إضراب يوم النكبة أسقط مقولة «شعبنا غير جاهز»

دافعت في مقال عن موقف محمد زيدان قبل أكثر من سنة حين قاطع مائدة إفطار بيرس ويشاي في أوج هدم العراقيب ومخططات الهدم والمصادرة في وادي عارة حين شنّ بعض رؤساء السلطات المحلية هجومهم عليه، وقراره كان صائبًا بوجهة نظري حينها.

إضراب يوم النكبة أسقط مقولة «شعبنا غير جاهز»

رغم النجاح اللافت للإضراب التاريخي في ذكرى النكبة، تأكيدا على التمسك بحق عودة للاجئين والمهجرين، لم يكن خافيا على أحد، أن قرار الإضراب العام الذي اتخذ في اجتماع لجنة المتابعة يوم 12ايار/ مايو الجاري، لم يلق استحسان ممثلي الجبهة الديمقراطية، كما شكّكت أطر خاضعة لها في شرعية القرار، ورغم إعلانها الالتزام به وتسجيل تحفظات عليه، إلا أنها لم تأخذ الأمر على محمل الجد ولم تحرك ساكنًا لإنجاحه، لا بل لعبت هي وبعض وسائل الإعلام المحلية دورًا سلبيًا للنيل من معنويات وعزيمة الجمهور.

 


 اتخذ قرار الإضراب بحضور سكرتيري الأحزاب والحركات السياسية وباقي مركباتها التي أعلنت التزامها الوحدوي بتنفيذ القرار، وبمشاركة ممثلين عن لجنة متابعة قضايا الأسرى ولجنة الدفاع عن المهجرين ولجنة اللجون واللجنة الشعبية في وادي عارة ولجنة الدفاع عن أراضي الروحة وجهات أخرى، لكن الجبهة شكّكت في هذا القرار بتسويغ ان الجماهير غير جاهزة، واعتبرت على لسان سكرتيرها المحامي أيمن عودة بأن هذا العمل هو عمل ارتجالي.

وبادرت قيادة الجبهة يوم الاثنين إلى عقد اجتماع للجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية وبحضور ممثلين سياسيين من قيادة الجبهة لا يمتون للقطرية بصلة، وشهد الاجتماع رفضًا وتشكيكًا بقرار المتابعة، لكن في ختامه لم يكن أمام اللجنة سوى إصدار بيان يدعو إلى إنجاح الإضراب، والتأكيد على أن الاعتبار الأهم لقبول القرار هو "كون قضية إضراب الأسرى والسجناء السياسيين من ابناء شعبنا الفلسطيني عن الطعام، ومعركة الأمعاء الخاوية، في صلب قرار الاضراب"، مسجلا تحفظه على "آلية ودستورية اتخاذ قرار الإضراب"، لكن عمليًا لم تترجم الدعوة لإنجاح الإضراب لفعل، بل تعدى ذلك إلى إطلاق تصريحات تنال من معنويات الجمهور.

عبد الحكيم مفيد: الشعب جاهز بعكس ادعاءات المحبطين
عبد الحكيم مفيد، أحد اعضاء اللجنة المشرفة على تنظيم مهرجان النكبة، عقب على التشكيك بنجاح الاضراب، بالقول:" أنا لم اخف تخوفي من عدم نجاح الاضراب والمهرجان، والقلق هو أمر طبيعي، لكن المشهد الذي غلب عليه حضور الشباب في اللجون اذهلني أبكاني، وهذا الالتزام بالاضراب والحضور، يؤكدان أن هذا الشعب حي ويحتاج لمن يوجهه ويقوده".

وأضاف مفيد "إزاء الادعاء القائل بأنّ شعبنا غير جاهز للإضراب وغيرها من الادعاءات، أقول إن وظيفتنا ودورنا أن نجهز ونقود ونعمل وليس وظيفتنا ان ننشغل بمشاغل صغيرة لاعلاقة لها بالموقف العيني المحدد سواء حول النكبة أو غيرها".

وتابع مفيد أن الشباب أكد أن هناك أمل كبير، على عكس ما يروج له المحبطون الذين يشغلونا بمربع مخصصات "التامين الوطني" وعدد العاملين العرب في الشركات الحكومية والموازنات للسلطات المحلية، أما نحن فلن نبقى هناك في هذا المربع لأن قضايا شعبنا أكبر من ذلك بكثير وأن فاتورة النكبة أهم من فاتورة الكهرباء.

وتابع: "نقول لهؤلاء عليكم إعادة حساباتكم لأنّ ادعائاتكم ثبت بالملموس أنه لا أساس لها من الصحة، ولو كان لدينال وقتا كافيًا لتنظيم مثل هذا الحدث لقال هؤلاء أيضًا أن الجماهير غير مستعدة، وكذلك أقول ان روعة العمل الوطني تكون بالعمل العفوي الصادق أحيانا بمعنى ان العفوية ليست منقصة في كل الأحيان".

وتابع مفيد قائلا: إن شعبنا لم "يُهندس" في معهد الطب التطبيقي"التخنيون" ولا في شركة الميكروسوفت" بل شعبنا لديه مشاعر وأحاسيس وحب وانتماء وحنين لبلاده وأرضه.

واعتبر مفيد ان الجواب كان واضحا وجليا في اللجون ومفاجئا للذين راهنوا على الفشل، واعتقد أنهم اصيبوا بحالة توتر.

كما اشار مفيد الى بعض الاتهامات التي وجهت له ولحركته من هذه الجهات قائلا: "من ضمن ما سمعت أيضا ان المهرجان فيه اشارة لقمع صوت المراة بادعاء ان صوت المرأة عورة وان الجميع يعرف أنني بالحركة الاسلامية قمت بتقديم نساء على منصة اللجون لتلقي قصائد من الشعر واقول يكفي استغباء للناس وامل أن لا يكون صوت فلسطين عورة عند هؤلاء".

مصطفى طه: مهمة القيادة الحقيقية أن ترفع جاهزية الناس لا أن تبث الإحباط في نفوسهم
من جانبه اعتبر نائب أمين عام التجمع، مصطفى طه، أن إعلان الإضراب العام في ذكرى النكبة الرابعة والستون للمرة الأولى لفلسطينيي الداخل له مدلولاته السياسية واضحة المعالم وهو يشير إلى دالة تصاعدية في منسوب الوعي الوطني من ناحية وإلى استمرار حالة كسر حاجزي الخوف والصمت اللذان كُسِرا إلى غير رجعة بعد هبة أكتوبر سنة 2000، ومع هذا فإن مثل هذه المحطات الهامة في تاريخ شعبنا الفلسطيني تؤدي إلى فرز واضح بين عقليتين من خلال النقاش الذي تحتد صورته في كل مرة في اجتماعات لجنة المتابعة العليا كما كان عشية إحياء ذكرى النكبة حول قرار الإضراب العام، وكما كان قبل أقل من شهرين عشية ذكرى يوم الأرض الخالد.

وأضاف طه: شاركت في اجتماعات لجنة المتابعة عشية يوم الأرض، وكان المزاج العام السائد هناك لجميع القوى السياسية داعمًا للإضراب العام باستثناء الجبهة واللجنة القطرية للرؤساء، ومع هذا لخص أبو فيصل القرار بعدم إعلان الإضراب العام وكتبتُ حينها افتتاحية صحيفة فصل المقال تحت عنوان "قرار خاطئ" انتقدت فيها هذا التلخيص وسجلت موقفي النقدي هذا في بروتوكول جلسة المتابعة بحضور رئيسها، ومع هذا التزمنا بالقرار ووضعنا كامل طاقتنا لإنجاح الفعاليات التي أقرت في لجنة المتابعة العليا.

عاد هذا النقاش على نفسه عشية ذكرى النكبة، وعاد الفرز ذاته بين مركباتها لتكون جميع القوى السياسية داعمة لإعلان الإضراب العام باستثناء الجبهة واللجنة القطرية للرؤساء التي أصدرت موقفًا يلتزم بقرارات لجنة المتابعة رغم تحفظها من آلية اتخاذ القرار، ولكن للأسف تبيّن أن هذا الموقف جاء من باب رفع العتب وغياب رؤساء السلطات المحلية عن فعاليات اللجون كانت شاهد عيان واضح، وعدم تعميم القطرية للقرار على السلطات المحلية كما تبين لاحقًا واختيار ناهض خازم لقاء وزير الأمن الداخلي في محطة شرطة شفاعمرو في يوم النكبة بالذات، وتصريحات عادل أبو الهيجا رئيس اللجنة المحلية في طمرة في راديو الشمس واختيار قيادات الجبهة والحزب للمشاركة في تل أبيب بدل اللجون وغيرها الكثير من الإشارات والممارسات تدل على أن التزامهم بقرار المتابعة لم يكن أكثر من مجرد تسجيل موقف في أقل تقدير للأسف الشديد.

وتابع: دافعت في مقال عن موقف محمد زيدان قبل أكثر من سنة حين قاطع مائدة إفطار بيرس ويشاي في أوج هدم العراقيب ومخططات الهدم والمصادرة في وادي عارة حين شنّ بعض رؤساء السلطات المحلية هجومهم عليه، وقراره كان صائبًا بوجهة نظري حينها.

وأضاف طه: لجنة الرؤساء هي مركب أساسي في لجنة المتابعة العليا، ولكنها للأسف، وفي معظم المحكات الأساسية، نرى أن سقف "نضالها" لا يستطيع تخطي عقلية الميزانيات بمفهومها المجرّد كأرقام جافة، ومن الواضح أنها ترضخ للضغوطات التي تشكلها الجهات الرسمية عليها بما فيها التي تعمل في الخفاء للأسف الشديد – وحان لهذا النهج أن يُفرز ويفضح، ومن غير المقبول أن تصبح مهمتها الأساسية تفريغ النضال الوطني من مضمونه وبث الإحباط باسم الواقعية التي لا تفهمها إلا من باب التسليم لهذا الواقع بما فيه من هوان، ومن غير المقبول بعد اليوم أن تبقى القطرية وكأنها ذراع من أذرع الحزب الشيوعي وجبهته وعليه يجب الإسراع بإعادة هيكلة لجنة المتابعة من جديد، بما فيه انتخاب هيئاتها ولجانها الفرعية لتصبح هيئة قيادية لا تمثيلية فقط.

وتابع: ولكن في النهاية تم الفرز، وقرار الإضراب العام في ذكرى النكبة قرار صحيح ونحيي كل من دعمه وعمل على إنجاحه وندين بشدة تصرفات لا مسؤولة كفضيحة ناهض خازم وسنسعى ليصبح الإضراب العام في ذكرى النكبة ويوم الأرض هو الموقف في كل عام وعدم الإضراب هو الاستثناء، ومهمة القيادة الحقيقية أن ترفع جاهزية الناس لا أن تبث الإحباط في نفوسهم، أو تحبط قبلهم، ولن تسمح القوى الوطنية وشعبنا الأصيل الذي يلتف حولها أن يصبح الإحباط برنامج عمل بعد اليوم.

التعليقات