظلم آخر فوق ظلم."

إلغاء الضرائب عن شراء البيوت.. وزيادة حجم النضال في القرى والمدن العربية

وحول الحلول العملية الأولية قال أبو شحادة: "إن التعامل مع قضية الأرض والمسكن ليس بحاجة إلى سنوات من العمل أو أبحاث جديدة، القضية واضحة والمطالب عادلة، حكومة إسرائيل تستطيع أن تخفض أسعار البيوت خلال عدة أيام بمجرد إلغاء الضرائب عن شراء البيوت.. وعلى الأقل على شراء البيت الأول."

وفيما يتعلق بالنضال في الوسط العربي أضاف أبو شحادة: "نضالنا الذي بدأ منذ حوالي شهر بشكل مشترك، هو أول الطريق، كان لدينا عدة إنجازات حققناها، ولكن من أجل أن يصل هذا النضال إلى تحقيق مطالبنا جميعًا وبالتساوي، علينا الاستمرار به وبقوة أكبر، خاصة بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، ويجب أن تزداد خيام الاعتصام في الوسط العربي."

هذا وتحدثت بعد أبو شحادة ناشطة يهودية مركزية من جنوب تل أبيب، وتحديدًا من حي التكفا، والذي يعبتر من أحياء الفقر في المدينة، فتطرقت إلى القضايا المشتركة الجامعة بين يافا وأي بلد عربي، وبين أحياء جنوب تل أبيب، مثل هدم البيوت وأوامر الإخلاء، مبينة أن هذه مصالح مشتركة تجمع الجميع، وأنه لا بد من أن "نناضل معا ضد أوامر الإخلاء وهدم البيوت، وهذا النضال نضال طويل، ولا بد من التعاون الدائم بين يافا وأهلها والأماكن الأخرى."

أين سكان يافا العرب، الأولى بالنضال والاحتجاج؟

كما تحدث الناشطة وفاء أبو شميس، والتي تسكن في خيم الاعتصام في يافا منذ ثلاثة أسابيع، برفقة زوجها صبحي أبو شميس وأولادها الثلاثة، وهم من المركزيين في الخيمة ونشاطاتها وتحديد أهدافها،

وقد وجهت أبو شميس كلمتها لسكان يافا العرب، متساءلة عن سبب تغيب الأهالي عن الخيمة، وعن عدم وجود العدد الكافي من الناس، مبينة أن أغلب سكان يافا يعانون من مشكلات في الأرض والمسكن، مطالبة إياهم بالمشاركة الكبيرة والفعالة، حتى يكونوا قوة ضغط على المؤسسات الاسرائيلية للاستجابة لمطاليهم، كما طالبت كل المؤسسات والجمعيات والأحزاب والأفراد في مدينة يافا، لدفع النضال في خيمة الاعتصام إلى الأمام، وتحدثت عن أهمية الوحدة والعمل المشترك.

إثر الكلمات، قدم كل من الفنانين الاسرائيلي، يائير دلال، والعربي ابن مدينة يافا، إلياس وكيلة، فقرة غنائية فنية، وقد اختتم وكلية فقرته بإنشاد النشيد القومي العربي "موطني" بمشاركة الجمهور.

كما قدم كل من الفنانين الشابين علي السعدي وآمنة، من مدينة اللد، فقرة أغاني راب، غنوا فيها أغاني حول مشكلات الأرض والمسكن التي يعاني منها العرب في إسرائيل بشكل عام، وأهالي اللد بشكل خاص.

حنين زعبي: المشترك بين يافا والعراقيب وجنين أكبر من المشترك بين يافا وروتشيلد

وفي حديث مع عضوة الكنيست عن التجمع الوطني حنين زعبي حول المظاهرة والمشاركة بها في مدينة يافا، قالت: "يافا هي المرشح الأمثل لأن تجسد النضال ثنائي القومية من أجل عدالة سياسية واجتماعية، والمبني أساسا على أن المشترك بين يافا، والعراقيب، وجنين، هو أكبر بكثير من المشترك بين يافا وروتشيلد، أو بين يافا وسديروت، وهذا هو منطق مظاهرة ونضال سياسي تستطيع يافا أن تقوده، مرتكزة على مكانتها التاريخية، وعلى مخطط حاضر من التطهير العرقي للفلسطينيين.. وكان هذا أصلا منطق الخيمة ثناية القومية، التي ساهم في إقامتها سامي أبو شحادة، ممثل التجمع في البلدية، ونشطاء آخرون يشاركوننا هذا التوجه."   

وحول بعض الشعارات والخطابات علقت زعبي: "على خلاف ذلك، فإن الخطابات النهائية وبعض الشعارات، محت الفوارق بين (العجمي)، مخطط التفريغ العرقي للفلسطينيين، وبين حارة (هتكفا) في يافا، حيث تحرص الدولة على إسكان اليهود فيها، وليس تفريغهم، لكن دون إعطائهم الدعم المالي الكاف لذلك، وذلك على الرغم من أنه كانت هناك شعارات حول يافا العربية، وحول أننا لن نترك لا يافا ولا العراقيب."

"حركة احتجاج بديلة تعيد السياسة للجمهور بدل مظاهرات تصر على مصادرة السياسة منهم"

وأضافت: "بالتالي، فإن جبهة ثنائية القومية لنضال من أجل عدالة سياسية، هذا ما لم تكنه يافا في الأمس، وكانت هذه فرصتنا لكي ننجح في فرض صوت مواز لعدالة هاربة من السياسة، وعلى المنظمين -الفلسطينيين بمعظمهم- والناشطين المركزيين، أن يعيدوا النظر في التنازلات التي من الحكمة ألا تقدم في سبيل نيل رضى من تمثلهم روتشيلد تمام التمثيل؛ وهذا ليس فقط لكي نبرز اختلافنا عن حركة احتجاج تحتكم لإجماع صهيوني، بل بالأساس لكي ننتج حركة احتجاج بديلة، تعيد السياسة للجمهور، بدل مظاهرات تصر على مصادرة السياسة منهم."

وقال زعبي أيضًا: "نحن لا نحكم على الأمور بجمودها بل بديناميتها، والمتضامنون اليهود معنا، ينتظرون منا نحن الفرصة لإنتاج هذا النضال البديل، وهم حاضرون للانضمام، لا أتحدث عن آلاف، لكن المئات لنضال حقيقي يعترف بمكانتنا كأصحاب وطن، المئات التي حضرت معنا، قبل موجة الاحتجاج هذه، في اللد والرملة والعراقيب، وبلعين والشيخ جراح، يشكلون حركة تضامن، التي كان بعض أعضائها يسجنون من أجل نضالهم على حقنا في وطننا، وليس في المسكن فقط، وحتى هم ينتظرون منا أن نبدأ نحن بنضال (صحيح)، وبالتالي فالمسؤولية تقع علينا، كفلسطينيين، لتوجيه دفة الخطاب الاجتماعي لخطاب سياسي أكثر ارتباطا بالواقع وبالتاريخ معا، ودعوة الآخرين للانضمام لهذا النضال، وليس أن يتم احتواؤنا نحن في الخطاب نفسه الذي هو سبب قهرنا."

وحول دور الشباب اختتمت زعبي بقولها: "شباب التجمع، وشباب من خطوة، والحركات الشبابية الأخرى، هم المرشح لحمل هذا الخطاب البديل، ودون هذا الخطاب، وحمله بشكل واضح، لا مكان لنضال مشترك، حتى لو خسرنا الكثيرين ممن شاركوا بالأمس."   

التعليقات