عرس في عرب التركمان أيام زمان../ د.محمد عقل

بتاريخ 01/06/1947 كان زفاف أربعة عرسان من عرب التركمان المخيمين في أراضي كركور بفلسطين. في حفلة الزفاف أصيب حسين محمد عبد عواد من كفر قرع بطلق ناري أدى إلى وفاته

عرس في عرب التركمان أيام زمان../ د.محمد عقل

بتاريخ 01/06/1947 كان زفاف أربعة عرسان من عرب التركمان المخيمين في أراضي كركور بفلسطين. في حفلة الزفاف أصيب حسين محمد عبد عواد من كفر قرع بطلق ناري أدى إلى وفاته. فيما يلي شهادة شهاب موسى الأحمد مختار عرب التركمان التي أدلى بها في ذلك اليوم في مركز شرطة كركور، وفيها وصف لما كان يجري في الأعراس في ذلك الزمان:

"اليوم كان زفاف ولدي سامي، وابن عمي محمود أحمد المحمد، وصبري ولدي، وأحمد ذيب الأحمد أحد أقربائي. وجرى عقد نكاح المذكورين الأربعة على ثلاث بنات من نفس التركمان، والرابعة من عرب الفقرا لغاية الآن لم نحضرها بعد من عربها. وقد ابتدأ العرس صباح اليوم من حوالي الساعة السابعة والنصف، وحضر العرس ناس كثيرون فوق السبعمائة شخص من القضاء من أمكنة مختلفة: من قرية كفر قرع، ومن وادي عارة، وعرب الشركس والصفصافة، وعرب البصة، وعرب التركمان من المنسي، ومن عرب الزبيدات، ومن قرية أم الزينات، ومن عرب الغوادرة.

"وأذكر من جملة هؤلاء الأشخاص الذين حضروا من كفر قرع اليوم وسَلَّموا عَلَّي: سليمان أبو القوق، وكنهوش العبد الله، ومحمد حسن عيسى مختار القرية، ويجوز أنه حضر أشخاص آخرون من كفر قرع غير أنني ما شاهدتهم، وسعد عبد الرحمن مختار(قرية) وادي عارة وحيدر أخوه وهما أيضاً من كفر قرع. ومن جملة الناس الذين عزمتهم ضمن السبعمائة شخص كثير منهم حضر بدون عزومة لم أعرفهم، وشاهدت مقدار عشرة أشخاص من السبعمائة شخص مسلحين ببنادق صيد مرخصة، وكان الأشخاص المسلحون بتلك البنادق يطلقون النار من بنادقهم ابتهاجاً بالعرس، وجميع الطلقات التي كنت أسمعها كانت طلقات بنادق صيد حسب اعتقادي، وأنا لا أقدر أفرق بين طلقة الجفت وطلقة الفرد أو البارودة.

"وكان العرس منقسماً لعدة فرق بمساحة الأرض التي أمام بيوت الشعر. وتبلغ مساحتها حوالي ثلاثين دونماً: فالبعض كان يدبك، والبعض الآخر كان عند العريس، والبعض جلس في بيوت الشعر، والبعض كان يتفرج على سباق الخيل، والبعض كان يتفرج على رقصة واحدة نُوْرِيِّة تُدعى عزيزة. وبصفتي صاحب العرس كنت أتجوّل بين المدعوين لتقديم الواجبات لهم، وهكذا كانت حفلة الزفاف لغاية حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً، إذ دعوت جميع المدعوين للغداء داخل وخارج بيوت الشعر، وبعد تناول طعام الغداء تفرق المدعوون واستؤنفت الحفلة كما كانت سابقاً وأقوى، حيث ابتدأت زفة العرسان الأربعة الذين ذكرت أسماءهم سابقاً،

"وعندما ابتدأت الزفة من الجهة الجنوبية من بيوت الشعر واتجهت شمالاً كنت أنا مرافقاً للزفة وبخلال ذلك كانت تصدر قواسات كثيرة، وسمعت صياح وضجة وشاهدت الناس يتراكضون لجهة الشمال الغربي بين الخيام، وأنا ركضت من جملة الناس لاستطلع الخبر، وكنت على بعد حوالي ثلاثين متراً بعيداً عن الناس المتجمهرين أمام بيتي... وعند وصولي... شاهدت شخصاً لا أعرفه ولا أعرف من أين هو بل عرفت أنه من كفر قرع مؤخراً وهو ممدود على الأرض والدم ينزف من كتفه وإبطه...إن الشخص الذي تقوّس ليس له علاقة بما يختص بمسألة العرس، وإن عقود النكاح جرت بتبادل حسن وليس بين عرب التركمان وبين أهالي كفر قرع أية عداوة، ولو كان أية عداوة بيننا ما عزمنا على أهل كفر قرع، واعتقد أنه حسب وجداني إن كان ذلك الشخص تقوّس من فرد (مسدس) فيكون ذلك بطريق القضاء والقدر...".

يؤخذ من شهادة الأونباشي زيدان نمر الذي كان من بين المدعوين أن العرس كان مهرجاناً شعبياً كبيراً، أو ما يُشبه الكرنفال، وقد شاهده عن قرب حراس المستعمرات اليهودية المجاورة مثل عين شيمر وكركور رغم أن هؤلاء لم يختلطوا بالعرب، ولم يشاركوا في المراسم، وقد أحضر أحدهم الطبيب روزنبوم من كركور إلى مكان الحادث حيث قدم للجريح الإسعاف الأولي، وجاءت سيارة بوليس ونقلت الجريح إلى المستشفى الحكومي في حيفا حيث تبين لاحقاً أنه فارق الحياة.

سواء حضر الشاب المغدور العرس بدعوة أو بدون دعوة فإن شهاب الموسى اعتبر عشائرياً مسؤولاً عن قتله. والدليل على ذلك أنه جرى في 2/6/1947 عقد هدنة بين أهالي كفر قرع وعرب التركمان بحضور مختاري قريتي عارة وعرعرة ومفتش التحقيق في بوليس الخضيرة ميتلمان ووجهاء المنطقة.

شهادة شهاب الموسى، مختار عرب التركمان، وشهادة الأونباشي تكشفان لنا جوانب مهملة غير أنها مهمة من حياة قبائل عرب التركمان الذين عاشوا في منطقتي كركور ومرج بني عامر، وحياة العرب في منطقة وادي عاره بأسرها.

وأخيراً لا بد من أن نشير إلى أن الوثيقة التي أوردتها علياء الخطيب في كتابها عرب التركمان (ص 265، 211) ليس لها أية صلة بالحادثة التي يرد ذكرها في النص الوارد أعلاه، وقد أخطأت الكاتبة حتى في تحديد عدد العرسان مما اقتضى التنويه به.

التعليقات